في حادثة تصب الزيت على نار الفتنة الطائفية المتصاعدة في صعيد مصر بين الأقباط والمسلمين، أطلقت مجموعة من الشبان المسلمين النار من سيارة مسرعة باتجاه جمع من الأقباط في كنيسة بمدينة نجع حمادي بمحافظة قنا منتصف ليل الأربعاءـ الخميس عندما كانوا يحتفلون بعيد الميلاد وفق التقويم الشرقي، ما أسفر عن مقتل ستة أقباط وشرطي مسلم، وإصابة 10 آخرين.

وعاشت نجع حمادي يوماً حزيناً وغاضباً أمس، لدى تشييع القتلى الستة، إذ تجمع آلاف الأقباط الغاضبين، وتواجهوا مع عناصر الشرطة المصرية التي تدفقت إلى المدينة للحؤول دون اندلاع أعمال عنف.  واتهم الأقباط قوى الأمن بالتقاعس عن حماية الكنائس.  وقال الأنبا كيرلس أسقف مطرانية نجع حمادي إنه كان شخصياً مستهدفاً في الهجوم وإن مصادفة أنقذت حياته، حيث غادر المكان قبل لحظات من الحادث، محملاً في تصريحات خاصة لـ"الجريدة" "الغياب الأمني عن تأمين الكنيسة المسؤولية عمّا حدث". واتهم الأنبا كيرلس نواباً نافذين في "الحزب الوطني الديمقراطي" الحاكم بتسهيل الاعتداء على الأقباط، وقال: "المتهم معروف وهو مسجل خطر مشهور باسم حمام الكموني وكان يفترض أن يكون موقوفاً، ولكن الشرطة تركته حراً بتحريض من نواب نجع حمادي، وهم نواب نافذون في الحزب الوطني الحاكم". وأضاف أن "مسيحيين عديدين في المدينة تلقوا طوال الأسبوع الماضي رسائل تهديد على هواتفهم المحمولة تؤكد أن المسلمين سينتقمون منهم في عيد الميلاد".

Ad

من ناحيتها، قالت وزارة الداخلية المصرية في بيان أصدرته بعد ساعات من الجريمة، إنه "في حوالي الساعة 11.30 من مساء (الأربعاء) أطلق مسجل خطر يدعى محمد أحمد حسين وشهرته حمام الكموني، يرافقه آخران، كانوا يستقلون سيارة، أعيرة نارية على مواطنين مسيحيين في موقعين تجاريين بمدينة نجع حمادي، وأسفر الحادث عن مقتل 6 وإصابة 9 مسيحيين، كما قُتل عريف شرطة مسلم كان يتولى خدمة أمنية".

وأفاد بيان "الداخلية" بوجود "مؤشرات مبدئية تشير إلى ارتباط الحادث بالتداعيات حول واقعة اتهام شاب مسيحي باغتصاب فتاة مسلمة في إحدى قرى محافظة قنا في شهر نوفمبر من العام الماضي".

وقبيل تشييع القتلى تجمع آلاف الأقباط داخل المستشفى وخارجه، وحاولوا الخروج منه للتظاهر في الشارع، وطالبوا بإقالة محافظ قنا القبطي مجدي أيوب، متهمين إياه بالتراخي في توفير حماية للأقباط، لكن رجال الشرطة تصدوا لهم فبدأت بينهم الاشتباكات، حيث أخذ المتظاهرون يرشقون بالحجارة قوات الأمن التي ردت بإطلاق النار في الهواء والقنابل المسيلة للدموع واستخدام خراطيم المياه لتفريقهم. وقال الأنبا كيرلس إن مهاجمة البعض للمستشفى العام وقذفه بالحجارة كانت نتيجة تأخر السلطات في تسليم جثث الضحايا إلى أقاربهم لدفنهم، إذ كان من المقرر أن تتم الصلاة عليهم صباح أمس، إلا أن التأخير تسبب في تأخير القداس إلى الساعة الواحدة ظهراً. وتم تشييع جثامين الضحايا بعد الظهر في جنازة شارك فيها 5 آلاف قبطي، وحرص على السير فيها كذلك محافظ قنا مجدي أيوب وكبار المسؤولين الأمنيين في المحافظة، وبعد الجنازة، وقعت مرة أخرى صدامات متقطعة بين المتظاهرين والشرطة.