لنتخيل معا لو أن مجلس الوزراء عهد الى السلطة القضائية دراسة ضم الإدارة العامة للتحقيقات والأدلة الجنائية إليه، ولكي يتولى القضاء بعد سنة أو سنتين أمر هذين الإدارتين، فسيقوم بتشكيل لجنة من رجال القضاء والإدارة العامة للتحقيقات والأدلة الجنائية لتهيئة انضمام تلك الإدارات تحت مظلة السلطة القضائية.

وبعد مرور هذا العام أو العامين تنتهي هذه اللجنة إلى ضم منتسبي الإدارة العامة للتحقيقات من محققين إلى النيابة العامة واعتبار الأدلة الجنائية إحدى الإدارات التابعة للسلطة القضائية، ويتولى الإشراف عليها أحد مستشاري القضاء، وبعدها لنقيم تلك الأجهزة التي أعيد إليها اعتبارها، ليس من أجل منتسبيها فقط، وانما من أجل رد الاعتبار لمبدأ الاستقلال والحياد، الذي يجب أن تتمتع به العدالة الكويتية، ولا يمكن لأحد أن ينكر أن تبعية تلك الأجهزة لوزارة الداخلية تخل بمبدأ الحياد المطلوب ليس طعنا في نزاهة القائمين على تلك الإدارات الذين يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة، وإنما لتبعية تلك الإدارات ماليا وإداريا لإحدى الوزارات التابعة للسلطة التنفيذية، التي يتعين أن تكون بعيدة كل البعد وفق نص المادة 50 من الدستور، والتي تؤكد مبدأ الفصل بين السلطات، اضافة الى أن ما تقوم به الإدارة العامة للتحقيقات ليس جهدا عسكريا وإنما جهد قانوني يعتمد عليه القضاء في إصداره للأحكام القضائية، والأمر كذلك بالنسبة الى الإدارة العامة للأدلة الجنائية، التي تقدم الأدلة الفنية التي تعتمد عليها الدعاوى الجنائية، فالأدلة التي تقدمها الإدارة يعول عليها إعدام المتهم أو الحكم ببراءته من التهم المنسوبة إليه، وبالتالي، فإن إسناد مسؤولية تلك الأجهزة للسلطة القضائية أمر في محله، وكذا الحال بالنسبة الى ادارة الخبراء التابعة لوزارة العدل، والتي سيعهد أمر الإشراف عليها من قبل أحد رجال القضاء قريبا.

Ad

في الختام أتمنى لتخيلي أن يصدق وأن يتحقق وأن يتولى التحقيق في كل القضايا رجال تابعون للسلطة القضائية، ومن يتولى أمر الإشراف على الأدلة الجنائية هم مستشارون وقضاة.