فؤاد شرف الدين أو {الكابتن} هو مؤسس شركة {الجومان}، ممثل وكاتب ومخرج ومنفذ إنتاج مهّد له شقيقه المخرج يوسف شرف الدين الطريق فعبّدها بأفضل الأدوار والأفلام أبرزها: {الصرخة}، {فتيات الرقم الصعب}، {المتوحشون}، {المجازف}، {قفزة الموت}، {الممر الأخير}، {القرار}، {الرؤيا} و{إيفانوفا}.

حول وضع الدراما اليوم في لبنان والعالم العربي وجديده، لا سيما على صعيد التعاون المشترك مع شركة {غلوبال} الكويتية، التقينا فؤاد شرف الدين.

Ad

أنت ممثّل وكاتب ومخرج ومنفّذ إنتاج، في أي من هذه المجالات تنشط راهناً؟

التمثيل، مع أنني لست محترف تمثيل، ولست مقتنعاً به، إنما أفعل ذلك لضرورات العيش.

ما المعايير التي تختار على أساسها أدوارك؟

لا أقبل دورًا ما لم أدخل إلى الشخصية وأحبها، اكتشف ذلك الدكتور محمود زكي في القاهرة ولاحظ أنه ما إن يبدأ العدّ التنازلي لبدء التصوير أتقمّص الشخصية.

لماذا لست مقتنعًا بالتمثيل؟

لأن ما يقدَّم اليوم عربياً هو مجرّد قصص قديمة، فيما نحن في زمن الحركة الفنية على صعيدي التلفزيون والسينما. بالتالي يجب تمرير رسالة صغيرة ضمن العمل وليس أن يكون العمل بأكمله رسالة لأن أحدًا غير مستعدّ لمتابعته.

ما جديدك في هذا المجال؟

أغادر قريباً إلى القاهرة للمشاركة في مسلسل {الملكة ناظلي}. كذلك، بدأت التحضير لمشروع فني مع جهة إنتاجية كويتية هي {غلوبال}.

كيف تم التواصل معها؟

مثّلت في مسلسل كويتي بسبب الحاجة المادية وكان فريق العمل ممتازًا، وبعد الانتهاء من التصوير رحّب المنتج بالتعاون معي بعدما أدرك أنني منفذ إنتاج. آمل بأن نحقق عملاً مشتركاً مع الكويت لأنه البلد الأول الذي صوّر فيلماً سينمائياً من نوع الإثارة والتشويق منذ 30 عامًا.

ماذا بالنسبة إلى الكتابة؟

أسعى إلى تحقيق {أنتربول} عربي على صعيد الفن، أي عمل درامي مشترك بين لبنان ودولة عربية في التمثيل والتصوير، فتستقطب هذه التركيبة الجمهور العربي وتوصل رسالة معينة.

وكيف تعمل على تحقيق هذا الهدف؟

خلال عملي كممثل أبحث عن جهة إنتاجية تقرأ هذا العمل وتفهم ماهيته وتقتنع بهدفي من ورائه وبمردوده المالي، فإن أعجبها قبلته شرط ألا تخسر إذا لم تربح ماديًا.

ما أبرز محطاتك على صعيد الإنتاج؟

عملت في تنفيذ إنتاج المسلسلات بين عامَي 1991 و1996 لمؤسسة {العين} في أبو ظبي، تمحور عملي حول تجهيز السيناريو ووضع موازنته وتنفيذ إنتاجه وإرساله إلى الجهة المنتجة، استمر ذلك حتى توقفت المؤسسة لأسباب خاصة بها.

أنت غائب عن التمثيل، لماذا؟

لأنني لم أجد نفسي في المواضيع المطروحة خصوصًا أن لدي رصيدًا تاريخيًا ولن أتراجع عن المستوى الفني الرفيع الذي حققته.

الفرصة متاحة أمامي للعمل في القاهرة حيث قدمت أربعة مسلسلات لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، أي لأعلى جهة إنتاجية في مصر.

هل ندمت لأنك رفضت عملاً معيناً؟

ندمت على رفض أحد المسلسلات.

