احتضنت الكويت أمس مصالحة عربية، في قمة تاريخية ترأَّسها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، الذي جعل القمة الاقتصادية فرصة مواتية لتقريب وجهات النظر بين الزعماء العرب، فقاد مبادرة ناجحة لإذابة الجليد بين دمشق والرياض والقاهرة والدوحة، أثمرت لقاء مصالحة ترجم المفاجأة التي أحدثها خطاب العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي أعلن نهاية الخلافات وطي صفحة الماضي، وبدء عهد جديد من التعاون والوحدة بين جميع القادة العرب. وشددت كلمات كل القادة العرب على وجوب إصلاح البيت الفلسطيني. وما إن انتهت الجلسة الافتتاحية للقمة، حتى عُقدت قمة مصغرة على هامش القمة الاقتصادية، ضمت سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني والعاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، لمناقشة التداعيات التي خلَّفها العدوان الإسرائيلي على غزة. وأبلغت مصادر مطلعةٌ «الجريدة» أن الجميع اتفقوا على إزالة الخلافات وتنحيتها جانباً، لأنها تصب في تعميق الشرخ العربي الذي يعود سلباً على القضية الفلسطينية، مشيرة الى أن «لغة العتب كانت واضحة بين الزعماء، إلا أن الآراء طُرحت بكل شفافية بعيداً عن الزخم الإعلامي كما حدث في الأيام السابقة». وأضافت المصادر أن «الجميع قرروا عدم التناحر من أجل أي قضية سياسية كي لا يُجهَض العمل العربي الاقتصادي الذي يصب في مصلحة المواطن العادي»، مشيدين بمبادرتي سمو الأمير وخادم الحرمين بالدعم المادي الكبير من أجل إعادة إعمار غزة ودعم القضية الفلسطينية والمساهمة في القضايا التنموية العربية. وفي الجلسة الافتتاحية للقمة، أعرب سمو الشيخ صباح الأحمد عن أمله أن تخرج القمة العربية الاقتصادية بما تتطلع اليه الشعوب العربية من آمال، وأن تكون فاتحة خير في نهج جديد ومنظم للعمل العربي المشترك، مُرحِّباً بجميع المشاركين في القمة «ويشاركني في هذا الترحيب شعب الكويت الذي لا يداني صدق مشاعره نحوكم إلّا عمق اليقين بأن يخرج هذا المؤتمر التاريخي بحصاد يحقق الآمال ويمنح المصداقية لمتانة الأفعال. ومن خارج هذه القاعة يتابع أبناء الأمة العربية إسهاماتنا للوصول إلى ما يتمنونه من هذا اللقاء غير المسبوق، ويأملون أن تنسجم المكاسب مع قوة التحديات». بعد ذلك أعطى سمو الأمير الكلمة إلى الرئيس السوري بشار الأسد بصفته الرئيس الدوري للقمة العادية؛ فشدد في كلمته على مواجهة «الارهاب الصهيوني» بالمقاومة من دون ان يتطرق الى مطلب سحب المبادرة العربية للسلام الذي أقرته «قمة الدوحة». ثم كانت كلمة للرئيس المصري حسني مبارك انتقدت بشدة «أصحاب المزايدات والشعارات»، وأسهبت في شرح دور مصر إزاء القضية الفلسطينية. وتلت كلمةَ مبارك كلمةٌ للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى حذَّر فيها من أن «ثقوب السفينة العربية كثيرة وتهدد بالغرق». وفي كلمته أمام القمة، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس «جميع الفصائل الفلسطينية الى الالتقاء فوراً في القاهرة للاتفاق على حكومة وحدة وطنية تعمل على اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة». أمّا مفاجأة القمة، فقد وردت في خطاب العاهل السعودي، إذ قال في كلمته: «إننا قادة الأمة العربية مسؤولون جميعاً عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا، وعن الضعف الذي هدد تضامننا، ولا أستثني أحداً منا». وأضاف: «مضى الذي مضى، واليوم أناشدكم بالله جل جلاله ثم باسم الشهداء من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة، باسم الدم المسفوح ظلماً وعدواناً على أرضنا في فلسطين المحتلة الغالية، باسم الكرامة والإباء، باسم شعوبنا التي تمكَّن منها اليأس، أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا، وأن نسمو على خلافاتنا، وأن نهزم ظنون أعدائنا بنا ونقف موقفاً مشرفاً يذكُرنا به التاريخ وتفخر به أمتنا». وإذ ندد العاهل السعودي بـ«العصابة الاجرامية» التي قادت العدوان الاسرائيلي على غزة، حذر من ان مبادرة السلام العربية لن تبقى طويلا مطروحة على الطاولة. وبينما أعلن سمو الأمير مساهمة الكويت بـ500 مليون دولار، في إطار مبادرة كويتية تنموية برأسمال ملياري دولار لتوفير الموارد المالية اللازمة للمشاريع التنموية بإدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك تبرّع الكويت بـ34 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أعلن الملك عبدالله بن عبدالعزيز تبرع السعودية بمليار دولار مساهمةً في البرنامج المقترح من القمة العربية الاقتصادية لإعادة إعمار غزة. ومساءً، عُقدت جلسة مغلقة ركزت على الوضع الاقتصادي، على أن تعقد غداً جلسة ختامية للقمة، يعقبها مؤتمر صحافي يعقده الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير الخارجية الشيخ د. محمد الصباح.
آخر الأخبار
جهود صباح الأحمد تُثمر مصالحة عربية نجـاح مبكـر للقمـة دشَّنـه خـادم الحرمـين بـ إنهـاء الخلافـات وعـود بإعـادة إعمـار غـزة ودعـوات إلى إصـلاح البيـت الفلسطـيني
20-01-2009