علق المستشار وليد بورباع على الدراسة المنشورة في جريدة «الجريدة» الأسبوع الماضي، التي أعدها د. إبراهيم الحمود، إذ أكد المستشار بورباع أن إنشاء المجلس الأعلى لهيئة الفتوى والتشريع لن يسلب اختصاص المجلس الأعلى للقضاء بطبيعة الحال لاختلاف طبيعة المهام، مشيراً إلى أن الفتوى والتشريع وقضايا الدولة تنتمي في جميع دول العالم إلى السلطة القضائية. وفي ما يلي رد المستشار بورباع:في عدد «الجريدة» المنشور بتاريخ 15/11/2009، تقدَّم د. إبراهيم الحمود بدراسة بشأن مشروع قانون هيئة الفتوى والتشريع، المعروض على مجلس الأمة، وتطرق فيها إلى عدة ملاحظات عليه، كما أنه قد أثار بعض الشبهات، وحيث إن كل ما تطرق إليه مردود عليه دستورياً وفقهياً، إضافة إلى استناده إلى فقه غير معروف المصدر، فإن هذا يجعل الدراسة التي تقدم بها متهاوية فنياً وقانونياً، ولا يساندها دليل أو حجة في الدستور أو القانون، ووفقاً لذلك، فإننا نذكر بعض الملاحظات التي نعتقد ضرورة إيرادها حتى تكتمل الصورة في ذهن الدكتور الفاضل. الرد على الملاحظة الأولىأشار الدكتور إلى أن هيئة الفتوى والتشريع غير قضائية.الرد:إن هيئة الفتوى والتشريع هيئة قضائية وفقاً للمادة (170) من الدستور فهي (هيئة) قد وردت في فصل السلطة القضائية والنيابة ايضا، (هيئة) وردت في فصل السلطة القضائية. وجدير بالذكر أن السلطة القضائية تتكون من جهات وهيئات، فالجهات هي المحاكم والهيئات هي النيابة والفتوى (علي الباز- الدستور الكويتي بحث منشور في مجلة الحقوق- السنة العاشرة- العدد الرابع- 1986 ص229- 245) والمحاكم هي التي تتولى أمر نشاط السلطة القضائية في حدود الدستور باعتبارها اعلى هرم السلطة، وعندما تصدر احكام نهائية فقط، وليست احكاما ملغاة أو لحقها البطلان.كما أن الفتوى والتشريع وقضايا الدولة تنتمي في جميع دول العالم الى السلطة القضائية، ومنها فرنسا ومصر، ويكفي الرجوع إلى القانون المقارن لمعرفة ذلك لأنه ليس سرا.الرد على الملاحظة الثانيةتطرق الدكتور الى ما يراه (تناقضا غريبا) في أن هيئة الفتوى والتشريع هيئة قضائية وملحقة بمجلس الوزراء.الرد:تنص المادة (151) من الدستور على أنه «ينشأ بقانون ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله، ويكون ملحقا بمجلس الأمة». ولقد تطرقت هذه المادة الى ديوان المحاسبة والمهام الموكولة إليه في النص الدستوري بحيث اننا لا نرى انه تناقض بين فكرة الاستقلال الفني والإلحاق الإداري، وعليه فإن هيئة الفتوى والتشريع مستقلة فنيا وملحقة اداريا فقط بمجلس الوزراء لاتساع نطاق عملها وشمول تخصصها بتمثيل الدولة كاملة داخليا وخارجيا فضلا عن وجوب انتماء جميع الأجهزة القضائية إلى جسم الدولة الإداري، فالمحاكم والنيابة العامة تنتمي اداريا إلى وزارة العدل في جميع دول العالم وهيئة قضايا الدولة في مصر ملحقة بوزارة العدل، وعليه فإن الإلحاق الاداري لا يتصادم اطلاقا مع الاستقلال الفني.الرد على الملاحظة الثالثةيقول د. ابراهيم الحمود إنه لا تساوي بين عمل القضاة وأعضاء النيابة العامة وأعضاء الفتوى والتشريع.