استنكر عدد من النواب وفعاليات سياسية ومهنية ما نشر في النسخة الدولية من جريدة «الهيرالد تريبيون» الاثنين الماضي، التي تطبع في مطابع «الوطن» في الكويت وتوزع مع «الوطن الإنكليزية»، والتي تبرر العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والجرائم التي ترتكبها إسرائيل هناك ضد المدنيين، واعتبروا ذلك «جريمة يجب محاسبة من قام بها»، وناشدوا الجهات الحكومية والرسمية «ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتوقيع أقصى وأشد العقوبات على مثل هذه التصرفات الهوائية وغير المسؤولة، التي ترتقي خطورتها إلى خطورة قضايا أمن الدولة».

تطبيع منبوذ

Ad

أعرب النائب عادل الصرعاوي عن أسفه لما نشرته صحيفة «الوطن دايلي» الكويتية في ملحقها من إعلان يبرر هجمات العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة، قائلا: «لقد بلغ الاستهتار بالشعور العربي والاسلامي مداه في ان يسعى البعض إلى التربح والتكسب المادي على حساب قضايانا المصيرية، خصوصاً في ظل المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة».

وطالب الصرعاوي في تصريح صحافي أمس الحكومة بمواجهة استحقاق مهم «عبر تحريك دعوى قضائية واتخاذ كل الاجراءات القانونية بحق الصحيفة، خصوصا بعد أن أعلنت الحكومة خلال جلسة امس الأول موقفها الداعم لإخواننا الفلسطينيين في ظل ما يتعرضون له من هجمات شنيعة من العدو الصهيوني، مؤكداً أن على الحكومة التحرك انتصاراً للموقف المبدئي للشارع الكويتي الداعم لقضايانا العربية والاسلامية.

وأعرب الصرعاوي عن أسفه في أن يأتي هذا الاعلان المشبوه بالتزامن مع استذكار الحكومة والمجلس في جلسة أمس الاول لدور الامير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح، وتأكيده الدائم أن الكويت ستكون آخر من يطبع مع العدو الصهيوني، واصفاً الإعلان بأنه تطبيع اعلامي منبوذ يشكل قفزاً على مشاعر الأسى التي يحملها الشعب الكويتي لما يعانيه اخواننا في غزة.

متطرفة في آرائها

وأبدى النائب محمد العبدالجادر استغرابه قيام احدى الصحف المحلية التي تحمل لواء قضية غزة، فضلا عن أنها كانت متطرفة في آرائها لدرجة مطالبتها بمنع اقامة أي مظاهر للفرح داخل الكويت، نجدها تتعامل اليوم مع الكيان الصهيوني بهذه الطريقة وتسمح بنشر إعلان مصور في صحيفة اجنبية يُطبع بمطابعها يبرر الجرائم الاسرائيلية ويؤيد الحرب ضد غزة.

ودعا العبدالجادر في تصريح صحافي أمس، الجهات الرسمية متمثلة في وزارة الاعلام الى إحالة الصحيفة الى التحقيق، وإذا كانت هناك مخالفة لقانون المطبوعات في الكويت فيجب أن تحاسب وان يتخذ اللازم ضدها.

من أيّد الحرب

أعلن النائب محمد هايف عن طلب تقدم به مجموعة من النواب يدعو الى احالة كل من أيد الحرب الاسرائيلية على غزة في وسائل الاعلام الى النيابة، سواء من أو الصحف أو الكتاب الذين سمحوا بالتطاول على إخواننا المجاهدين في غزة.

وطالب هايف بإحالة كل من كتب ومن صرح مؤيداً الحرب على غزة، الى التحقيق، داعياً المؤسسات الرسمية بالدولة إلى محاسبة كل من أيد الحرب الاسرائيلية، مشيراً إلى أن قوانين الدولة لا تسمح بمهاجمة أي قضية تمثل قضية أمة.

وقال هايف إن جميع المؤسسات في الكويت وعلى رأسها سمو أمير البلاد تدعم القضية الفلسطينية، ومن يختلف مع هذا التوجه تجب احالته الى التحقيق.

اعتداءات مستمرة

وأكد النائب خلف دميثير عدم قبول نشر أي موضوعات تحمل اساءة لأهالي غزة، أو تبرر الحرب الاسرائيلية على القطاع.

وقال دميثير في تصريح صحافي امس إن الاعتداءات الاسرائيلية على غزة مستمرة منذ سنوات طويلة، وليس كما يردد في وسائل الاعلام بأنها رد على الصواريخ التي تطلقها «حماس». وأضاف انه لا يمكن ان نقبل أي رأي يكون ضد الفلسطينيين في دفاعهم المشروع عن أرضهم المحتلة.

تفعيل القانون

وأكد النائب فيصل المسلم ضرورة تفعيل قانون المطبوعات وقانون المرئي والمسموع تجاه كل مخالفة لأن سيادة القانون هي المطلوبة، مشيرا إلى انه يجب ان تقوم الاجهزة المعنية بوظيفتها إزاء هذا الامر.

