شدد المحاضرون في ندوة «نبيها...علانية» على ضرورة صعود سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء، المنصة، ومواجهة الاستجواب المُوجَّه إليه، وتفنيد محاوره، لإقناع الشعب الكويتي بنظافة كفه، عبر جلسة علانية لا سرية لإطلاع الأمة على ما يجري، لأنها مصدر السلطات جميعاً.

أكد النائب د. فيصل المسلم أن الكويت أمام منعطف سياسي خطير، يأتي في ظل حياة مادية طاغية وتراجع عام في القيم، مشيراً إلى وجود قلة تحاول جاهدة تفعيل مواد الدستور والسير تحت مظلته لا خارجها، معتبراً أن استجواب سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء، إذا تم، فسيكون سابقة، لا في تاريخ الكويت فحسب بل في تاريخ العالم العربي أجمع، ولا سيما أنه مؤشر واضح على تفهم أسرة الحكم أخيراً أن طبيعة النظام تستوجب الحساب، مبيناً أن الشعب الكويتي شعب حر أبيّ، كان منذ البدء ولا يزال شريكاً في صناعة القرار مع آل صباح.

Ad

مبدأ المحاسبة

وأضاف المسلم خلال الندوة التي استضافها ديوان الكاتب الصحافي طارق النافع مساء أمس الأول في منطقة القصور تحت عنوان «نبيها...علنية»: «أن الكويت تعيش أسوأ عهودها الدستورية منذ بداية العمل بالدستور والنظام الديمقراطي بالقدر الذي فشلت فيه جميع الجهود الإصلاحية في تعديله، وترتب عليه وضع مُزرٍ وصل إلى أدنى مستوياته في تقديم الخدمات والبنية التحتية، لاسيما زيادة السرقات ونمو غول الفساد الإداري والسياسي والأخلاقي الذي تؤكده جميع المؤسسات الحيادية»، مشدداً على ضرورة ترسيخ مبدأ المحاسبة لرأس السلطة التنفيذية، لأنه المهيمن على مصالح البلاد، والرجل التنفيذي الأول.

وقال المسلم: «إن محاسبة سمو رئيس الوزراء أو تنحيه عن منصبه، سيكونان بمنزلة جرس إنذار لمن يريد خلافته حتى يعلم أن الأمة قادرة على المحاسبة، فيتوجب عليه الإنجاز وتقديم العطاء، لا توظيف الدولة بجميع مؤسساتها للحفاظ على كرسيه رغم أنف الأمة فتتعطل التنمية»، موضحاً أن الرسالة التي يجب إيصالها من الاستجواب أنه «ما لم يتحقق بالاختيار يجب أن يتحقق بالمحاسبة».

وأوضح المسلم أن رجالات الكويت الأوائل الذين سطروا الدستور كانوا يملكون نظرة ثاقبة، ويعلمون أنه سيأتي زمان تتشابك فيه المصالح فشددوا على ضرورة محاسبة رئيس الوزراء، لأنه المترئس لمجلس الوزراء والمسؤول الأول عن أعماله، إضافة إلى إقرارهم المادة 108 من الدستور التي تقضي أن الفرد يمثل أمة، مؤكداً أنه إن كان اختيار رئيس الوزراء حقاً مطلقاً لسمو الأمير طبقاً للدستور، فإن عزله حق أصيل للأمة، وإذا اختار سمو الأمير حل المجلس ودعا إلى انتخابات جديدة وصوت المجلس الجديد على طلب عدم التعاون بـ25 عضواً، فيعتبر رئيس الوزراء معزولاً فوراً من دون قرار العزل من المجلس أو إعادة تشكيله.

وذكر المسلم أن ثمة شيئاً يثلج الصدور في هذا الاستجواب يتمثل في اقتناع كتاب الرأي وجمعيات النفع العام والكتل النيابية بأن الاستجواب أداة دستورية استخدمت وفقاً لنص دستوري لا يمكن أن يُعتب على مستخدمها، وإن كان هناك تعسف فليُثبَتْ ذلك على منصة الاستجواب، مشيراً إلى أن الاستجواب ليس قضية شخصية بل هو بحث عن حقيقة أخطاء بينة موثقة أدانتها تقارير ديوان المحاسبة وهو الجهاز المعني الأعلى والأكثر حيادية، لاسيما تقرير لجنة الشيخ ثامر وهي لجنة منبثقة من مجلس الوزراء، متسائلاً: «إلى متى الصبر على عشرات الملايين من أموال الكويتيين بعدما يقارب العام ونصف العام من دون تحرك رغم الإدانة الواضحة؟!».

المادة 70

وأوضح المسلم أن الحكومة لم تعترض على الاستجواب الماضي ولم تُحِلْه إلى المحكمة الدستورية، مؤكداً أن تأجيل الاستجواب هروب من المواجهة والتفاف وعبث، وضرب للنصوص الدستورية، مشدداً على ضرورة أن تكون الجلسة علنية كما نص الدستور، بأن الأصل في الجلسات هو العلانية لا السرية، مستغرباً دعوة بعض ممثلي الأمة إلى أن تكون الجلسة سرية، وعدم رغبتهم في إطلاع الشعب الكويتي على الحقيقة، متسائلاً: كيف يناقش الاستجواب في السر وهو اتهام صريح؟ وهل الغرض من السرية هو تغطية قصور ما؟ مؤكداً انه سيتقدم بطلب التصويت نداءً بالاسم حتى لا يكون التصويت على سرية الجلسة سرياً، مشيراً إلى أنه سيستخدم المادة 70 من اللائحة الداخلية للمجلس التي تقضي بتدوين الجلسة السرية ليعلم الشعب الكويتي حقائق الأمور، مبيناً أنه من حق الشعب والقوى السياسية والتكتلات النيابية وجمعيات النفع العام معرفة لماذا كتب رئيس الوزراء الشيك سراً؟ وأنكر ثم رجع ليعترف بأن الشيك من حسابه الخاص؟! ومَن هو المستفيد من هذا الشيك؟.