الرد:إن المساواة بين رواتب القضاة والنيابة والفتوى مسألة مستقرة منذ عام 1977 القانون رقم 14 لسنة 1977 ومرسوم اعضاء السلطة القضائية الصادر في 1981 وبالتالي فقد استقرت هذه القوانين بعد صدور قضاء المحكمة الدستورية رقم (5/2008) بجلسة 28/5/2008 والذي هو خطاب للكل يلتزمون بمضمون ذلك القضاء مما لا مجال لمعاودة بحث هذه المسألة، وتحصنت المراكز القانونية والتحق المئات من الكويتيين بتلك الاجهزة استنادا الى هذه المساواة، فالقول إنهم غير متساوين من الناحية القانونية قول غير دقيق وغير صحيح ايضا ويكفي الرجوع الى القوانين والمراسيم التي تنظم عملهم، اما مسألة الاختلاف في طبيعة عملهم فهذا متحقق باعتبار ان كلاً منهم يقوم بواجباته القضائية وفقا للدستور والقانون، فالقاضي يصدر الاحكام وعضو النيابة والفتوى يقوم بمهمة التحضير والاعداد لهذه الدعوى والطعن في الأحكام، وذلك في فلك يدور بين عمل الدعوى والتحضير لها والحكم وذلك وصولا الى النهاية العادلة.وعليه فالخلط بين المساواة في الرواتب مع الاختلاف في طبيعة العمل للوصول الى نتيجة مؤداها أنهم غير متساوين يعتبر استنتاجا فاسدا، باعتبار ان كثيرا من الموظفين متساوون من حيث الرواتب لكنهم بالضرورة مختلفون في طبيعة العمل، وهذا امر طبيعي ولا يعتبر تناقضا.(انظر: عادل الطبطبائي- بالنظام الدستوري 1985 - ص 610).وحكم المحكمة الدستورية آنف الذكر.الرد على الملاحظة الرابعةأشار الدكتور إلى عدم جواز منح عضو الفتوى والتشريع حصانة.الرد:انه يكفي الرجوع الى القانون المقارن لمعرفة ما اذا كان محامو الدولة يجب حصولهم على حصانة من عدمه، فالحصانة ليست ميزة يمكن التثبت بها وانما مسؤولية واحترام للدولة وممثليها وهي تدور وجودا وعدما مع الاختصاص القضائي المنوط بهذه الجهات ومنها الفتوى طبعا.الرد على الملاحظة الخامسةيعارض الدكتور انشاء مجلس اعلى لهيئة الفتوى والتشريع ويقول ان ذلك يخالف (بعنف) وجود المجلس الأعلى للقضاء.الرد:ان المجلس الأعلى للهيئة لن يسلب اختصاص المجلس الاعلى للقضاء بطبيعة الحال، لاختلاف طبيعة المهام، كما ان انشاء مجالس عليا في الدولة مسألة مستقرة، وهناك العديد من القوانين، بل المراسيم التي تنشئ مجالس عليا تضطلع بمهام معينة كـ«المجلس الأعلى للطيران والمجلس الأعلى للتخطيط والمجلس الاعلى للاسكان والمجلس الأعلى للتعليم... الخ» فما هو المانع ليكون لهيئة الفتوى والتشريع مجلس أعلى للافتاء وصياغة التشريع وتمثيل الدولة، لاسيما انها مختصة دستوريا بهذه الأنشطة القضائية والقانونية، وكذلك الأمر ينطبق على انشاء المعاهد المتخصصة.وعليه فإن جملة ما ذكره د. ابراهيم الحمود عبارة عن افكار غير معروفة المصدر من الناحية الفقهية ومخالفة للدستور وتنم عن عدم معرفة بقوانين الدولة، ودراسته فيها الكثير من السطحية، وهي متهاوية بحيث انها لا تصمد امام الحجة والدليل، وعليه فإننا ندعو الدكتور الفاضل إلى زيارة ادارة الفتوى والتشريع لتزويده بمجموعة التشريعات وبعض الكتب والبحوث وكذلك للنظر في نظم الدول المتقدمة لمعرفة الوضع القضائي الثابت للإدارة في التشريع الكويتي والتشريع المقارن.ولعل وعسى ان تطلع عن كثب ايضا على المكاتب الرثة والتزاحم الذي يعمل فيه المستشارون ومحامو الدولة فكل اربعة اعضاء في مكتب (3×4) بالمساحة مزدرئة، ولتمحص ايضا مدى القصور التشريعي الذي يستكن في قانون الفتوى الصادر منذ 1960 قبل صدور الدستور وهي تحتفل بالسنة القادمة باليوبيل الذهبي لإنشائها، ومع كل هذه المعوقات القانونية والإدارية يا دكتور ابراهيم فهناك انجازات مشرفة ومشرقة للدفاع عن الخزانة العامة للدولة، وخصوصاً ما جاء في التقارير الدورية في القضايا والخارجية والتحكيم الدولي وهذه التقارير قد أشادت بها تقارير ديوان المحاسبة واللجنة البرلمانية الخاصة بحماية المال العام وتقارير مجلس الوزراء.
محليات
المستشار بورباع: الفتوى والتشريع مستقلة فنياً وملحقة إدارياً فقط بمجلس الوزراء أكد أن المساواة بين رواتب القضاة والنيابة والفتوى مسألة مستقرة منذ عام 1977
06-12-2009