خالد صالح وخالد الصاوي، ممثلان يجمع بينهما ليس الإسم فحسب إنما النجومية المتأخرة التي برزت في دراما رمضان هذه السنة وكرستهما نجمين من الطراز الأول، على الرغم من أن كليهما يملكان تاريخاً من الأعمال الناجحة إلا أنهما لم يخوضا غمار البطولة المطلقة إلا أخيراً، الأول في مسلسل «تاجر السعادة» والثاني في مسلسل «قانون المراغي».عندما بدأت صور «تاجر السعادة» تنشر في وسائل الإعلام خشينا من مقارنة أداء خالد صالح في تجسيده شخصية الشيخ مصباح الضرير، مع أداء أحمد زكي في مسلسل «الأيام» حيث جسّد شخصية عميد الأدب العربي طه حسن، ومحمود عبد العزيز في فيلم «كيت كات» حيث قدّم شخصية شيخ ضرير وبدا فيها أكثر من رائع، لذلك لم تكن مهمّة خالد صالح سهلة خصوصاً أن النمطية التي تقدّم بها شخصية الشيخ الضرير محفوظة عن ظهر قلب لدى المشاهد العربي، الرأس مرفوع إلى أعلى والنظارة السوداء والابتسامة الحائرة، باستثناء طبعاً أداء محمود عبد العزيز وأحمد زكي لها. لكن صالح ظهر مختلفاً فهو لم يضع النظارة السوداء ولم يرفع رأسه ولم يدر يميناً ويساراً بل على العكس بدت العينان في غاية الوضوح وتحرّك الرأس بشكل شبه طبيعي وإن مال قليلا إلى الأسفل، بالإضافة إلى اختلاف طريقة سيره بين قيادة أحد الأشخاص له وبين الاستعانة بالعصا. من الواضح أن خالد صالح أراد أن يتحدّى نفسه قبل أن يتحدّى الآخرين وأن يثبت لنفسه أنه ممثل قادر على أداء الادوار الصعبة، وأن نجوميته، وإن اتت متأخرة، هي ثابتة ومتجذرة بدليل أنه استطاع منذ الحلقة الأولى استقطاب الكاميرا من الممثلين الذين يقاسمونه البطولة.يسخّر صالح في هذا المسلسل جميع أدواته في خدمة الدور حتى صوته، فبدا الشيخ مصباح مختلفاً قلباً وقالباً عن صالح باستثناء لمحات دافئة في طريقة التعبير والصوت، عندما يقابل فوزية (داليا مصطفى) الكومبارس التي تندب حظها العاثر وتعاني من قمع زوجها لها واستيلائه على المال الذي تجنيه من عملها المتواضع، فيتعاطف معها، وسرعان ما يتحوّل هذا التعاطف إلى قصة حبّ بين مصباح وفوزية.على الرغم من اجتهاد داليا لتبدو ثابتة أمام صالح إلا أنها عجزت عن تحقيق التعادل بينهما، عكس النجمة هالة فاخر التي تؤدي دور حفيظة زوجة الشيخ مصباح وتعمل ندابة في المأتم، لذا أتت تعابيرها في المسلسل مستقاة من مهنتها، لا سيما استعانتها بالأمثال للدلالة على الحالة التي تعيشها مع زوجها مصباح.حقق صالح وهالة ثنائياً تمثيلياً منسجماً مع اجتهاد كل منهما لسرقة الأضواء من الآخر، في حين أنهما في المسلسل غير منسجمين إطلاقاً، فالفقر هو عامل مهم في طرد الرأفة من قلب الزوجة على زوجها العاجز الكفيف.لسنا اليوم بوارد الحكم على المسلسل ونجاحه وقدرته على جذب نسبة كبيرة من المشاهدة في الوطن العربي، إنما نحن بصدد القول إننا أمام ممثل عاد إلى لياقته الفنية وإلى تقديم دور رائع سنرى تطوراته يوماً بعد يوم.خالد الصاوييجسّد خالد الصاوي في «قانون المراغي» شخصية هشام المراغي، محامٍ يعيش حياة عائلية مضطربة مع أنه رجل ناجح بكل المقاييس، لكن تكمن مشكلته في علاقته بزوجته (انوشكا) المتأرحجة بين الحب والرغبة في الابتعاد ومعاقبة هشام على نزوة ارتكبها في الماضي.لا تلبث حياته أن تنقلب رأساً على عقب عندما تقتحمها محامية معروفة (غادة عبد الرازق) فيتزوجها عرفياً ويعيشان سعيدين إلى أن تصادفهما قضية طلاق يتبنى فيها هشام وجهة نظر المدعى عليه الذي يرفض الاعتراف بالزواج من إحدى الفتيات بينما تتبنى زوجته قضية المدعية، وينتقل الصراع إلى المنزل الزوجي . للمرة الاولى يحمل الصاوي على عاتقه مسؤولية البطولة المطلقة بعد طول انتظار ونجاح في كل الادوار التي قدّمها، فهو لم يبرع في دور الشاذّ جنسياً في فيلم «عمارة يعقوبيان» فحسب، إنما كانت له سلسلة من الأعمال الفنية التي حقق فيها حضوراً، وشكّل في الفترة الأخيرة ثنائياً مع الفنان أحمد حلمي في فيلمي «ظرف طارئ» و{كده رضا»، كذلك شارك في بطولة فيلم «حسن طيارة»، أما أحدث أعماله السينمائية فكانت إلى جانب الفنان هاني سلامة في فيلم «السفاح» بالإضافة إلى مشاركته في كتابة السيناريو.بين الفن والسياسةاتجه الصاوي في المسرح ناحية المسرح السياسي الهادف وقدّم مع فرقة «الحركة» التي ترأسها مسرحيات في هذا النطاق، كذلك امتاز بأداء شخصية عبد الناصر في فيلم «جمال عبد الناصر» الذي أخرجه السوري أنور القوادري وأنتجه، لكن الفيلم لم يعرض على نطاق واسع لأسباب ما زالت مجهولة لغاية اليوم، مع أن الصاوي جسّد شخصية ناصر باقتدار شديد.اليوم يخوض الصاوي تحدي البطولة المطلقة، التي لم يصل إليها بسهولة ويسر بل كانت الطريق طويلة شأنها شأن طريق صديقه وزميله خالد صالح.
توابل
بين الشيخ الضرير والمحامي المضطرب... خالد صالح وخالد الصاوي يحقّقان نجوميّة متأخّرة
31-08-2009