خرجت السجالات التي تحصل في مجلس الأمة عن إطارها المعتاد، لتنحو إلى طريق "الكلمات النابية" التي صدرت من أمين سر مجلس الأمة النائب دليهي الهاجري عقب رفع الجلسة في القاعة المخصصة لاستراحة الأعضاء، ضد وزير الصحة د. هلال الساير، على خلفية محاولة تمرير معاملة علاج في الخارج.

Ad

والواقعة تتلخص، حسب مصدر نيابي كان حاضراً، بأن الهاجري اصطحب وزير الصحة إلى منطقة في نهاية الاستراحة يطلق عليها "الكواليس" وطلب منه الموافقة على معاملة تخص مريضة مصابة بالسرطان وتحتاج إلى العلاج في الخارج، وأبدى الساير تعاطفه مع الحالة، لكنه طلب من دليهي مراجعة اللجنة الفنية المسؤولة عن العلاج في الخارج.

وأضاف المصدر أن الهاجري قال: "هذه المرة الأولى التي أطلب منك طلباً"، فرد الوزير: "وهذه لجنة وأرفض الاستثناءات، وعلينا احترام القوانين"، ورد الهاجري: "هذه مريضة بالسرطان".

وأوضح المصدر أن "الهاجري عندما وجد الوزير متشبثاً بالرفض ثار غضبه واعتدى عليه بسبه بألفاظ نابية، وقال له: "أبوك على أبو يلي لبسك البدلة، وأنت..."، وهنا تدخل النواب ومعهم الوزير البصيري للتهدئة، وبُذلت محاولات أيضاً من رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد الذي كان موجوداً في القاعة.

ولفت المصدر إلى أن الوزير ذهب الى رئيس مجلس الأمة ليبلغه بالواقعة، ثم غادر المجلس.

وبينما تردد أن الهاجري حاول ضرب الساير بطفاية السجائر، قال النائب شعيب المويزري أن ما نشر عن واقعة الضرب "غير صحيح".

واستنكرت الجمعية الطبية الكويتية ما قام به النائب الهاجري، معتبرة ما فعله "تصرفات لا تليق بمنصب عضو مجلس الأمة".

ودعت الجمعية في بيان لها مجلس الأمة إلى الإسراع في إقرار قانون حماية الأطباء من الاعتداءات المتكررة عليهم، ورد الاعتبار للدكتور الساير.

وعلى صعيد السجالات، فقد تسبب سجال حاد بين النائبين صالح عاشور وعدنان المطوع من جهة، ومحمد هايف وفلاح الصواغ من جهة أخرى في رفع الجلسة أمس ربع ساعة، قبل أن تستكمل بين هايف والمطوع في استراحة النواب والوزراء.

وبدأت شرارة السجال أثناء مناقشة رسالة واردة من لجنة الظواهر السلبية تطلب تمديد مهلة إنجاز تقريرها بشأن المخدرات والتفكك الأسري، إذ قال عاشور إن "تصريحات رئيس اللجنة (محمد هايف) تأتي دائماً ضد الوحدة الوطنية ويصف عقيدتنا بالمنحرفة"، الأمر الذي أثار هايف فرد عليه: "إن من بدأ التشكيك في العقيدة ليس نحن"، مستغرباً اتهامه بانحراف العقيدة، مشيراً إلى أن "من عقيدتهم منحرفة هم من يسبون الصحابة داخل قاعة عبدالله السالم".

وانتقل السجال إلى المطوع والصواغ، إذ قال الأخير إن "حديث المطوع فتنة، وكلام هايف عن العقيدة صحيح". ورد المطوع بأن "حديث هايف ليس ديمقراطياً وعليه أن يتكلم في حدود الدستور". وارتفعت حدة السجال إلى أن رفعت الجلسة.

وفي ما يخص الجلسة، يبدو أن لعبة "النصاب" أصبحت تستخدم بنجاح، وعبر ترتيب حكومي - نيابي، لإفشال عقد الجلسات البرلمانية بهدف ترحيل مناقشة القضايا الحساسة إلى دور الانعقاد المقبل، إذ لم تختلف جلسة مجلس الأمة أمس، وهي آخر الجلسات العادية في دور الانعقاد الحالي، عن سابقتيها جلستي الأحد والاثنين الماضيين إلا قليلاً، إذ طيرها النصاب ولكن هذه المرة بعد انعقادها وقبل الدخول في جدول الأعمال، وكانت جلسة حافلة بالمشادات الكلامية و"الهوشات" التي انتقلت من القاعة إلى استراحة الأعضاء.

وعلمت "الجريدة" أن كتلة العمل الشعبي دعت إلى اجتماع في مكتب رئيسها النائب أحمد السعدون، حضره، بالإضافة إلى أعضائها، كتلة التنمية والإصلاح ومجموعة كبيرة من النواب، للاتفاق على تمديد دور الانعقاد الحالي إلى حين الانتهاء من القوانين والمقترحات المعروضة على المجلس.

وأثمر الاجتماع بياناً لـ 23 نائباً أعلنوا فيه نيتهم عدم اعتماد مشروع الميزانية العامة خلال جلستي 29 و30 الجاري لضمان استمرار دور الانعقاد الحالي بقوة الدستور لنظر بعض القوانين الهامة المدرجة على جدول الأعمال، باعتبار أن دور الانعقاد وفقاً لأحكام المادة (85) من الدستور لا يمكن فضه قبل اعتماد الميزانية.

وأشار النائب وليد الطبطبائي إلى وجود تعمد لرفع جلسة أمس "لعدم التصويت على مرسوم رد قانون إسقاط فوائد قروض المواطنين، وكذلك قانون اللحى العسكرية"، محملاً الحكومة وبعض النواب المسؤولية.

وقال الطبطبائي لـ"الجريدة" إن "هناك أغلبية نيابية سترفض إقرار الميزانية حتى الانتهاء من القوانين المهمة المدرجة على جدول الأعمال"، مشيراً إلى أن الحكومة بتصرفها خلال جلسة أمس "ستتسبب بحرج كبير للنواب الداعمين لها".

بدوره، أكد النائب مسلم البراك أن رفع الجلسة أمس، قبل استكمال جدول الأعمال، تكتيك لإفشال مناقشة بعض المواضيع المدرجة على جدول الأعمال، مشيراً إلى أن الحكومة مساهمة في هذا التكتيك.

ورأى النائب صالح الملا أن الحكومة "تريد إحراج البرلمان بصورة سيئة لجرم لم يرتكبه، علماً بأنها هي التي ارتكبت جرم فقدان النصاب المتعمد"، متوقعاً أن يصل عدد موقِّعي بيان رفض الميزانية العامة للدولة إلى 35 نائباً، "فهناك عدد كبير من النواب، استغربوا ما تقوم به الحكومة من تكتيك لفض دور الانعقاد دون الانتهاء من قوانين جاهزة ومدرجة على جدول أعمال المجلس".

وذكر النائب فيصل المسلم أن هناك 13 وزيراً تواجدوا في المجلس باستراحة النواب، "ولكن لم يدخل القاعة سوى وزير واحد، كان يقوم بالدور المطلوب منه وهو إخراج النواب من القاعة".