سوزان عليوان شاعرة تحمل هماً عربياً شتّتها وجعلها تترك أهلها وبيتها في بيروت لتعيش رحلة شتات واغتراب طويلة. ميرال الطحاوي فتاة قروية خجولة اكتشفت أن الحروف التي تغزل بها مخاوفها قد تصبح نصاً مقروءاً. إيمان مرسال اختارت أن ترقص في ممر معتم. منال القاضي طبيبة شابة وحالمة. مي التلمساني واثقة من نفسها وتحاول نحت عالم جديد. عزة بدر تطالب بـ {حق اللجوء العاطفي}... هذه كلّها نماذج من كتاب {موسم كتابة البنات} للكاتبة بركسام رمضان الصادر حديثاً وقد عقدت أخيراً ندوة في القاهرة لمناقشته.يتتبّع الكتاب مراحل الكتابة لدى عدد من الأديبات المصريات والعربيات من خلال حصيلة لقاءات أجرتها الكاتبة منذ أكثر من 16 عاماً مضت، كنّ آنذاك في البدايات وأصبحن الآن من رائدات الكتابة الأدبية عموماً والكتابة النسائية خصوصاً، وقد تحدثت كل واحدة منهنّ عن طموحاتها في الحياة وفي الأدب والثقافة وقد تحقّق ذلك لهنّ بعدنا صرنا اليوم من ألمع الكاتبات في الحياة الثقافية المصرية والعربية واحتللن مكانة مرموقة في ما يسمى {الأدب النسائي} . تقول مؤلفة الكتاب بركسام رمضان إن فكرته تعود إلى عام 1994 عندما لاحظت {أن ثمة كتابات إبداعية كثيرة تصلني من كاتبات صغيرات وقد وجدت فيها نوعاً مختلفاً من الكتابة، كتابة لها مذاق خاص، تتضمّن جرأة محبّبة وعوالم جديدة لم أقرأها سابقاً، إنهن مجموعة من المبدعات في مجال القصة والشعر قدّمت كلّ منهن نموذجاً لجيل التسعينيات من خلال ذاتها ومحيطها المكاني والطبيعي والوجداني}.تصف رمضان إيمان مرسال بأنها شاعرة اختارت أن ترقص في ممر معتم محاولةً البحث عن كتابة تناسب رغبتها في تفكيك الذات بلا ضمانات جمالية جاهزة، أما الكاتبة ميرال الطحاوي فتقول عنها إنه منذ عرّفتها الى الكاتبة سناء البيسي لتقدِّم لها نماذج من إنتاجها، هي تشعر بالخجل كلما لقيت نصاً مطبوعاً وتحس تجاهها امتناناً حقيقياً من فتاة قروية تخجل إذا قابلت وجهها في المرآة واكتشفت أن الحروف التي تغزل بها مخاوفها قد تصبح نصاً مقروءاً. عن سوزان عليوان تلفت رمضان الى أنها شابة صغيرة عيناها حزينتان كما لون شجرة الزيتون، صوتها خافت وكأنه قادم عبر سرداب الهموم، تحمل هماً عربياً شتتها وجعلها تترك أهلها وبيتها في بيروت لتعيش رحلة شتات واغتراب طويلة، وحول الكاتبة بهيجة حسين تشير رمضان الى أن تجربتها محمّلة بالخوف والرغبة والقلق والأمل صاغتها لنا في إبداع جميل ورصدت متغيرات ما يحدث في الواقع العربي. أما منال القاضي فيخيَّل لمن يراها أنها قادمة من كتاب الأساطير، كذلك مي التلمساني التي تقول رمضان عنها إنها أديبة جديدة، واثقة الخطوات وملامحها تشبه كتابتها، هي شديدة الوضوح تحاول نحت عالم جديد، وقد بدأت رحلتها مع القصة القصيرة في وقت مبكر. فيما الكاتبة عزة بدر فلا تزال تطلب {حق اللجوء العاطفي}، وهو عنوان أحدث ديوان لها. عن الأديبة فوزية مهران تقول رمضان إنها سيدة البحر التي ولدت بجانب البحر في الإسكندرية فكان اللوحة الأولى التي انطبعت في عينيها وقلبها وكان بداية التفكير والتأمل والرغبة في التعبير والكلام، فالبحر كان وما زال بالنسبة إليها مسرى الأحلام والأشواق والنظر دائماً إلى الأمام.في الجزء الثاني من الكتاب تأخدنا رمضان إلى حوارات مع أبرز من حاورتهم ومنهم المسكونة بالألم والبحر الكاتبة سكينة فؤاد، الكاتب الروائي د. علاء الأسواني، الشاعر فاروق شوشة الذي تولى تقديم النقاد والأدباء طوال حياته، الشاعر فاروق جويدة المتحدّث الرسمي باسم قلوب المحبين، عبد الرحمن الأبنودي الذي يقول عن القصيدة {إنها إسمي وعنواني ولون ملامحي}، الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة الذي يؤكد أنه ما زال لديه الكثير الذي لم يقله، بالإضافة الى حلمي سالم، الشاعر والناقد اللبناني بول شاوول، أحمد عبد المعطي حجازي، الشاعر أحمد فؤاد نجم، أمل دنقل، الروائي إدوار الخراط، الكاتب مصطفى أمين، الكاتبة فتحية العسال، الراحل د. عبد الوهاب المسيري صاحب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. أكد الناقد الأدبي يسري العزب خلال ندوة توقيع الكتاب، تميّز كتابات بركسام رمضان، إذ تحاول دائماً أن يكون لها طريق خاص في الكتابة، {لديها عقل ووعي ثقافي يختار أعمالها، وهذا سبب ندرة كتاباتها، وسريعة البديهة أيضاً}.أضاف العزب أن في {موسم كتابة البنات} سهولة وبساطة بحثية وجزءاً من النقد الأدبي الموجود لدى الكاتبة، و{هذا يحمينا من صخب كثير حول كتابة المرأة والأدب النسائي عموماً، فذلك الجدل عقيم يصعب علينا أن نخرج منه بنتيجة جديدة، إذ لدينا الكثير من الكتابات ولكنّ المتميز منها قليل}. وختم قائلاً: {اختيار بركسام رمضان للمجموعة جيد، فهي تتميز بالأخلاق الكريمة والحس الأدبي العالي والمتميز والقدرة على الإبداع الأدبي والثقافي بما يثري الحياة الثقافية والأدبية المصرية والعربية}.
توابل
موسم كتابة البنات... يرصد تطوّر الإبداع لدى الأديبات العربيّات
04-08-2010