ألا يؤثر هذا التمسّك بالرصيد التاريخي على حضورك الفني اليوم؟

هل من المعيب أن أعتزّ بالمجد الذي حصدته في الثمانينيات وبنجوميتي وإن مرّ زمن عليها؟ ما زلت عند المستوى الفني نفسه، أحفظ النص وأمثل جيدًا وذهني حاضر ولا أتعب خلال التصوير، إنما لا أجد الموضوع الذي يشدّني.

أخبرنا عن مسلسل {الهاربة}.

مسلسل مصري يتمحور حول مأساة العراق اليوم والسرقة التي يتعرض لها.

ما الذي دفعك إلى المشاركة فيه؟

موضوعه الذي يحمل رسالة إلى العالم العربي.

تبحث عن دور الحركة والإثارة والتشويق دائماً، لماذا؟

يجب أن تتوافر عناصر تجذب المشاهد سواء في الحوار أو المواقف أو الحركة الجسدية، فاذا كان العمل مجرّد حكاية يصبح كقراءة قصة قبل النوم.

كيف تقيّم الدراما اللبنانية اليوم؟

لا علاقة لها بواقعنا اللبناني، مثلاً لم يستوحِ أي مسلسل من المآسي التي حصلت خلال الحرب ولم يلقِ الأضواء على الأخطاء التي ارتُكبت آنذاك لتجنّبها في المستقبل.

بالنسبة إلي، طرحت في {زمن الأوغاد} قصصاً من واقع الحرب في لبنان وهو يُعرض راهناً على 19 محطّة فضائية لأنه يحمل رسالة معينة، من هنا ينبغي أن تكون أعمالنا مرآة لأنفسنا.

من يتحمّل مسؤولية الغربة بين الدراما وواقعنا؟

الكتّاب بطبيعة الحال. في جعبتي اليوم قصة عن حادثة {بنك المدينة} كتبها باحث، طرحتها على إدارات تلفزيونات عدة إلا أنها رفضت إنتاجها بحجة أنها لا تريد الدخول في زواريب السياسة، مع أن من الضروري هزّ مجتمعنا بين الحين والآخر واختراق واقعنا الأليم وتذكير الناس بما يحصل، وإلا لن نصل إلى مرحلة نحقّق فيها المواطنية.

للأسف، تستعين البلاد الأخرى بخبرائنا للتقدّم على الصعيد المدني، فيما الفن، الذي هو وجه حضارتنا، ينحدر بسبب التقوقع والهروب من الواقع عبر ترجمة قصص أجنبية بدل تأليف نصوص تعكس واقعنا، حتى أننا نعيش وهم الآخر ونستعمل أسماء لا دلالة طائفية لها بدلاً من الدخول إلى عمق المشاكل وطرحها والتقدّم إلى الأمام.

ما دور المنتج في هذا الإطار؟

عندما قرّر محمد ياسين إنتاج {زمن الأوغاد} الذي بلغت كلفته آنذاك 150 ألف دولار، لم ينظر إلى الأسماء الطائفية وخاطر لأنه فهم الموضوع وأدرك أهميته. كذلك الأمر بالنسبة إلى محمد علي الصباح الذي كان يشتري أفلامنا السينمائية قبل أن نبدأ تصويرها، وكانت توزَّع في أنحاء العالم، من هنا يجب أن تتوافر مؤسسات مالية ضخمة تُعنى بالإنتاج. بُنيت هوليوود على يد المافيات لتبييض الأموال، ليتهم يبيّضون الأموال في لبنان عبر الأعمال الفنية فيخدمون عندها الفن.

كيف تصف واقع الإنتاج اللبناني؟

عبارة عن تركيبات جاءت بالصدفة عبر تعارف بين منتج وممثلة تبحث عن الظهور في مسلسل وليس عن القصة، ويستعينان بمخرج دون المستوى في عملية التنفيذ.

أوليست نظرتك مأساوية الى الفن اللبناني؟

الوضع أكثر من سيئ.

ماذا عن مصر؟

يعجبني الأسلوب المصري المتّبع راهناً الذي يقوم على إشراك ممثلين سوريين ولبنانيين في الدراما، لذا أدعو إلى الوحدة الفنية ومعالجة المواضيع المشتركة عربيًا. من واجب الفن تثقيف الناس من خلال الموضوع والصورة، وألا يقتصر الأمر على بيع الدراما لشاشة واحدة من منتج همّه أن يكون محاطًا بمن ينفض الغبار عن ثيابه.