وقال المسلم في تصريح للصحافيين أمس: «إذا كان هناك اعلان نشر للكيان الصهيوني، فهو مثل أي مخالفة يجب تفعيل القانون وتطبيقه ضد من ارتكبها». وشدد على ان تطبيق القانون مسؤولية الجهات الحكومية التي ينبغي عليها القيام بواجبها.

إجراءات قانونية

واستغرب النائب أحمد لاري السماح بنشر اعلان يبرر الحرب الاسرائيلية على غزة في صحيفة اجنبية تصدر في الكويت وتطبع في مطابع صحيفة محلية.

وطالب باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد الصحيفة المشار اليها، مشيرا الى ان الظرف العصيب الذي يمر به إخواننا في غزة وهم يدافعون عن كرامة الامة وعزتها، لا يجوز معه نشر مثل هذه الاعلانات.

واعتبر لاري أن ما حدث خيانة للامة الاسلامية والعربية، مطالباً باتخاذ أقسى العقوبات ضد كل من ساهم في نشر الإعلان. ودعا وزارة الاعلام الى اتخاذ الاجراءات القانونية ضد أي جهة مسؤولة عن نشر الاعلان، سواء كانت فرداً أو مؤسسة أو جهة، وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم.

خيانة لله

من ناحيته قال النائب جمعان الحربش إن الاعلان الذي سمح بنشره جزء من المجزرة وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، مؤكداً أن السماح بنشر هذا الاعلان مخالف لقانون المطبوعات، فحتى اليهود المنصفون يطالبون بوقف هذه المجزرة، أما يأتي شخص مسلم (المفروض أنه مسلم) ويساهم في تبرير قتل الناس فهذه جريمة.

أمر مرفوض

من جهته، قال النائب مسلم البراك تعليقاً على قيام صحيفة اجنبية تصدر في مطبعة احدى الصحف المحلية بنشر اعلان مدفوع الأجر يبرر الهجوم الاسرائيلي على غزة ويؤيده «أن هذا الأمر لا يحتاج الى تعليق، لكنه أمر مرفوض، وعبرنا عنه كرأي في مجلس الأمة، وتخصيص لجنة خاصة لمناقشة موضوع ما تتعرض له غزة، وهي قضية قومية ووطنية وانسانية، ونشيد بهذا الصمود من قبل أهالي غزة، وإن كنا نتمنى في هذه اللحظة توحيد الموقف الفلسطيني، فآن الأوان لأن يتوحد الموقف الفلسطيني وأن يتدخل العرب لمناصرة أهل غزة. وقال: «أنا لم أطلع على الإعلان الذي نشر، وأتمنى أن أطلع عليه حتى أقول رأيي في تفاصيله».

قضية القدس

فيما تمنى النائب عبدالواحد العوضي على كل الكتاب والصحف والمهتمين بالقضية الفلسطينية أن يعلموا ويعوا أن قضية فلسطين بالنهاية هي قضية القدس الشريف، فيجب أن ندعم أبناءنا في غزة، خاصة وأننا نتحدث عن وضع انساني، اذ يقوم الجيش الصهيوني بعمليات قتل جماعية لأطفال ونساء وشيوخ بقصد ضرب القيادة في حماس، مطالبا الصحف الأجنبية التي تطبع في مطابعنا دعم ابناء فلسطين، ونحن نؤمن ككويتيين أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا كما هي قضية فلسطين. وقال العوضي اذا كان هناك من يعتقد أن يستطيع أن يضرب القيادة الفلسطينية من خلال الصحافة باسم حرية الصحافة، فنحن نقول علينا أن ندعم وأن نساعد وأن نقف مع الفلسطينيين في الأزمة التي يمرون بها، واذا كان هناك انتقادات فلتكن في صالح وحدة الصف الفلسطيني، ولا نرضى أن يتم دعم التحريض على ضرب أبناء غزة باسم حرية الصحافة، متمنياً أن لا تمس الاعلانات مدفوعة الأجر القضايا الوطنية التي نؤمن بها.

مقابل مادي

رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الانسان المحامي علي البغلي اعتبر أن ما نشر في النسخة الدولية من جريدة «الهيرالد تريبيون»، التي تطبع في مطابع «الوطن» في الكويت، وتوزع مع «الوطن الانجليزية»، بمنزلة الصدمة التي اصابت الجميع تحديداً في مثل هذه الظروف التي تعيشها غزة والمجازر الوحشية التي ترتكبها اسرائيل في حق الفلسطينيين، مؤكداً أن مثل هذه الطروحات، مدفوعة الاجر، أمر لا يجوز وبعيد كل البعد عن الامانة الصحافية والمهنية.

واستغرب البغلي مرور هذه الاعلانات مرور الكرام من دون أي منع أو أي ملاحظات تذكر من قبل رئيس تحرير الصحيفة المذكورة، مؤكداً أن هذه الاعلانات «مدفوعة الاجر» تسببت في خدش مشاعر الملايين من العرب المتعاطفين مع أهالي غزة المغلوبين على أمرهم.

