نسعى جميعاً إلى تحقيق النجاح على المستوى العاطفي، وتخطّي المشاكل التي تشوب علاقاتنا، وبناء علاقة طويلة الأمد، والانفتاح على الحياة. لكن ما العمل حين لا تكون الإرادة الحسنة كافية لتحقيق هذه الأهداف؟

يحمل كلٌّ واحد منّا في داخله عوائق موروثة من الماضي وأحلاماً وهمية ومخاوف كثيرة تجتمع لإحباط العلاقات العاطفية. تروي ندى، 35 عاماً، تجربتها في هذا المجال قائلة: {منذ عام، أدركتُ أنّ حياتي الشخصية كانت عبارة عن انفصال تلو الآخر ولحظات ثقيلة من الوحدة. لكني كنتُ أعطي من نفسي في كلّ علاقة. فهمتُ أخيراً هويّتي الحقيقية وما أنتظره من الحياة بعد تعرّضي لانهيار عصبيّ}.

Ad

تصالح مع الذات

ترغب نساء كثيرات في محاربة العالم باسم الحب، فيُقنعنَ أنفسهنّ بأنّ {هذه العلاقة مختلفة، وأنها ستنجح بلا شك}، وبأنهن يسيطرن على الوضع تماماً. لكن وفقاً لعلماء النفس، نميل دائماً إلى تحميل الحب مسؤولية كبيرة وكأنه يملك سلطة مطلقة لسدّ النقص في حياتنا ومداواة جروحنا الداخلية. لكنّ هذه المقاربة لا تنجح بل تزيد الوضع تعقيداً. عليك أن تصفّي حساباتك مع نفسك لا مع الحب ولا مع الآخرين.

كيف يمكن أن نعرف أننا نواجه مشكلة إذا كنّا لا نأخذ عناء النظر إلى أنفسنا؟ بعد انتهاء العلاقة العاطفية، تذرف المرأة دموعاً غزيرة، لكن سرعان ما تستعيد نشاطها وتعيش أياماً أفضل من سابقاتها. لكن في نهاية المطاف، تكرر هذه المرأة السلوك نفسه بعد مدة معينة من دون معالجة المشكلة في العمق. يجب العودة إلى الذات أولاً للنجاح في التحكّم بالحياة العاطفية.

خروج من الدوّامة

للتخلّص من ردود الفعل السلبية، يجب استعادة الثقة بالنفس واحترام الذات. لتحقيق السلام الداخلي، يجب طلب مساعدة أهل الاختصاص الذين يعتبرون أن الإصغاء إلى حاجات الذات والتعبير عنها لفهم السلوكيات التي تصدر عنّا يساعدانا في التركيز على المشكلة. إنها بداية الشعور بالتحسّن والهدف من مقابلة المعالج النفسي. أخيراً، ليست الوحدة هدفاً بحدّ ذاته، بل على العكس. يجب التلذذ بها والتوقف عن اعتبارها حالة مأساوية أو خللاً كبيراً في الحياة. إذا كنا متصالحين مع أنفسنا، نتصالح مع الآخر ونتحرر من الخلافات التي تشوب علاقاتنا.

طريق نجاح العلاقة

غالباً ما نختصر علاقة الحب بواقع أنّ الحبيبين يتشاركان الأذواق والاهتمامات والحاجات نفسها. في الواقع، لا تشكّل هذه العوامل درعاً واقياً ضدّ انفصال الثنائي. ما يقوّي العلاقة قدرة كلّ طرف على إيصال حاجاته الخاصة إلى الآخر ومناقشتها. لهذا السبب يجب التخلّي عن صورة فارس الأحلام التي تحلم بها المرأة طوال حياتها. قد تولّد هذه النظرة إلى الحب شعوراً مزمناً بعدم الرضى وتقود إلى تراجع الثقة بالنفس بسبب تعدّد التجارب العاطفية الفاشلة!

شهادة حية

ليلى، 27 عاماً، مدرّسة

{اختبرتُ مغامرات عاطفية عدّة في الماضي، لكنّ علاقتي الأخيرة دمّرتني كلياً. السنة الماضية، كنت على علاقة حبّ برجل. لسوء الحظ، اكتشفتُ أنه يخونني. انهرتُ تماماً لأنني ظننتُ أن علاقتنا كانت ناجحة وشعرتُ أنني كنتُ أؤسس لعلاقة متينة وطويلة الأمد. بعد فترة قصيرة، سافرتُ إلى اليونان مع صديقتي الحميمة للخروج من حالتي. أرادت مساعدتي على استعادة طاقتي. كانت لطيفة جداً وتحمّلت حزني. حين كانت تسبح في حوض الفندق، رنّ هاتفها الخلوي. فتحتُ الخطّ وإذا بي أسمع صوت حبيبي السابق يقول لها: {عودي بسرعة حبيبتي، ودعي تلك المسكينة تتدبّر أمرها بنفسها}. شعرتُ بألم يعصر قلبي. لم أتعرّض للخيانة من الرجل الذي أحبه فحسب بل من صديقة الطفولة. منذ ذلك الحين، تزداد حالتي سوءاً. على الرغم من مرور الوقت، أعجز عن استعادة حياتي}.

رأي الخبراء

- هل للطفولة علاقة بالحياة العاطفية المستقبلية؟

تعود جذور العلاقات العاطفية إلى نسبة السعادة التي شعرنا بها في طفولتنا. إذا شعرنا بالاختناق من اهتمام الأهل بنا وتمكّنا من فكّ ذلك الرابط في الوقت المناسب، سرعان ما نصبح مستقلّين من دون الشعور بالذنب. غالباً ما نفشل في حياتنا العاطفية لافتقارنا إلى الاستقلالية النفسية.

- ما سرّ العلاقة العاطفية الناجحة؟

يكمن السر الحقيقي في استثمار قدراتنا واستخلاص العِبر من التجارب الفاشلة، لأن الفشل ليس أمراً حتمياً في أي علاقة. في المرحلة الأولى، يجب التساؤل عن السبب الذي يدفعنا إلى اختيار الشريك غير المناسب. يجب التوصل إلى فهم معاني تصرّفاتنا. كذلك، يجب التخلّي عن القصص الخيالية والمثالية لأن الشريك لا يدرك فوراً ما ننتظره منه.

- هل تمنعنا العلاقة الفاشلة من التقدّم في الحياة؟

صحيح أننا قد نقابل أشخاصاً يستغلّوننا. تعني مواصلة هذه العلاقات أننا في لاوعينا نريد مشاركة الأمور مع الآخر. قد نتعرّض للأذى طبعاً بسبب علاقات مماثلة، فنحتاج إلى مرحلة لاستعادة قوّتنا مجدداً. المهمّ هو أن نقتنع بأننا قادرون على البدء مجدداً ومقابلة أشخاص آخرين.