مناظرة المشهد السياسي في تلفزيون «الوطن» التي جمعت بين النائب السابق أحمد المليفي والوزير السابق بدر الحميضي حول الخصخصة تستحق الإعادة والمتابعة لأكثر من مرة، حيث أثيرت فيها عدة نقاط تستحق النظر فيها، كما أن المليفى أثبت هشاشة موقف المدافعين عن الخصخصة وأدلتهم التي ذهبت في ذم أداء الحكومة من خلال اتهامها بالفساد، وسوء الإدارة، ومقارنات نجاح تجربة الصين والهند في مشاريع الخصخصة.

Ad

عندما طبق قانون البناء والتشغيل والتحويل (BOT) لم يعجب أصحاب المبادرات لأن فيه «شغل ودوخة» كونه يعتمد على المبادرة بإنشاء شيء من العدم، بتقديم رؤية ودراسة جدوى ورأس مال، إلا أن موضوع الخصخصة يختلف، فهو مشروع خدماتي جاهز.

المليفي طرح قانون الخصخصة بزاوية المبادرة مؤكداً تخوفه من مستقبل العمالة الكويتية الموجودة في القطاعات التي ستؤول إلى القطاع الخاص، وعدم جدية الحكومة وضعفها في مواجهة نفوذ التجار، وأيضا لا توجد ضمانات لفرص وظيفية جديدة لاستيعاب مخرجات التعليم، فكيف ستضمن حكومتنا الموقرة هكذا قانون؟

الحميضي دافع بطريقة عجيبة واصفاً قانون الخصخصة وكأنه الخلطة السحرية التي ستطور الخدمة والسلعة، ثم توفير الملايين على خزينة الدولة، وضرب مثالاً عن إمكانية القطاع الخاص تخفيض تكاليف إنتاج الكهرباء إلى 15 فلساً بدلا من 20 فلساً بحسن إدارة القطاع الخاص، معللاً نجاحه وتفوقه وإسهامه في الخمسينيات دون أن يعطينا مثالاً واحداً عن الحقبة التي نعيشها.

ومثال نجاح الصين والهند في القطاع الخاص مردود عليه على الأقل في جانب العمالة، حيث لا تحتاج تلكما الدولتان إلى عمالة غير وطنية، فهما تملكان أكبر تعداد سكاني في العالم، وبذا لن تستوردا أي عمالة أجنبية ليس لتوافر العمالة الوطنية فحسب بل لأنها الأرخص، فهل سيعتمد قانون العمالة الوطنية على الطبقة المتوسطة وسيحافظ على أجور تحفظ الكرامة؟

خوف السواد الأعظم من تمرير القانون يستوجب على أعضاء المجلس من وزراء ونواب التريث، وتحويله إلى اللجان المختصة لمزيد من الدراسة، والأخذ بملاحظات النواب والنقابات العمالية، فالقضية ليست إنقاذ وزير من استجواب، أو كسر شوكة التكتل الشعبي وتعديلاته، لكنها قضية مستقبل وطن.

مناورة ذكية تضمنها القانون، وهي المحافظة على العمالة الموجودة، وكأنه يريد شراء سكوت الموظفين الحاليين، ومن ثم «يصير خير» على الطريقة الكويتية.

ذم الموظف الكويتي واتهامه بعدم قدرته على العمل ذريعة أخرى لمناصري القانون، وكأن رفع الكفاءة لا يمر إلا بالخصخصة، وحكومتنا ساكتة وراضية، ناسية الملايين التي تصرفها سنويا على برامج التدريب والمؤتمرات المحلية والخارجية.

إن كانت الحكومة غير قادرة على حماية موظفيها، وفيها هذا الكم من إدارات التدريب التي تغص بها الوزارات والهيئات، فكيف يمكن لربع الخصخصة تدريب الموظفين؟ أعتقد في المريخ!

تحسين الخدمة أو السلعة كلام غير دقيق، وكأن القطاع الخاص لوحده قادر على تطبيقه، فها هما مؤسسة التأمينات الاجتماعية وإدارة الجنسية والجوازات نجحتا في رفع جودة الخدمة، وفي إمكانهما الأكثر إن طبقت الحكومة الإلكترونية.

هذا القانون لن يفرط بالثروات بل بالحقوق الدستورية للمواطن، والتي كفلها الدستور، فقانون الخصخصة فيه الكثير من الشبهات.

نقطة شديدة الوضوح وهي أن بعض الكوادر لم يتم النظر فيها مثل المطالبة بجهاز تكنولوجيا المعلومات الهادئة، فكيف ستبرر الحكومة دعمها لبرنامج الحكومة الإلكترونية أم أن الصوت العالي هو من يكسب؟

ودمتم سالمين.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة