طفت على السطح مجدداً الدعوة إلى تنقيح الدستور، مما أثار ردود أفعال نيابية رافضة للتعديل، ومطالبة بمزيد من الحريات. بعد أن انقشعت غيوم الاستجوابات الأربعة وهدأت رعودها بانتظار تجديد مجلس الأمة الثقة بسمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد في جلستي 16 و17 الجاري على التوالي، خيمت أمس على الساحة السياسية أجواء تأزيمية جديدة تمثلت بطفو قضية تعديل الدستور مجدداً على السطح، والتي أثارها النائب علي الراشد في لقائه مع إحدى الفضائيات المحلية مساء الخميس الماضي. وفي أول ردة فعل على مطالبة الراشد بتنقيح الدستور عبر زيادة عدد النواب ووضع ضوابط تقيد عملية الاستجوابات، شددت كتلة العمل الشعبي على التصدي مبكراً "من دون تباطؤ أو تراخٍ للدعوة إلى تنقيح الدستور وهي الدعوة القديمة الجديدة المشبوهة للنيل من الدستور، التي يؤسفنا أنها صدرت عن أحد أعضاء مجلس الأمة".ودعت الكتلة في بيان أصدرته أمس كل أبناء الكويت، والتيارات السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، والكتل النيابية، وكتّاب الرأي ووسائل الإعلام الحرة "إلى عدم التهاون مع مثل هذه الدعوات وإعلان موقف جماعي صريح وواضح برفضها رفضاً مطلقاً، وفضح أهدافها ومقاصدها الخبيثة، وكشف ما تنطوي عليه من مساوئ ومخاطر".وأكدت أنّ "القوى المعادية للديمقراطية ولنظام الحكم الدستوري ومعها قوى الفساد وبعض أصحاب المصالح غير المشروعة لم تتوقف يوماً عن محاولاتها المشبوهة للنيل من الدستور والانقضاض عليه".وأضافت أن "هذه القوى ومعها الحكومة الحالية تتوهمان في الوقت الحاضر أنّ هذه الفرصة، التي انتظرتها طويلاً، قد حانت، فخرج علينا أحد الأبواق ناعقاً بدعوة مغرضة لتنقيح الدستور، مروّجاً اقتراحات بالغة الخطورة والسوء من شأنها الانتقاص من أسس النظام الديمقراطي، وتحويل مجلس الأمة إلى مجلس استشاري لا حول بيده ولا قوة، وتحصين الحكومة على نحو مبالغ فيه تجاه الرقابة البرلمانية، بل تمكينها من السيطرة على مقاليد القرار النيابي".وسارع الراشد بالرد على بيان الكتلة مؤكداً أن ما طرحه حول تعديل الدستور "مجرد أفكار قابلة للنقاش".وقال موجهاً خطابه إلى التكتل: "الظاهر أنكم تبحثون عن جنازة لتشبعوا فيها لطم، وإنني أهديكم هذه الأفكار لتشغلوا وقتكم بها خلال المرحلة المقبلة بعد أن فشلتم في شل البلد".وشدد النائب د. وليد الطبطبائي على "ضرورة منع الوزراء من التصويت داخل القاعة خصوصاً في الأمور البرلمانية لأن الحكومة تملك حق رد القوانين التي لا تريدها"، مضيفاً أن "قرار المجلس أصبح غير شعبي بسبب مشاركة الحكومة في التصويت"، معلناً تأييده "تعديل الدستور للمزيد من الحريات". وبينما وصفت النائبة د. رولا دشتي المطالبات بتعديل الدستور في هذه الأجواء المشحونة بأنها "في غاية الخطورة على البلد والحياة الديمقراطية"، أكدت النائبة د. أسيل العوضي حق النائب الراشد بالتعبير عن رأيه، إلا أنها تحفظت على تعديل الدستور.وقالت العوضي لـ"الجريدة" إن "طرح هذا الموضوع في الفترة الحالية يفتقد للمواءمة السياسية"، مؤكدة أن "المطلوب حالياً هو تفعيل مواد الدستور والمحافظة على المكتسبات الشعبية"، لافتة الى أن "أي تعديل على الدستور يجب أن يكون أساسه المزيد من الحريات".وعلى الصعيد الحكومي، نفى نائب رئيس مجلس الوزراء روضان الروضان علاقة الحكومة بما يثار عن تعديل الدستور، مؤكداً أن "الحكومة لم تتطرق ولم تفكر بهذا الموضوع نهائياً".وصرح الروضان لـ"كونا" بأن "إجراءات الحكومة وقراراتها تسير وفقاً للأطر الدستورية"، مؤكداً احترام الحكومة لمواد الدستور والعمل على تنفيذ ما جاء بها.من جهة أخرى، كشفت مصادر برلمانية لـ"الجريدة" عن وجود اتصالات بين النواب الداعمين للحكومة وأطراف حكومية للدفع في اتجاه إقرار مجموعة من مشاريع القوانين "الشعبوية" والتنموية كنوع من "المكافأة" للنواب على موقفهم المؤيد للحكومة.