أصدرت مؤسسة البترول الكويتية بياناً بتاريخ 9/5/2010 عما أثارته الصحافة بشأن استيراد الغاز المسال، تذكر فيه «أن الفريق نجح مرة أخرى في الحصول على عقد مدة أربع سنوات بأسعار اقتصادية...»، وأشارت إحدى الصحف المحلية بتاريخ 19/5/2010 إلى أن هذا العقد يوفر على المال العام حوالي 350 مليون دينار كويتي، وبعد مضي أقل من شهرين فقط من توقيع العقود مع شركتي شل وفيتول لاستيراد الغاز LNG تطرح مؤسسة البترول مناقصة لشراء شحنة من الغاز المسال من السوق الفوري، وذكرت الصحف أن شركة MKS فازت بالمناقصة وستسلم الشحنة في أغسطس 2010، ومناقصة أخرى فازت بها شركة BG وستسلم الشحنة خلال الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر 2010، ونتساءل لماذا لجأ رئيس قطاع التسويق العالمي كونه مفوضاً من قبل مجلس الإدارة إلى الشراء من السوق الفوري بعد توقيعه عقدين لاستيراد الغاز المسال وبأسعار اقتصادية تنافسية سيكون لها الأثر الإيجابي على المال العام أكده بيان المؤسسة؟ وكيف توقع المؤسسة عقوداً وبعد مضي شهرين تشتري بأسعار منخفضة؟ هل كانت قراءة المؤسسة لسوق الغاز غير مدروسة بشكل صحيح؟ هل كانت الشركات الاستشارية التي استعانت بها المؤسسة قدمت دراسات ذات مستوى متواضع ولم تتوقع هبوط الأسعار؟ أم هناك تخبط في التوصية وفي اتخاذ القرار؟ يشير البعض إلى أن هناك مرونة في العقدين تتيح للمؤسسة الشراء من السوق الفوري، طالما كانت اسعار الغاز أفضل من اسعار العقود المتفق عليها، وهذا عمل جيد ولكن لماذا ترتبط المؤسسة بعقود طويلة وبأسعار مرتفعة إذاً؟

Ad

ونتساءل مرة أخرى كيف استطاعت شركة MKS وشركة BG الحصول على شحنات الغاز المسال، بينما لم يستطع رئيس التسويق الحصول عليها مباشرة؟ ولماذا تم شراء شحنة واحدة في شهر وشحنة أخرى في شهر آخر، علماً أن متوسط عدد الشحنات الشهرية المطلوبة هي 6 شحنات؟ وهل هناك شروط في العقد تقيد المؤسسة كى تشتري شحنة واحدة من السوق الفوري، أم للتأكد من اتجاه الأسعار؟

من المعلوم أن سوق الغاز الطبيعي المسال LNG يشهد حالياً انخفاضاً في الأسعار، بسبب وفرة الكميات وازدياد مصانع الإسالة حول العالم، وهذا يؤدي إلى وفرة الشحنات في السوق الفوري، إذ الأسعار ما بين 5.0 و5.2 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل الأسعار المتعاقد عليها بين المؤسسة وشركتي شل وفيتول، التي تتراوح ما بين 8.0 و8.10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، كما أشارت الصحف، هذا يعني أن المؤسسة حققت توفير من 15 إلى 18 مليون دولار بشراء الشحنتين، ونسأل مرة أخرى هل أسعار العقود كانت تنافسية وتدعم الاقتصاد الوطني كما ذكر بيان المؤسسة؟ وكيف استطاعت شركة فيتول الوصول إلى البائع الأصلي المالك للشحنة، بينما لم يتمكن رئيس التسويق من الوصول إليه، علماً أن فيتول لا تمتلك حقول غاز أو مصانع اسالة الغاز، بل تشتريه من مصانع إسالة إما مملوكة لشركات نفطية كبرى، مثل شل عندما اشترت فيتول شحنة من مصانع إسالة الغاز لشركة شل في ماليزيا، أو لشركات وطنية مثل بتروناس وقطر للغاز وغيرهما؟ من الخيارات المتاحة للمؤسسة قبل توقيعها مع شركة شل وفيتول كانت هناك عروض لبعض الشحنات الفورية أشارت إليها إحدى الصحف بتاريخ 19/5/2010 من شركة غاز عمان وغيرها، لماذا لم تستفد المؤسسة من تلك العروض في حال انها أسعار تنافسية؟ أين المنطق في اتخاذ هذه القرارات؟ وقد تناولت الأخبار أن قطر للغاز باعت لبنغلادش خلال شهر يونيو الحالي كميات من الغاز المسال تعادل 500 مليون قدم مكعبة يومياً، وقيمة العقد حوالي 1.5 مليار دولار أميركي، ما يعادل 45 شحنة غاز مسال، كما باعت قطر للأرجنتين ودول أخرى، بينما تشير الأخبار إلى أن تلك الدول لا تمتلك الغاز لعرضه بعقود طويلة!! شركة أكسيليريت عند بداية عملها باعت شحنتين من الغاز للمؤسسة، إحداها من دولة ترينيداد والأخرى من مصر باستخدام سفينتين، إحداهما تدعى إكسبلورر والأخرى تدعى إكسبرس، وهما مملوكتان لشركة إكسيليريت، هل نحن فعلاً أمام أزمة إدارة لاستيراد الغاز أم أزمة اتخاذ القرار الصحيح؟ وحسناً فعلت المؤسسة مؤخراً بتشكيل لجنة لتقييم أعمال الغاز المسال، هذه اللجنة برأينا المتواضع، التي تم تشكيلها من رؤساء القطاعات، مع التقدير لهم، بعضهم جديد على قطاعه، واقترح تشكيلها من الإدارة الوسطى ذات الخبرة والمعرفة بإنتاج وتصنيع واستيراد الغاز، وضم آخرين من شركة كوفبيك والناقلات، ويكون هناك تركيز على استكشاف الغاز خارج الكويت وإبعاد آخرين قد تكون استراتيجيتهم، التي اتبعت، تسببت في أخطاء ادت إلى رفع فاتورة استيراد الغاز، وهذا لا يدعم الاقتصاد الكويتي.

* هندسة كيميائية - تخصص تكرير وتسويق النفط