من تابع ردود الأفعال على إعلان نتائج الانتخابات العراقية التي فاز بالمركز الأول فيها "القائمة العراقية" برئاسة أياد علاوي، لابد أنه لاحظ الفرحة الواضحة التي أبداها بعض المسؤولين العرب وكذلك بعض القنوات العربية، خصوصاً قناة "العربية"، وهنا لابد أن يتبادر إلى الذهن سؤال عن سر الفرح العربي بفوز قائمة علاوي، فهل كل هذا الفرح هو حبٌّ لأياد علاوي وفكره أم هو بغضٌ للمالكي وما يمثله؟

Ad

وقبل ذلك ما سر المفاجأة المدوية التي حققها علاوي في هذه الانتخابات وحصول قائمته على 91 مقعداً في البرلمان في حين أن قائمته لم تحصل في الانتخابات السابقة سوى على 25 مقعداً، وهو الذي لم يحضر جلسة واحدة في البرلمان العراقي منذ أربعة أعوام. دلائل كثيرة تؤكد أن الانتصار الذي حققه علاوي إنما جاء بدعم مادي قوي من إحدى الدول الخليجية التي لا يروق لها الوضع الحالي في العراق، فوقفت بقوة خلف علاوي لعله يستطيع أن يغير المعادلة، وكان ذلك واضحاً من خلال تغطية إعلامية مجانية مميزة لحملة قائمة علاوي، وهو ما اعترف به علاوي نفسه في لقائه التلفزيوني على قناة "الجزيرة" مع غسان بن جدو.

نتائج الانتخابات العراقية كشفت عن جملة حقائق، كان أبرزها أن البعد الطائفي مازال حاضراً بقوة في الساحة العراقية، فالائتلافان الشيعيان بقيادة المالكي والحكيم حصدا 90% من مقاعد المحافظات الشيعية التسع، فيما لم تتجاوز نسبة مقاعدهم في المحافظات السُنيّة 2%، وفي المقابل فإن علاوي- الذي رغم كونه شيعياً فإنه يتزعم كتلة غالبيتها من المكون السُنّي- فقد حصد 80% من مقاعد المحافظات السُنيّة الأربع في حين لم يحصل إلا على 10% من مقاعد المحافظات الشيعية، وهذه النسبة الضعيفة تعود بشكل كبير إلى ميوله البعثية المعروفة، وهو ما يعتبر خطاً أحمر في المحافظات الجنوبية.

برغم تصدر قائمة علاوي للكتل الفائزة بمقاعد البرلمان العراقي، فإنه من شبه المستحيل عليه أن يصل إلى كرسي رئاسة الوزراء، فرغم الخلاف بين "الائتلاف الوطني" بقيادة الحكيم و"ائتلاف دولة القانون" بقيادة المالكي فإنه عندما تصل الأمور إلى احتمال وصول علاوي إلى رئاسة الوزراء، فإنه لا سبيل أمامهما سوى الاندماج وتشكيل كتلة برلمانية كبيرة قادرة على إبعاد علاوي، لأن وصول علاوي إلى رئاسة الوزراء يعني لدى القاعدة الشعبية للائتلافين عودة البعثيين إلى السلطة، وهو ما لا يمكن أن يسمحا به، وأي تحالف مع علاوي يسمح له بالوصول إلى السلطة يعتبر بمنزلة انتحار سياسي لأي من الائتلافين الشيعيين.

ما يضعف أيضاً من فرص وصول علاوي إلى رئاسة الوزراء هو الاحتمال الأقرب لانضمام الأكراد إلى التحالف الشيعي، لوجود خلاف كبير بين الأكراد ورموز قائمة علاوي حول مسألة كركوك. لذلك فإن تركيبة الحكم في العراق على الأرجح لن تختلف عما كانت عليه في السنوات الأربع الماضية، وهو ما سيحبط مخطط الدول التي سعت إلى إيصال علاوي إلى الحكم.

إن الدول التي صرفت مئات الملايين لإنجاح أياد علاوي لم تدفع هذه الأموال لأجل عيون علاوي، بل لأنه يمثل "أهون الشرين"، وإلا فإن هذه الدول تفضل عودة العراق إلى الحكم الدكتاتوري، لأن عراقاً ديمقراطياً يكون نموذجاً للحكم الديمقراطي وتداول السلطة السلمي في المنطقة يشكل خطراً على أنظمتها الوراثية المستبدة. إذن الموضوع ببساطة "بغضاً لعلي لا حباً في معاوية".