وقال البغلي: الشعب الكويتي أثبت أصالة معدنه وطيب مولده رغم ما حدث من الفلسطينيين أيام الغزو الصدامي الغاشم على الكويت ومساندتهم وتأييدهم للنظام البعثي، فقد وقفت الكويت بمختلف اطيافها السياسية والمجتمعية للتضامن مع غزة، وخرجت التظاهرات والاعتصامات منددة بالمجازر الاسرائيلية على القطاع، فضلاً عن تقديم الكثير من المساعدات وقوافل الاغاثة العينية والمادية إلى الاخوة المتضررين في غزة، لاسيما ما اقترحه أعضاء مجلس الامة في جلسة أمس الاول والتبرع بكامل رواتبهم لمساندة أهالي غزة.

ووصف البغلي ما نشر بـ «الملح المسكوب على الجرح غير الملتئم»، والذي عمق الجراح وضاعف من مرارة الآلام، مؤكداً أنه كان على مسؤولي الصحيفة النظر بعين الحكمة الى مثل هذه الامور والتروي في قبول مثل هذه الاعلانات بعيداً عن أي مقابل مادي يذكر.

تهديد كيان الدولة

عضو المجلس البلدي خالد الخالد رأى أن ما نشر في احدى الصحف الكويتية هو إهانة واضحة وموجهة الى كل عربي والى كل كويتي، ولا يجوز غض النظر عنها، مؤكداً أن ما نشر بعيد تماما عن مراعاة الشعور، ومن غير المقبول أن تقف صحافة الكويت، التي لطالما ساندت القضية الفلسطينية، في صف العدو الصهيوني على حساب اخواننا في غزة من أجل إعلان مدفوع الاجر.

وتساءل الخالد: هل صحيفة الوطن فوق القانون؟ مناشداً الجهات الحكومية والرسمية سرعة اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة، وتوقيع اقصى وأشد العقوبات لمثل هذه التصرفات الهوائية وغير المسؤولة التي ترتقي خطورتها إلى خطورة قضايا أمن الدولة، والتي من شأنها تخريب العلاقات بين الكويت وجميع الدول والشعوب العربية المتعاطفة مع غزة.

وقال الخالد: على نواب الامة استخدام حقوقهم الدستورية ومساءلة الحكومة على مثل هذه التصرفات العبثية، والاستهتار بمشاعر كل العرب، معتبراً أن ما نشر من قبل صحيفة تطبع في مطابع «الوطن»، وتوزع في الكويت، هو ضمن مخطط مدروس يهدف إلى هدم كيان الدولة بعيد كل البعد عن الصحافة الحرة النزيهة التي لطالما تميزت بها الكويت، مناشداً وزير الاعلام الشيخ صباح الخالد سرعة اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة وردع تلك التصرفات غير الحصيفة.

استهتار بالمشاعر

أمينة سر جمعية الخريجين الكويتية مها البرجس اعتبرت أن ما نشر في جريدة «الهيرالد تريبيون» التابعة لصحيفة الوطن هو استهتار بمشاعر كل العرب، مؤكدة أن ما يحدث الآن من مجازر بربرية على أهالي غزة من قبل إسرائيل ليس قضية فلسطين فحسب بل قضية الامة العربية كلها.

وأضافت البرجس أن ما نشر يعد جريمة في حق الصحافة الكويتية الحرة النزيهة، مؤكدة انه لو حدث تطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل الدول العربية كافة فسوف تكون الكويت آخر دولة عربية تعترف بهذا التطبيع أو توقع أي اتفاقيات سلام مع إسرائيل.

وناشدت البرجس الجهات الحكومية المسؤولة ضرورة فتح تحقيق شامل بشأن هذا الموضوع كونه يعد اتصالا مباشرا بالعدو، مع ضرورة اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة وعدم السكوت عنه.

وقالت: لو ارادت صحيفة الوطن التعامل مع إسرائيل فعليها مراعاة مشاعر ملايين العرب في الدول العربية، المتعاطفين مع غزة المنكوبة، مستغربة وصول الاستهتار إلى درجة مساندة العدو ونشر إعلانات لتبرير المجازر الاسرائيلية على القطاع.

محكمة أمن الدولة

رئيس لجنة المشروعية والدستور في جمعية المحامين الكويتية عبدالكريم حيدر رأى أن نشر إعلان مدفوع الأجر يؤيد الحرب الوحشية والمجازر الجماعية التي تقوم بها إسرائيل على قطاع غزة يعد من جرائم أمن الدولة ومخالفة صارخة للدستور يعاقب عليها القانون، مضيفاً أنه لا يوجد أي تطبيع من جانب الكويت مع العدو الصهيوني، معتبراً أن الكويت حالها حال معظم الدول العربية وهي في حالة حرب دائم مع إسرائيل، مشدداً على ضرورة إحالة المطبعة وملّاكها فوراً إلى المحاكمة.