سنة «الزواحف»

وبدوره، أكد الكاتب الصحافي في جريدة «الجريدة» محمد الوشيحي أن السنوات تسمى حسب الأحداث المهمة التي تتخللها، واصفاً السنة الحالية بسنة الكتاب الزواحف، الذين يتلونون مثل الزواحف التي تتلون على حسب البيئة التي تعيش فيها، لاسيما أن قاماتهم منخفضة كالزواحف التي تسعى طوال عمرها على بطونها، وفي الأخير تأكل من تراب الأرض، مستشهداً بمن كتب قائلاً: «إن إسرائيل هي التي تحرك فيصل المسلم لكي يقدم استجواباته»، موضحاً أنهم يلاحقون سمو رئيس الوزراء ويذهبون وراءه أينما ذهب.

وتمنى الوشيحي من سمو رئيس الوزراء صعود المنصة ومواجهة الاستجواب الموجه اليه وتفنيد محاوره، لإقناع الشعب بنظافة كفه وتوضيح الأمور ووضع النقاط على الحروف حتى يثبت للناس أنه لا يهاب المواجهة، مشيراً إلى أن هناك مَن يشكك في سموه ويتهمه بشراء الولاءات والذمم، مؤكداً أن صعود المنصة سيقطع الشك باليقين.

واعتبر الوشيحي أن أكثر مَن يتسبب في الضرر لسمو الرئيس هم كتابه الذين يدافعون عنه بسبب ومِن دون سبب، متمنياً من سمو الرئيس قراءة ما وُجه من نقد إلى النائب أحمد السعدون، تعدى النقد الموضوعي ووصل إلى مرحلة التجريح والتطاول ورغم كل هذا لم يرفع قضية واحدة، لأنه مؤمن بحرية الرأي، متسائلاً هل كل مَن كتب وعبر عن رأيه أحيل إلى النيابة العامة كما هو الحال مع الكاتب الصحافي محمد عبدالقادر الجاسم الذي أراد رفع سقف الحريات في التعبير عن رأيه؟ مناشداً كُتاب سمو الرئيس عدم استباق الأحداث واستغلالها لضرب الوحدة الوطنية.

ما هي الديمقراطية؟

أما الكاتب الصحافي أحمد الديين فأكد أن علانية الجلسة من سريتها مسألة مرتبطة بأمر مهم، ألا وهو الديمقراطية، متسائلاً: هل الديمقراطية هي مجرد صندوق انتخاب، أو مقعد أخضر داخل قاعة عبدالله السالم يحتله مَن يفوز في الانتخابات؟ أم هي حرية الرأي والتعبير وحق الرأي العام في الوصول إلى المعلومات؟ معتبراً أن الديمقراطية الحقيقية هي حق الأمة في ممارسة سيادتها، لأنها صاحبة السلطات جميعاً من خلال الثقة التي أودعتها في نواب الأمة، متسائلاً: كيف يُحرَم الشعب الاطلاع على حقائق الأمور في قضية خطيرة تمس نزاهة مجلس الأمة وسمو رئيس الوزراء.

وأضاف الديين أن «المذكرة التفصيلية للدستور هي جزء لا يتجزأ منه، وتم التصويت عليها كما صُوِّت على الدستور، وقد شددت على رقابة الرأي العام الذي لا شك أن الحكم الديمقراطي يأخذ بيديه، لذلك تكون جلسات مجلس الأمة علانية وإن كانت سرية ففي أضيق الحدود»، مستغرباً القصد وراء السرية، هل لعدم إطلاعنا على القدرات الخطابية الفائقة لسمو الرئيس ومقارعته الحجة بالحجة؟ أم لإخفاء تورط في قضايا المصروفات والشيكات؟ بعد أن أثبت النائب د. فيصل المسلم وجود شيكات من سمو الرئيس.

وقال: «هناك مَن يريد استخدام المادة 110 من اللائحة الداخلية بطرق ملتوية، للتصويت على أن تكون الجلسة سرية، بطرق سرية، من خلال نواب ملكيون أكثر من الملك حتى تسير الأمور كما يرغبون»، متسائلاً: هل ستمنع الجلسة السرية 10 أعضاء بعد انتهائها من تقديم طلب عدم تعاون؟ مؤكداً أنه في ظل وسائل الاتصال الحديثة من الصعب، إن لم يمكن من المستحيل، أن تكون الجلسة سرية، لاسيما أن بعض الخلافات التي توجد داخل أسرة الحكم بين وزراء داخل الحكومة ستقف حائلاً دون ذلك، موضحاً أن مَن لا يستطع ارتجال كلمة للدفاع عن نفسه، فمن الأفضل أن يرحل لأن الكويت تستحق الأفضل.