تعود المعارك السياسية والفكرية من جديد إلى ساحة المجتمع المصري، ولكن هذه المرة ليست على خلفية مطالب البرادعي، أو احتجاجات العمال، وإنما على "ملعب" التعليم المصري، الذي أعاد وزيره د. أحمد زكي بدر فتح الباب واسعاً لخلافات قديمة بشأن الاستجابة لضغوط خارجية لإعادة صياغة مناهج التربية الإسلامية، وسط انتقادات حادة من جانب قوى المعارضة، خصوصاً القوميين والإسلاميين، وتأييد واسع من جانب التيار الليبرالي والأقباط، الذين يرون في المناهج الحالية تكريساً وتحريضاً على الطائفية.

Ad

وزير التربية والتعليم- الذي اتفق مع مفتي الديار المصرية د. علي جمعة على إعادة وضع مناهج التربية الإسلامية وفق معايير جديدة لم يحددها- أكد أن التطوير سيمتد كذلك إلى التربية المسيحية، بعد الاتفاق كذلك مع البابا شنودة من أجل اتباع نفس المعايير بها، لكن الوزير المعروف بأسلوبه الصارم في إدارة العملية التعليمية كشف النقاب عن وضع منهج آخر تحت مسمى "التربية الأخلاقية"، نافياً أن تكون تلك المادة بديلاً عن التربية الإسلامية أو المسيحية.

عدد كبير من المفكرين رحبوا بالخطوة الحكومية باعتبارها خطوة على سبيل مواجهة العنف والاحتقان الطائفي المتنامي في المجتمع المصري، إذ يؤكد عضو مجمع البحوث الإسلامية د. عبدالمعطي بيومي أهمية هذه الخطوة التي تعيد الأهمية إلى مادة التربية الدينية بعد طول تهميش، مشيراً إلى أن إعادة تطوير مناهجها ستكون أكبر حائط صد أمام محاولات تغييب العقل التي يتعرض لها الشباب المصريون.

ونفى بيومي وجود محاولات غربية لفرض رؤية معينة لتدريس الإسلام، مؤكداً أن مادة الأخلاق ستساعد على التعايش ومعرفة الآخر بشكل صحيح.

في المقابل، رفض الشيخ يوسف البدري التعديلات التي تنوي الحكومة المصرية إدخالها على المناهج الإسلامية بالمدارس، مؤكداً أن ذلك يأتي تنفيذاً لتوصيات أميركية وصفها بـ "المغرضة"، وأشار إلى أن تلك التوصيات الأميركية قديمة، وتعود إلى عهد الرئيس المصري السابق أنور السادات. وأكد البدري صعوبة وضع نصوص من التوراة والإنجيل إلى جانب نصوص من القرآن الكريم، مبرراً ذلك بأن المسلمين يؤمنون بتحريف التوراة والإنجيل، والمسيحيين لا يعترفون بالقرآن الكريم، معرباً عن تشككه في أن يكون تدريس مادة الأخلاق بداية لتدريس التربية الجنسية في المدارس.

ويجزم النائب عن الكتلة البرلمانية لـ "الإخوان المسلمين" الشيخ السيد عسكر بأن تطوير مناهج التربية الإسلامية مرتبط بالضغوط الخارجية الأميركية، لكنه في الوقت ذاته يدعو إلى تطوير المناهج الحالية، ولكن وفق أجندة وطنية تراعي مبادئ واحتياجات المجتمع المصري.