بعد أن انتهى الاستجواب وعبر الوزير وانحشر، وكاد يسقط بسبب سوء إدارته لوزارة سيادية، نقول للحكومة: لا تفرحي بالنصر الهش، النصر الهزيل الخجول والمخزي، فبلغة الحسابات نجح الوزير وعبر، ولكن بلغة السياسة ولهجتها الكويتية القديمة وحتى الحديثة الوزير انكسر وانحشر، وكاد لا يفلت من استجواب مستحق، ولكل استجواب ثمن يا معالي الوزير، كما قلت سابقاً، والثمن معروف قل تقديره أو كثر، لكنه دُفع بأي شكل وبكل لون.

Ad

ولأن التاريخ لا ينسى والشعب مثله، نستغرب أن يلهث بعض النواب لإضافة صحف ليست بيضاء في سجلهم الذي لا يعلم خفاياه إلا الله، فها هو السلفي ابن السلف خالد السلطان صاحب التصريح المهين الذي طالب فيه «بعصا عبدالله الأحمد» عندما ضاق ذرعا بالإعلام، يعاود من جديد ضرب دولة القانون والدستور ليس بعصا الأحمد، ولكن بعصا الاستجواب وثمنه، فـ«يغير مواقفه» ويناصر «الإعلام» بعدما كان يطالب بجلده، والمحزن أن السلطان يتخذ الدين شريعة حياة كما هو ظاهر، لكن يبدو أن لديه مفهومين للدين، أولهما للعبادة، والثاني للطعام.وما ليس بغريب هو موقف النائب حسين القلاف، فهو يتراجع في لحظات، ويحسبها حسب «الثمن»، فبعدما كان يقول عن العبدالله الوزير الحالم، ويقصد أنه نائم، ها هو يعود ممتنعا عن حجب الثقة، ولهذا لم نعد نعلم من الحالم النائم... الوزير أم القلاف؟!

بعض مواقف النواب في استجواب العبدالله كانت مضحكة، ومنها مواقف دميثير والخنفور ودليهي وزنيفر، وهؤلاء النواب عندما تذكر أسماؤهم لا نستطيع القول إلا «فمان الله»، أما المضحك الآخر فهو النائب عسكر الذي «خرج عن المعسكر»، وبعد أن كان يخيم في سكون رهيب طوال الفترة الماضية، وقف وأيد وأرغد وأزبد وأطال واستطال واستطرد، ما يعني أن الحكومة لم تجد من يدافع عنها، فأوكلت عسكر ولجأت لنائب دائرتنا الرابعة الذي ليس بغريب عليه أن «يتبخر ببخور الحكومة» ويترك «بخور الشعب» الذي طالما تطيب به عندما كان (يفتر) على الدواوين بحثا عن الأصوات.

النائبان سعدون حماد وغانم الميع عذرهما لا يدخل إلى عقل، فالأول يقول «ما شاوروني» والثاني «لي ذراع»... يا جماعة الخير الشارع «مو غبي»، فهل تبيع المصلحة العامة لأنهم ما شاوروك أو لووا ذراعك؟ ولماذا كلام الليل عندكما يمحوه النهار، فالميع وحماد صرحا قبل الاستجواب بأن الوزير «لازم يتغير»، ولكن ما إن طلع النهار حتى نسيا ما قالاه ليلا.

أما النائب العنجري الذي حضر تجمع العقيلة وأشاد به فنجده يتلون بتصريحاته، فمرة يقول: استجواب راق، وأخرى يقول: المستجوب خرج من فرعية، ألهذا أنت ضد الاستجواب؟! والله عجيبة، أنت تتخذ موقفاً من الاستجواب أم من المستجوب؟ وهذا ليس بغريب على العنجري الذي «رمى شواربه» في شرم الشيخ، كما صرح للنائب البراك، وتنازل عنها لنقضه القسم بها، وتراجعه وتأييده لوزير الداخلية في الاستجواب السابق الذي تقدم به البراك.

وأخيراً نأتي إلى علي الراشد الذي رمى كلامه وليس شواربه «في البحر»، وبعدما كان يصرح بأن الوزير لن يجد من يقف معه، وخرج في إحدى القنوات ليقول لن أتحدث مؤيدا للوزير، نجده نقض كل كلامه تماما، ونفاجأ بأن كلام الليل أيضا يمحوه النهار، ويغالط الراشد نفسه ويقف مع الوزير «فأي شوارب تلك؟» وأي مواقف ووعود؟ وأين هؤلاء من مواقف مرزوق الغانم «البطل»، ورفاقه صالح الملا، وحسن جوهر، وفيصل الدويسان، الذين أثبتوا أن الكويت متلاحمة بكل فئاتها، وأن هناك من لا ينظر إلى الأمور من خلال ثقب ضيق تنبع منه رائحة الطائفية والقبلية والمناطقية «وأثمان الاستجوابات»؟ ولا شك أن الفرق كبير بين «شوارب الغانم وجماعته وشوارب العنجري وجماعته»، والتي رميت في شرم الشيخ.

عموما «راح» نكلم الخارجية المصرية لمنع «رمي شوارب» نوابنا في شرم الشيخ أو الغردقة أو أي شواطئ قريبة من إسرائيل حماية «للديمقراطية»، والسؤال المهم: هل فعلا صدق الوزير العبدالله عندما قال لكل استجواب ثمن؟ ويا ترى ما ثمن منح نواب الثقة لوزير قال عنهم إنهم «يتقاضون» مبالغ من جهات خارجية لضرب الديمقراطية؟