وقالت المصادر إن "ثمة اتصالات وتنسيقاً بين مجموعة من النواب والحكومة من أجل الترتيب لإقرار عدد من القوانين خلال الفترة المقبلة لإظهار أن مرحلة الاستجوابات المعطلة للتنمية انتهت وبدأت مرحلة الإنجاز". وأضافت أنه "لم يعد ثمة مبرر أمام الحكومة والنواب الداعمين لها، بما يشكلونه من أغلبية في البرلمان، لعدم إقرار مشاريع القوانين والدفع في اتجاه التنمية"، مؤكدة أن "أي تأخير عن المضي في طريق التنمية سيضعف الحكومة والنواب المساندين لها ويقوي الطرف الآخر ويعطيه الحجة على الحكومة خصوصا أن الناس يريدون الإنجاز". ورأت المصادر أن الحكومة "ستتجاوز جلستي عدم التعاون وطرح الثقة لوجود أغلبية مساندة لها وأن مؤيدي كتاب عدم التعاون لن يتجاوزوا 13 نائباً بأي حال، في حين أن مؤيدي طرح الثقة بالشيخ جابر الخالد قد يصلون إلى 23 نائباً".وفي هذا الاطار أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء إن الحكومة مطمئنة تماماً إلى ما آلت إليه جلسة الاستجوابات الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أنها ستشكل لجان متابعة لكل القضايا التي طرحت في الاستجوابات الأربعة "من أجل معالجة الأخطاء ومحاسبة كل مخطئ".وقال الروضان لـ"الجريدة" إن "الحكومة كانت حريصة على أن تكون الإجابة عن كل المحاور شفافة ومدروسة وذات مصداقية من خلال الأداء الراقي الذي قام به سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء والنائب الأول وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ووزير الداخلية الشيخ جابر الخالد ووزير البلدية وزير الأشغال د. فاضل صفر".وأوضح أنها تسعى إلى توطيد العلاقة مع المجلس من خلال التعاون المثمر وإقرار القوانين المتفق عليها، لافتاً إلى أن "الاختلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يجب أن يكون لمصلحة الوطن والمواطن".ومن جهة أخرى، قالت مصادر مطلعة لـ"الجريدة" إن مجلس الوزراء سيبحث اليوم في جلسته المسائية التي سيترأسها سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء تقييم الاستجوابات الأربعة التي جرت الأسبوع الماضي والجهود الحكومية لإصلاح الأخطاء التي وردت فيها". وفي موضوع الاستجوابات طالب النائب الطبطبائي بضرورة "عدم طي ملفات الاستجوابات دون اتخاذ إجراءات واضحة إزاء ما أثير فيها من تجاوزات وفساد".وقال الطبطبائي لـ"الجريدة" أمس إن "ملف مصروفات سمو رئيس الوزراء لم تتخذ فيه أي إجراءات أو تتم محاسبة الأشخاص الذين تسببوا في ضياع الملايين، كما لا توجد حتى الآن نية معلنة لاتخاذ إجراءات ولم نر إحالة الى النيابة ولا نعرف ماذا تم".وأشار إلى أن "وزير الداخلية لم يتخذ أي إجراءات إزاء الهدر في أموال الإعلانات الانتخابية، رغم مضي نحو ستة أشهر على استجوابه الأول الذي قدمه النائب مسلم البراك"، مشدداً على أنه "من غير المبرر عدم اتخاذ أي إجراء للإصلاح رغم الأدلة والمعلومات المثبتة عن وجود تجاوزات وخلل في هذه الجهة أو تلك الوزارة". وعلى صعيد متصل، يعقد أعضاء التجمع الإسلامي السلفي اجتماعاً خلال الأسبوع الجاري، لتحديد الموقف من طرح الثقة في وزير الداخلية. وقال النائب خالد السلطان لـ"الجريدة" إن الخطاب الذي يتحدث عنه النائب مسلم البراك "يبرئ الوزير، وبالتالي تعمّده إخفاءه، وهو دليل براءة، أمر غير منطقي".وأضاف: "أعتقد أنه ليس هناك محل لطرح الثقة في الوزير الخالد، ولكن هذا الأمر سيتم تحديده بعد اجتماع التجمع السلفي"، في حين قال النائب فيصل الدويسان لـ"الجريدة" إنه لم يحسم موقفه بعد في شأن طرح الثقة بوزير الداخلية، إلا أنه "أقرب إلى تجديد الثقة".
برلمانيات
الحكومة: لا علاقة لنا بما يثار عن تعديل الدستور الشعبي: بوق مغرض يروِّج للانتقاص من الديمقراطية... والراشد يرد: تبحثون عن جنازة لتشبعوا فيها لطماً الطبطبائي والعوضي ودشتي: طرحه في غاية الخطورة... ونرفضه السلطان لـ الجريدة : السلفي لن يطرح الثقة بالخالد
13-12-2009