هل تجوز المقارنة بين عصر الدراما اللبنانية الذهبي والوضع الدرامي اللبناني الراهن؟

عملنا في ذلك العصر، من دون وجود الفضائيات، تكلّمنا اللغة الفصحى التي كان الخليج العربي يتابعها، وكان ثمة مخرجون يقرأون النص ويقيّمونه ولا يقبلون كل ما يُعرض عليهم، مثال على ذلك أعمال أنطوان ريمي وجورج غياض وباسم نصر التي عُرضت في السعودية والكويت والإمارات واستقطبت جمهورًا عريضًا.

في تلك المرحلة الذهبية كانت إدارة تلفزيون لبنان والمشرق تدرك كيفية اختيار النصوص وتنتج وفق تقنية عالية، فإدارة الكاميرا سهلة جدًا ولكن الأصعب التحضير للعمل.

اليوم يختلف الوضع كثيراً، لدى المخرج التلفزيوني فريق عمل، فلا يقرأ النص بل يستلمه في مركز التصوير من دون أن يجلس مع الكاتب للتحضير ووضع ملاحظاته الخاصة. لدينا {عهر} فنيّ جاء بعد {العهر} السياسي الذي سبقه {عهر} مالي وسرقة الثروات الوطنية.

كيف تقيّم وضع الدراما السورية اليوم؟

ما إن يصنّف الجمهور الفنان، كاتبًا أو ممثلاً أو مخرجًا تدعمه الدولة وتؤمن له الضمان الصحي والسكن من دون فوائد وتحترمه في حياته ومماته.

يشجّع الرئيس السوري بشار الأسد المنتجين السوريين الذين لم تبع أعمالهم إلى الخارج في ظل المنافسة مع مصر، فالمسلسلات الجيدة التي لم يحالفها الحظ تشتريها وزارة الإعلام لتعرض عبر التلفزيون الرسمي.

هنا أتساءل: أين نحن في لبنان من ضمان الشيخوخة للفنان اللبناني، وتحسين عملية الإدارة بين وزارة الصحة اللبنانية والمستشفيات لمعالجة الممثلين المرضى؟

ما الذي يحول دون قيام سينما لبنانية؟

أدعو الذين ينتقدونني إلى تقديم عمل بمستوى أعمالي لتصبح هناك سينما لبنانية. لا يؤهلنا عدد السكان لإنتاج فيلم يُعرض في لبنان فحسب، لذلك يجب أن تكون الأعمال معولمة تقنيًا وقصصيًا وهذا سبب نجاح أفلامي البوليسية.

لماذا لا تُعرض أعمالنا في الخارج؟

نحتاج إلى عمل جيّد، ولا صحة لما يتردّد بأن ثمة محاربة للأعمال اللبنانية، الدليل أن فيلم {الرؤيا} لشقيقي المخرج يوسف شرف الدين عُرض في صالات مصر.

ما الذي قدّمته لك مصر ولم تجده في لبنان؟

احترام الفنان، لمست ذلك أثناء إقامتي هناك ومن طريقة استقبال الفنان في الأماكن العامة، فيما يُنظر إلينا في لبنان كمشخّصين.

كيف تنظر إلى واقع الفنان اللبناني؟

ينقسم الفنان اللبناني إلى نوعين: الأول حفر الصخر بأسنانه وأظافره ووقف ساعات ينفّذ أوامر المخرج واستعار ثيابه للتصوير، بينما ثمة فنانة، سمعت والدتها صوتها وهي تستحمّ فشجعتها على الغناء، أنتج لها جارها أغنية فيما صوّر لها جارها الآخر الكليب، بعدها أطلقت على نفسها صفة فنانة أو فنانة شاملة، أي تنورة قصيرة وصرّة ظاهرة.

إذا كانت تلك فنانة شاملة، فأي صفة نطلقها على الموسيقار ملحم بركات؟ للأسف الجمهور اليوم يسمع برجليه وليس بأذنيه.