توقعت «هيرميس» أن يعبر إجمالي حجم اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في عام ٢٠٠٨ حاجز التريليون دولار للمرة الأولى، ليبلغ ١٫٠٣ تريليون من ٨١١ مليار دولار في عام ٢٠٠٧، ومع استمرار الفوائض المالية فإن التوسع في الإنفاق الحكومي سيظل مستمرا في عام ٢٠٠٩.

قالت المجموعة المالية هيرميس القابضة إن استمرار أسعار النفط عند مستوياتها المرتفعة سيوفر بعضا من الحماية لدول مجلس التعاون الخليجي من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية، في ظل توقعات باستمرار قوة الاقتصاديات الكلية للمنطقة.

Ad

وأكدت المجموعة المصرية في تقرير حديث لها حول تأثير الأزمة المالية العالمية على الاقتصاديات الخليجية أن أسعار النفط ستكون هي العامل الرئيس في توفير هذه الحماية، فقد ارتدت الأسعار بنهاية الأسبوع الماضي لترتفع عن حاجز ١٠٠ دولار للبرميل، خصوصا بعد البيانات الأميركية بانخفاض كبير عن التوقعات في مخزون خام النفط.

وتشير التوقعات إلى أن أسواق النفط ستعود إلى الارتفاع مجددا بنهاية العام الجاري ليبلغ ١١٥ دولارا للبرميل في الربع الرابع من عام ٢٠٠٨ و ١١٤ في عام ٢٠٠٩.

الاقتصاد الحقيقي

وعلى الرغم من الهبوط الشديد في أسعار النفط في النصف الثاني من عام ٢٠٠٨، فإن هذا العام سيكون أقوى الأعوام لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد بلغ متوسط خام برنت حتى الآن ١١٢٫٣ دولارا للبرميل، وحتى مع فرضية أن يبلغ متوسط الأسعار ١٠٠ دولار للبرميل في الفترة المتبقية من العام الحالي فإن هذا سيؤدي إلى متوسط سنوي للأسعار يبلغ ١٠٧٫٣ دولارات للبرميل في عام ٢٠٠٨، وهذا لايزال يمثل ارتفاعا كبيرا عن متوسط الأسعار المقارنة بعام ٢٠٠٧، إذ كانت ٧٢٫٧ دولارا للبرميل، كما يرتفع كثيرا عن توقعات الإجماع لمتوسط الأسعار في عام ٢٠٠٨ والذي يبلغ ٧٨ دولارا للبرميل، كما سترتفع مستويات الإنتاج بدرجة كبيرة خلال العام الحالي.

وعلى الرغم من أن منظمة الأوبك قررت في أوائل شهر سبتمبر تخفيض الإنتاج بواقع ٥٢٠ ألف برميل يوميا، إلا أن هيرميس لا تتوقع انخفاضا كبيرا في الإنتاج في دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة المتبقية من العام الحالي، الأمر الذي دفعها الى الاحتفاظ بتوقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدول المجلس في عام ٢٠٠٨، ليصل إلى ٧٫٣٪ في عام ٢٠٠٨ من ٤٫٩٪ في عام ٢٠٠٧.

وتشير البيانات الخاصة بالأشهر الستة الأولى من العام الحالي إلى ارتفاع إنتاج النفط في دول المجلس (باستبعاد البحرين) بمعدل سنوي ٦٫٨٪، كما يتوقع أن يرتفع ذلك في النصف الثاني من العام مع زيادة إنتاج النفط السعودي.

وتوقعت «هيرميس» أن يعبر إجمالي حجم اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي في عام ٢٠٠٨ حاجز التريليون دولار للمرة الأولى، ليبلغ ١٫٠٣ تريليون من ٨١١ مليار دولار في عام ٢٠٠٧، ومع استمرار الفوائض المالية فإن التوسع في الإنفاق الحكومي سيظل مستمرا في عام ٢٠٠٩، وبالتالي سوف يرتفع المستوى المطلق للأرباح الذي يتم ضخها في الاقتصاد، إضافة إلى أن البرامج الاستثمارية لدول الخليج سوف تستمر في الارتقاء بالبنى الأساسية وتوسيع القاعدة الاقتصادية في كل من القطاعات الهيدروكاربونية والقطاعات الأخرى ستساهم في حماية الاقتصاديات هذه من الركود.

وأوضحت هيرميس أنه على الرغم من بعض القلق الذي يحيط بسوق العقارات بدولة الإمارات، فإن استمرار الطلب القوي على الإسكان نتيجة النمو السكاني سوف يحتفظ بقوة الاستثمارات في هذا القطاع.

كما سيؤدي الانخفاض الأخير في السوق العالمية للسلع الأساسية إلى شعور شركات المقاولات ببعض الانفراج في أسعار مواد البناء، ففي الوقت الذي حققت أسعار النفط ارتدادا إلى الصعود من جديد، واصلت أسعار المعادن الأساسية انخفاضها مع تراجع الطلب العالمي، وهو التوجه المتوقع أن يستمر وبقوة في عام ٢٠٠٩، وقد انخفضت أسعار الحديد أخيرا في المنطقة، ويتوقع أن تنخفض أسعار الأسمنت أيضا مع زيادة العرض.

السياحة

ورأت هيرميس أن أكثر القطاعات غير النفطية المعرضة لمخاطر التأثر لتباطؤ الطلب العالمي هي السياحة، وفي حال دول مجلس التعاون الخليجي، فإن هذا يتمثل في انخفاض الطلب على السياحة من دول الاتحاد الأوروبي.

وقد يؤثر ارتفاع الدولار الأميركي في مواجهة اليورو أيضا على قطاع السياحة إلا أننا لا نتوقع انخفاضا كبيرا في هذا القطاع في دول المجلس، ذلك أن مساهمته القليلة نسبيا في مجمل الناتج المحلي الإجمالي سوف تحد من الأثر السلبي لأي تباطؤ في تدفق السائحين على القطاع غير النفطي.

التضخم

وتوقعت المجموعة أن يكون للتطورات العالمية الأخيرة أثر ضئيل على توقعاتها لمعدلات التضخم، فعلى الصعيد الدولي لايزال هناك توقعات بارتفاع قيمة الدولار مع تركيز السوق مجددا على العوامل الأساسية.

ويضاف إلى ذلك توقعات بأن تتراجع الأسعار العالمية للسلع الغذائية والتي كانت من الأسباب الرئيسية للتضخم في دول مجلس التعاون الخليجي منذ بداية العام الحالي، وهذه هي من بين الأسباب وراء التخفيض المعتدل للتوقعات الخاصة بالتضخم في عام ٢٠٠٩ عقب بلوغه مستويات الذروة في عام ٢٠٠٨، غير أن متوسط التضخم السنوي في دول المجلس سيظل مرتفعا تاريخيا بسبب الاختناقات في العرض المحلي، وسوف يستمر ارتفاع الإيجارات بالذات وسيمثل مكونا مهما في تضخم أسعار المستهلك، وإن كان هذا الارتفاع سوف يميل إلى الاستقرار.