قال سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إن مجلس الأمة خيب آمال الشعب الكويتي "وضيع فرصة ثمينة ووقتاً طويلاً في مناقشة مسائل بعيدة كل البعد عن المشاريع التنموية، ولم يقُم بالمهمة الموكولة إليه بمساعدة الحكومة"، مؤكداً أن "ما يقوله الناس حول تعطيل البرلمان للمشاريع التنموية وانشغاله بالنقاشات السياسية العقيمة صحيح، وهذا يقر به أعضاء البرلمان أنفسهم". وأضاف سموه في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية نُشِرت أمس، بمناسبة زيارته الرسمية لألمانيا أن "خطأ البرلمان في أداء وظيفته يعود إلى الدستور الكويتي، لأن هذا الدستور يمزج بين النظامين البرلماني والرئاسي، فلا هو رئاسي صرف ولا برلماني بالمطلق، إنما يجمع بينهما معاً".وحول الملف الإيراني، أكد سموه أن من حق إيران كغيرها من الدول، الحصول على الطاقة النووية واستخدامها لأغراض سلمية، لكنه أشار إلى أن هذا الحق يجب أن يُمارَس ضمن شروط وضوابط الوكالة الدولية للطاقة الذرية.وعن العلاقات مع ألمانيا، قال سموه إنها "قديمة وراسخة، ونسعى الآن إلى تطويرها وفتح آفاق جديدة أمامها في كل الميادين، انطلاقاً من رغبة متبادلة في مضاعفة الفرص المتاحة أمام القطاعين العام والخاص، للدخول في مشاريع استثمارية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، والاستفادة من التقدم التكنولوجي المميز لألمانيا والخبرة الاستثمارية المميزة للكويت".وأشار سموه في مقابلته، إلى أن العلاقات الكويتية مع العراق الشقيق تتطور باستمرار منذ زوال النظام العراقي السابق، لافتاً إلى أن مساعدات الحكومة الكويتية ومساعدات المنظمات الكويتية غير الحكومية، تعبير واضح عن الرغبة في خلق علاقات جديدة مبنية على أساس الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.وفي ما يلي نص المقابلة:• صاحب السمو، قبل عشرين عاماً شن صدام حسين هجوماً وحشياً على الكويت، ووقفت ألمانيا إلى جانبكم لاستعادة سيادة دولة الكويت وحرية الشعب الكويتي، كيف تنظرون إلى ذلك؟- إن تحرير دولة الكويت وعودة الشرعية، أحد أنصع الأمثلة لفاعلية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في تحقيق الاستقرار والأمن بالعالم، والكويت ستبقى ممتنةً لألمانيا لموقفها الواضح والقوي في تلك الفترة.لقد انضمت ألمانيا وعدد كبير من الدول الصديقة إلى تحالف أناطت به الأمم المتحدة مسؤولية ردع العدوان وإعادة الشرعية إلى الكويت، فترسخت بذلك مبادئ القانون الدولي التي لا تسمح بالعدوان ولغة الغاب.• كانت الكويت منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 إحدى الدول العربية الأولى التي بعثت عام 2008 سفيراً لها إلى بغداد، ما مدى رضاكم عن العلاقات الكويتية-العراقية اليوم؟- العلاقات الكويتية مع الجار الشقيق تتطور باستمرار منذ زوال النظام العراقي السابق، ومساعدات الحكومة الكويتية ومساعدات المنظمات الكويتية غير الحكومية، تعبير واضح عن الرغبة في خلق علاقات جديدة مبنية على أساس الاحترام المتبادلللسيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، كما نشطت الكويت في المحافلالعربية والإقليمية والدولية لمساعدة العراق على استعادة دوره، وكانت إحدى صور التطور في العلاقات إرسال سفير إلى العراق، ونحن في انتظار وصول سفير عراقي.• وصلت جهود المجتمع الدولي المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني إلى طريق مسدود، هل أنتم مقتنعون بأن إيران تتبنى برنامجاً نووياً سلمياً ومدنياً؟- من حق إيران كغيرها من الدول الأخرى، الحصول على الطاقة النووية واستخدامها لأغراض سلمية، لكن هذا الحق يجب أن يُمارَس كما هو متبع مع دول أخرى، ضمن شروط وضوابط الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لذلك فإن إيران في استخدامها هذا الحق المشروع ملزمة التعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكسب ثقة المجتمع الدولي وإبداء مزيد من التعاون مع الدول القلقة، عبر الحوار الجاد والمرن معها تجنباً لأي مخاطر عليها وعلى دول أخرى في المنطقة.• دول الخليج العربية لا تريد إيران نووية ولا هجوماً ضد إيران، إذاً كيف التعامل مع إيران؟