انتهت منذ أيام الدورة الثانية من برنامج «أمير الشعراء» الذي تقدمه قناة «أبو ظبي»، وقد أثار جدلا في أوساط الشعراء والنقاد والمشاهدين واختلفت حوله الآراء، ما بين مؤيد اعتبره إضافة للشعر العربي وإحياء لدوره بين الجماهير، وبين معارض اعتبره ابتذالاً للشعر وإهانة لقيمته وتحويله إلى سلعة مادية واستغلاله لجمع الأموال.

Ad

يقول الشاعر حسن طلب إن تلك البرامج لا ينطبق عليها وصف البرامج الثقافية، بل هي مجرد برامج إعلامية تهدف إلى الربح، وهذا لا يليق بالشعر. كذلك يؤكد أنه من خلال متابعته لـ «أمير الشعراء»، لاحظ أن من يفوزون بهذا اللقب لا يستحقونه بأي حال من الأحوال، بل لا ينطبق عليهم وصف شعراء، ما عدا استثناءات قليلة، يمكن وضعهم على خريطة الشعر.

يرى طلب أن فكرة الربح من الشعر تسيء إليه، يقول: «أصبح هناك هوس بالأموال والملايين، وزاد مثل تلك البرامج التي تلعب على هذا الوتر ولا تختار هؤلاء الشعراء بطريقة صحيحة، كذلك الأمر بالنسبة إلى لجان التحكيم التي تكون عادة دون المستوى المطلوب من التميز والحيادية وتخضع لهوى الجماهير ولا تستخدم المعايير الصحيحة للاختيار».

أشار أيضا الى أن الاختيار عن طريق التصويت يخضع للهوى والميول والعنصرية، «يحاول أبناء كل بلد التصويت لصالح المتسابق الذي يمثلهم حتى لو كان مستواه ضعيفا»، مشددا على أن الأخطر في تلك البرامج هو خضوع الاختيار لفكرة الأموال عن طريق الاتصالات، وهو ما يتنافى مع قدسية الشعر، خصوصاً أن معظم متابعي تلك البرامج ليسوا من المثقفين أو المهتمين بالشعر، بل هم في الغالب من الشباب الذين يهتمون ببرامج المسابقات للتسلية فحسب.

يستطرد طلب أنه من الممكن ابتكار سبل أفضل لنشر الشعر وزيادة الوعي إليه من خلال وسائل الإعلام، «لا بد من أن تكون البداية في اختيار لجنة تحكيم عالية المستوى، مميزة ومحايدة وغير خاضعة للأهواء، من ثم عدم المبالغة في الجوائز الممنوحة أو في التسمية، فلا يصح أن نطلق على شاعر جديد لقب «أمير الشعراء»، يمكن أن يسمى اسمًا آخر يدل على موهبته الشعرية، لكن من دون النيل من لقب «أمير الشعراء». كذلك يمكن مساعدة هؤلاء الشعراء من خلال طبع دواوينهم وعقد الندوات مع كبار الشعراء ليستفيدوا ويصقلوا موهبتهم، مع عدم الاعتماد على التصويت لاختيار الفائز لأن الجمهور لا يملك الوعي الكافي لتقييم الشعراء، بالإضافة إلى محاولة نشر الوعي بين الجماهير عن طريق نقاد متخصصين على مستوى عال».

رفعت سلام

يتفق الشاعر رفعت سلام مع طلب ويرى أن مثل تلك البرامج يسيء إلى الشعر العربي ويقلل من شأن الثقافة لصالح القيم المادية. كذلك يعترض على تسمية البرنامج بـ «أمير الشعراء» لأنها من وجهة نظره ابتذال للقب ولصاحبه «أحمد شوقي» الذي اختير من قبل أعظم شعراء ونقاد عصره، بعد مسيرة إبداعية طويلة ليتوج أمير الشعراء.

المشاركون في تلك البرنامج، برأيه، لا يمكن أن نطلق عليهم هذا اللقب، خصوصاً أن سبل الاختيار لا تعتمد على الموضوعية، بقدر ما تعتمد على الأموال والعنصرية. يرى سلام أن تلك البرامج لا تهدف إلى نشر الشعر بقدر ما تهدف إلى الربح المادي وتحويل الشعر إلى سلعة مادية وليس قيمة ثقافية.

