توافد ملايين الإيرانيين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس العاشر للجمهورية وسط توقعات بارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات لتتعدى أي انتخابات سابقة. وحسب تقديرات وزارة الداخلية الإيرانية فقد زاد عدد المقترعين على خمسة ملايين مواطن في مدة لا تتجاوز أربع ساعات، وهي نسبة قياسية وغير مسبوقة. وتم تمديد مدة التصويت خمس مرات، نظراً إلى الاقبال الشديد على الاقتراع في اكثر الانتخابات تنافسية منذ قيام الثورة الاسلامية قبل 30 عاماً.

وقال التلفزيون الايراني الحكومي إن التصويت مدد حتى منتصف الليل (19:30 بتوقيت غرينتش).

Ad

وتضاربت الأنباء مساءً، بشأن هوية الفائز، فبعد قليل من إعلان موسوي في مؤتمر صحافي، فوزه الساحق في الانتخابات، أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية فوز أحمدي نجاد بحصوله على أكثر من 70 في المئة من الأصوات.

وانعقدت انتخابات رئاسة الجمهورية في إيران وسط ظروف إقليمية ملتهبة ودولية معقدة، ما يجعلها واحدة من أهم الانتخابات الرئاسية في تاريخ إيران، ولم يغب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن تلك المناسبة، إذ اعلن ان هناك "امكانية تغيير" في العلاقات الاميركية- الايرانية بعد الانتخابات، كائناً من كان الفائز.

وإذا كان منصب رئيس الجمهورية ليس المنصب رقم واحد من حيث الصلاحيات الدستورية في إيران، فإن أهمية الانتخابات الرئاسية تنبع من كونها تؤشر لاتجاهات السياسة الإيرانية في السنوات القليلة القادمة، وعلى هذه الخلفية يمكن تفسير الاهتمام الكبير لدى دوائر وقطاعات النخبة في إيران بالأبعاد الإقليمية والدولية لانتخابات رئاسة الجمهورية، في حين تهتم القطاعات الشعبية الواسعة بالملف الاقتصادي، وأفلحت حملة المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي في كسب هذه القطاعات بالضربة القاضية من الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد، بسبب الأداء السلبي لحكومة الأخير من ناحية، والكفاءات العالية التي أظهرها المرشح الإصلاحي موسوي إبان رئاسته للوزراء طوال فترة الحرب العراقية- الإيرانية من ناحية أخرى.

وفي ظل تباين الاهتمامات والمقاصد بين شرائح الشعب الإيراني، يبدو أن القاسم المشترك الأعظم بين الجميع هو أهمية الانتخابات ومفصليتها للدوائر الثلاث: المحلية والإقليمية والدولية.

تجولت "الجريدة" على مراكز الاقتراع في مدينة طهران، ورصدت ازدحاماً معقولاً في الدائرة الانتخابية الواقعة في شارع خرمشهر بوسط العاصمة، وسألت شابة إيرانية بعد الإدلاء بصوتها خارج مركز الاقتراع عن مرشحها المفضل فأجابت: موسوي، ومثلها قال أربعة شبان من أصل ستة كانوا واقفين في الصف قبل الاقتراع، إنهم ينوون التصويت لموسوي، في حين أعرب واحد عن تأييده لنجاد وآخر لمحسن رضائي. وانتقلت "الجريدة" إلى مركز الاقتراع في حسينية إرشاد الواقع في شارع شريعتي شمال طهران، والذي يعتبر معقلاً تاريخياً لرموز الثورة الإيرانية مثل آية الله بهشتي وآية الله مطهري، هناك انقسمت الآراء بين مؤيدي موسوي ورضائي ونجاد على التوالي، وهو ما يظهر أن اتجاهات التصويت في أغلبية مناطق طهران لم تعط الأفضلية للرئيس الحالي إلا في قليل من المناطق الشعبية.

 ومع أن العاصمة لا تمثل بالضرورة كل المدن والبلدات الإيرانية، فإن طهران كانت تاريخياً مؤشراً على نسبة المشاركة الاجمالية في الانتخابات على مستوى كل إيران، وما يعنيه ذلك من تحطيم نسبة المشاركة في هذه الانتخابات الأرقام القياسية التي تحققت في الانتخابات السابعة والثامنة التي فاز بها الرئيس السابق محمد خاتمي، كما أن الرمزية السياسية الكبيرة لطهران تجعل اتجاهات التصويت فيها مؤشراً الى حد ما على النتيجة المتوقعة.