- الكويت تؤكد دائماً أنها ترفض استخدام القوة ضد إيران، لكنها تحث إيران أيضا على إبداء مزيد من المرونة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول القلقة، كما أنها تدعو دائماً في جميع المحافل الدولية إلى إعلان منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية.• تأسس مجلس التعاون الخليجي الذي يضم إلى جانب الكويت خمس دول خليجية أخرى عام 1981، كوسيلة لحماية دول الخليج العربية ضد إيران الثورية، لكن بعد مرور ثلاثة عقود لا يكاد يوجد أي تقدم نحو اندماج دول المجلس، هل هناك مستقبل لمجلس التعاون الخليجي؟- لقد حقق مجلس التعاون الخليجي الكثير من أهدافه، وآخرها ما تحقق في قمة الكويت خلال ديسمبر الماضي، عندما أعلنا انطلاقة الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون، والهيكل المنظم كخطوة لانطلاق الوحدة النقدية.لدينا وحدة جمركية، واتفقنا الآن على مبادئ الوحدة النقدية. إن قادة دول مجلس التعاون وشعوبها جادون وعازمون على الاستمرار في نهجهم التكاملي.• نسمع كثيراً في الخليج مقولة "الكويت هي الماضي ودبي هي الحاضر وأبوظبي والدوحة هما المستقبل"، كانت الكويت رائدة في العديد من المجالات لكنها لم تعُد تبدو كمصدر إلهام للمنطقة، لماذا؟- تتميز كل دولة بمسار يأخذ بعين الاعتبار متطلبات المجتمع الخاص بها، ونحن في الكويت نعمل في إطار مجلس التعاون لبناء منظومة اقتصادية قائمة على أساس التعاون والاندماج الاقتصادي، وكلاعب أساسي في دول مجلس التعاون تعمل الكويت على بناء نموذج تنموي عصري عماده الخصوصيات الكويتية.• رغم الفائض الكبير في الميزانية، والذي يصل إلى حوالي 15 مليار يورو سنوياً، فإنه لا يكاد يحدث تقدم في جهود تنويع الاقتصاد ولاتزال الكويت تحصل على 95 في المئة من دخلها من النفط والغاز، لماذا لم يحدث تقدم في هذا المجال؟- تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، يمثلان بالنسبة إلينا تحدياً مهماً ضمن معادلة صعبة للموازنة بين رفاهية الأجيال الحاضرة وضمان مستقبل الأجيال القادمة، وقد عملنا في سبيل تحقيق هذه المعادلة على إنشاء صندوق استثماري طويل الأجل لمصلحة الأجيال القادمة، كما نعزز استثمارنا في التعليم والصحة بشكل دائم ومستمر، ويمثل مستوى إنفاقنا على هذه المجالات أحد أعلى المستويات العالمية.• لا تستطيع الكويت رفع إنتاجها النفطي من دون الحصول على التقنية والمساعدة من شركات النفط العالمية، لكن هذه الشركات خفضت حضورها في الكويت خلال السنوات الماضية، لقد رفض البرلمان تقديم شروط أفضل لهذه الشركات وتجري حالياً محادثات جديدة، فهل بدأ عهد جديد بين الكويت وشركات النفط؟- زيادة القدرة الإنتاجية من وضعها الحالي الذي يتراوح بين 2.5 و3 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والوصول به إلى 4 ملايين في عام 2020، أمر مبني على الخطة المرسومة لتطوير القطاع النفطي في الكويت، ومما لاشك فيه هو أن استخدام التكنولوجيا أمر مهم في هذا المرفق الحيوي، والمباحثات مع الشركات ذات القدرة التقنية تساعد الكويت في الوصول الى أهدافها، وبعض الشركات قلصت وجودها في الكويت لظروف خاصة بها، لكن المباحثات مازالت مستمرة معها، ومازالت الشركات النفطية ذات التقنيات العالية تزور الكويت للتباحث، ولا تقتصر المشاريع على عمليات تطوير انتاج النفط الخام أو الغاز، إنما امتدت الى عمليات التكرير والبتروكيماويات سواء داخل الكويت أو خارجها.• زيارتكم لألمانيا هي أول زيارة لكم منذ توليكم منصبكم كأمير لدولة الكويت في 29 يناير 2006، ماذا تتوقعون من هذه الزيارة؟- العلاقات الكويتية-الألمانية قديمة وراسخة، ونسعى الآن إلى تطويرها وفتح آفاق جديدة أمامها في الميادين الاقتصادية والفنية والتكنولوجية والثقافية والصحية، كما أننا ننطلق من رغبة متبادلة في أن نضاعف الفرص المتاحة أمام القطاعين العام والخاص للدخول في مشاريع استثمارية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، والاستفادة من التقدم التكنولوجي المميز لألمانيا والخبرة الاستثمارية المميزة للكويت، كما نسعى إلى تبادل الرأي حول القضايا السياسية التي تشغل المنطقة الآن وعلى رأسها القضية الفلسطينية.• الهيئة العامة للاستثمار هي أحد أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم وقد استثمرت في شركات صناعية ألمانية كبيرة، هل مازالت الكويت تسعى إلى الاستثمار في ألمانيا أو بقية أوروبا أو أنها تنظر إلى آسيا كبديل؟