بعد توقفه خمس سنوات عن الإخراج، عاد شريف مندور الى الساحة السينمائية، لكن هذه المرة منتجاً لنوعية مختلفة من الأفلام، تُعرف في العالم كله باسم السينما المستقلة، التي يرى فيها البعض الحل الأمثل لإنقاذ السينما من الأزمة المالية العالمية.

التقينا مندور على هامش وقائع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يشارك فيه بفيلمه «هليوبوليس» لنتحدث معه عن تجربة الإنتاج المستقل وأسباب تحمّسه لها.

Ad

ما أسباب تحمّسك للسينما المستقلة؟

قمت بالتجربة سابقاً في فيلم «عين شمس» الذي لم يكن تجارياً أبداً ولم يحقق نجاحاً على المستوى المادي، لكنه حقق نجاحاً نقدياً كبيراً وعُرض في أكثر من مهرجان دولي وحصل على جوائز وتكريمات عدة، ما شجعني على تكرار التجربة.

عموماً، السينما المستقلة هي مستقبل السينما في العالم كله، فالمنتجون لم تعد لديهم طاقة لإنتاج أفلام بميزانيات ضخمة، وهذا العام مثلاً لم يُنتج فيلم محمد سعد لارتفاع ميزانيته وثمة أفلام عدة كان مقرراً إنتاجها، لكنها توقفت لعدم توافر السيولة، فما الذي يجعلنا كمنتجين نسعى وراء «الأوهام» على رغم أن الأمر أبسط من ذلك بكثير؟

ماذا تعلّمت من تجربتك الأولى «عين شمس» وتلافيته في التجربة الثانية؟

تلافيت بعض الأخطاء على رغم أنني لا أرغب في تسميتها أخطاء وإنما خبرات خاطئة، منها مثلاً عدم استعانتي بنجوم في «عين شمس»، إذ لم يكن الممثلون من نجوم الصف الأول أو حتى الثاني، لكن في «هليوبوليس» استعنت بعدد من نجوم الصف الأول مثل خالد أبو النجا ويسرا اللوزي، وحنان مطاوع وغيرهم من نجوم الشباك. عموماً، يمكنني القول إن المغامرة هذه المرة محسوبة أكثر.

هل ساهم خالد أبو النجا في إنتاج الفيلم؟

أبو النجا وباقي فريق العمل ساهموا بشكل أو بآخر في إنتاج الفيلم من خلال نظام دفع أجورهم المتأخر، فالسينما المستقلة في العالم كله تقوم على نظام أن يتّفق المنتج مع النجم على أجر معين شرط ألا يحصل على هذا المبلغ إلا بعد بيع الفيلم وتوزيعه، وهو ما وافق عليه كل نجوم الفيلم مشكورين، إسهاماً منهم في خروج هذا المشروع الى النور.

لماذا توقفت عن الإخراج بعد ثلاث تجارب سينمائية؟

كان «الرجل الأبيض المتوسط» أولى تجاربي في الإخراج ثم أعقبته بـ{هو في إيه» وأخيراً قدمت «معلش احنا بنتبهدل»، وفي الأفلام الثلاثة كنت أبحث عن فيلم بمواصفات السوق السينمائي لتحقيق ربح مادي ولم أكن أهتم بتقديم معجزة فنية وهذا اعتراف مني بذلك، فأنا غير راض عن هذه الأعمال بنسبة مائة بالمائة وقدمتها فحسب لأكون موجوداً كمخرج لكن طموحاتي الحقيقية لم أبدأ في تحقيقها إلا بعد أن اتجهت الى السينما المستقلة، إنتاجاً وتعتمد على نفسها وعلى فريق عملها.

كيف جاءتك فكرة الانتقال الى تقديم مثل هذه النوعية من الأفلام، ما اعتبره البعض نقلة حادة في مشوارك الفني؟

عندما ابتعدت عن الإخراج شعرت بأن شيئاً ما ينقصني وأنني أرغب في العودة الى المجال السينمائي ثانيةً، ففكرت في الإنتاج وكان أمامي حلّ من اثنين الأول: إما أطرق أبواب المنتجين الكبار لأبحث عن منتج منفذ لأفلامي، وإما أعتمد على نفسي فاخترت الحل الثاني. نحن على مشارف أزمة سينمائية حقيقية، فهذا العام لم تُنتج السينما سوى 12 فيلماً على رغم أن عدد أفلام العام الماضي وصل إلى 58 فيلماً، لذا علينا أن نفكّر في الأزمة وأسبابها وإيجاد حلول ناجعة.

ما انطباعك عن مشاركة الفيلم في المهرجان؟

كنت سعيد جداً بمشاركة الفيلم على رغم أنه مرشّح للعرض في كبرى المهرجانات الدولية، فثمة 22 مهرجاناً يتنافسون على عرض الفيلم مثل «تولونسكي» و{استكهولم» و{بروكسل» و{كوريا الجنوبية» و{اليابان» و{مراكش» وغيرها، لكني كنت حريصاً على أن أعرض فيلمي في بلدي، لأن مهرجان القاهرة السينمائي يمثّل حلماً بالنسبة إلي، لأنه مهرجان قومي.

ما تعليقك على سوء تنظيم المهرجان الذي يشكو منه الوسط الفني والصحافي؟

بعد أن وافقت على عرض فيلمي في المهرجان اكتشفت أن ما يحدث مهزلة حقيقية، فأنا مخرج الفيلم ولم أتلق دعوة لحضور حفلة الافتتاح، وحاولت الحصول عليها من أصدقائي لتتاح لي فرصة حضور الحفلة، أما بطلة الفيلم يسرا اللوزي فقد وجدت صعوبة شديدة في دخول الحفلة واضطررنا لأن نبحث لها عن دعوة بين الموجودين لتحضر الحفلة، ففي العالم كله يكرَّم صناع الأفلام المشاركة في المهرجان، فما بالك وفيلمي الوحيد المشارك في المسابقة العربية في المهرجان؟ فهل يتم التعامل معنا بهذا الشكل؟ للأسف يعتبر القيمون على المهرجان أن صامويل جاكسون وسلمى حايك أهم بكثير من صناع السينما المصرية، ولهما معاملة خاصة جداً، أما نحن فموجودون طوال العام ولا داعٍ إذن للاهتمام بنا، بالإضافة إلى أنهم ينظرون الى الأجانب نظرة مقدسة على رغم أن هذه النظرة يجب أن تكون لصناع الأفلام المشاركة في المهرجان وتحديداً المصرية كونه مهرجاناً مصرياً.

هل تنوي تكرار التجربة والمشاركة مجدداً في وقائع المهرجان؟

لن أقاطعه، لكني سأملي شروطي في المرة المقبلة، وعلى القيمين الموافقة عليها أو رفضها لأني لن أسمح بتكرار هذه المهزلة ثانيةً.