من ناحيته، يشدد الأديب إبراهيم عبد المجيد على أن تلك البرامج لا علاقة لها بالشعر، وهي مجرد برامج إعلامية لا تفيد الشعر إلا أنها لا تضره في الوقت نفسه. كذلك يعترض على اسم {أمير الشعراء» ويقول إن المتسابقين ربما يكونون شعراء، إلا أنهم لا يمكن أن يكونوا أمراء للشعر ولا يجوز إطلاق الألقاب بتلك السهولة.

أما الشاعر جمال بخيت فيختلف مع هذا الرأي، ويرى أن هذا البرنامج مفيد ويخدم الشعر ويؤدي إلى انتشاره في المجتمع العربي، ويجعل المشاهدين يهتمون به مرة أخرى، بعدما توارى تماما عن الاهتمام.

عن اختيار الفائز من خلال تصويت المشاهدين يقول إن تلك الطريقة صائبة لأن الشعر يكتب للناس ولا بد من أن يكونوا الحكم، إلا أنه يقترح أن يكون التصويت في المراحل النهائية، أما في البداية فتكون لجنة التحكيم هي المسؤولة عن الاختيار بين المتسابقين، وصولا إلى المرحلة النهائية، أي اختيار خمسة شعراء يختار الجمهور من بينهم.

تحفظات

أما الشاعر إبراهيم عبد الفتاح فيرى أن تلك البرامج، على الرغم من تحفظاته الكثيرة عليها، تخدم الشعر وتعيده إلى دائرة الاهتمام بعد اختفاء عصره، «الفكرة في حد ذاتها جيدة إلا أن طريقة التنفيذ غير ملائمة، بداية من اختيار المتسابقين، مرورا باختيار لجنة التحكيم، انتهاء بالاعتماد على التصويت لاختيار الفائز». كذلك يعتبر أن البرنامج جاء تقليدا لبرامج نجحت جماهيريا وماديا، مثل «ستار أكاديمي»، إلا أنها لا تليق بالشعر، ويرفض تسمية البرنامج باسم «أمير الشعراء» لأنه امتهان للقب.

يضيف عبد الفتاح أن كل تجربة تحتمل أن تكون فيها أخطاء في بداياتها، على أن يتم تداركها مع الوقت، ويقترح أن تكون هناك أسس لاختيار المتسابقين، منها ألا يزيد سنّهم على 30 عاما، ألا يشارك شعراء معروفون أو طبعت لهم دواوين بالفعل، ليكون البرنامج فرصة لاكتشاف مواهب جديدة وليس إعادة تقديم شعراء معروفين بالفعل، كذلك اختيار لجنة تحكيم موضوعية، من جميع أرجاء الوطن العربي، ووضع معايير واضحة للاختيار.

من الضروري كذلك، برأيه، عدم الاعتماد على التصويت لاختيار الفائز، أولا لأن الجمهور غير مؤهل لذلك وثانيا لنفي فكرة الربح من وراء برنامج ثقافي يهتم بالأدب والشعر.

يعلّق عبد الفتاح على مشاركة الشاعر المصري أحمد بخيت بأنها لم تكن في محلها، فبخيت شاعر معروف وله دواوين عدة، وفوزه بالمركز الثالث إساءة لاسمه ولسمعته كشاعر.

أما الفنان إياد نصار، مقدّم البرنامج، فيرى أن الاتهامات الموجهة إلى البرنامج ليست صائبة. يهدف البرنامج، على حد قوله، إلى إعادة إحياء الاهتمام بالشعر بعدما فقد بريقه وقرّاءه، وهو لا يسعى إلى الربح بقدر سعيه إلى زيادة وعي الشعب العربي بالشعر والثقافة.

يدافع نصار عن لجنة التحكيم مشدداً على موضوعيتها في اختياراتها، أما التصويت من جانب الجمهور، فهو مفيد برأيه لأنه يثير اهتمام المشاهدين ويحثهم على متابعة البرنامج.