- تعتبر استثماراتنا في ألمانيا من الاستثمارات ذات البعد الاستراتيجي الطويل الأجل، والقائمة على أساس المصالح المتبادلة بيننا، وتشكل أوروبا بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة نموذجاً للدول التي تشجع على الاستثمار فيها، لما تتمتع به من استقرار اقتصادي وإطار تشريعي واضح.القرارات الاستثمارية في الهيئة العامة للاستثمار تقوم على اعتبارات فنية بحتة، تسعى من خلالها الى تحقيق عائد معقول وضمن حدود دنيا من المخاطرة لاحتياطاتنا المالية، ولا شك أن ألمانيا وأوروبا هما دائما من ضمن المناطق المرشحة لاستثمارات جديدة، ولدى الكويت أيضا استثمارات تاريخية في آسيا، لكن الأخيرة لا تحل مكان الاستثمارات في أوروبا، بل هي مكملة ومنوعة لمخاطر الاستثمار وضمان العائد.• تود حكومة الكويت تأسيس خمس شركات كبرى برأسمال ضخم من الهيئة العامة للاستثمار، ويتم الإعلان عنها لإكمال الاستثمارات المتأخرة، فهل سيكون للشركات الألمانية حظ في هذه المشاريع الكبرى؟- لقد رسمت الحكومة الكويتية مخططاً تنموياً طموحاً للسنوات الأربع القادمة، يتضمن مشاريع استثمار في مجالات مختلفة مثل البنية التحتية والصحة والتعليم والطاقة الكهربائية، ونحن نريد أن نشرك فيها شركات من القطاع الخاص في الكويت والعالم، وقد سبق لشركات ألمانية أن فازت في السابق بعقود كثيرة في مثل هذه المشاريع، وهي تتمتع بخبرة عالية في هذا المجال، كما أن اقتصادنا يقوم على مبدأ العرض والطلب وهو مفتوح لشركات من كل أنحاء العالم، ونحن ننتظر أن تلعب الشركات الألمانية دوراً مهماً في تنفيذ هذا المخطط التنموي.• الكويت هي الديمقراطية الوحيدة في بلدان مجلس التعاون الخليجي، والبرلمان المنتخب يشارك في القرار بكل المسائل تقريباً، لكن الكثيرين من الكويتيين يشكون الجمود السياسي وقد عارض البرلمان عدداً من المشاريع الاقتصادية الضرورية التي تقدمت بها الحكومة، فهل يمكن القول إن النظام البرلماني في الكويت فشل؟- الشعب هو الذي يختار مجلس الأمة وهذا المجلس له صلاحيات عديدة، إذ يراقب الحكومة ويحاسبها، كما أنه يقر القوانين، لكن البرلمان خيب آمال الشعب الكويتي، إذ ضيع فرصة ثمينة ووقتاً طويلاً في مناقشة مسائل بعيدة كل البعد عن المشاريع التنموية، ولم يقُم بالمهمة الموكولة إليه بمساعدة الحكومة، وما يقوله الناس حول تعطيل البرلمان للمشاريع التنموية وانشغاله بالنقاشات السياسية العقيمة صحيح، وهذا يقر به أعضاء البرلمان أنفسهم.• ما السبب في ذلك؟- خطأ البرلمان في أداء وظيفته يعود إلى الدستور الكويتي، لأن هذا الدستور يمزج بين النظامين البرلماني والرئاسي، فلا هو رئاسي صرف ولا برلماني بالمطلق، إنما يجمع بينهما معاً، وهذا الوضع يؤدي إلى تداخل السلطات التشريعية والتنفيذية، وهذا ينتهي إلى تنازع بين السلطتين، لأن كلاً منهما تسعى الى تقليص صلاحيات الأخرى، وفي نهاية المطاف فإن البرلمان أصبح أقوى من الحكومة وتمكن من فرض آرائه، فالنواب يريدون إرضاء "الشارع" بقرارات سريعة ترضي المشاعر ولا ترضي المنطق، ونتيجة لذلك لم نتمكن من الوصول الى توافق حول المسائل الوطنية الرئيسية ولم نتمكن من المصادقة على المشاريع التنموية البعيدة المدى.صاحب السمو وميركل بحثا تعزيز التعاونقام سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد أمس بزيارة الى الدكتورة انغيلا ميركل مستشارة جمهورية المانيا الاتحادية الصديقة يرافقه نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الاحمد وذلك في العاصمة الالمانية برلين.وتم خلال الاجتماع بحث العلاقات الثنائية وسبل توسعة اطر التعاون بين دولة الكويت وجمهورية المانيا الاتحادية الصديقة في المجالات كافة وبما يخدم مصالحهما المشتركة ويعزز التعاون القائم بينهما، كما تم التطرق الى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية.وجرت المباحثات في اجواء ودية عكست روح الصداقة وعمق العلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين والشعبين الصديقين.وقد رافق سموه بالزيارة اعضاء الوفد الرسمي المرافق.وأقامت ميركل على شرف سمو الأمير والوفد الرسمي المرافق مأدبة غداء بمناسبة زيارة سموه الرسمية لالمانيا.
محليات
الأمير: ما يقوله الناس حول تعطيل البرلمان للتنمية وانشغاله بالنقاشات السياسية العقيمة صحيح
27-04-2010