تعاملت إسرائيل بحذر أمس، مع الأجواء الإيجابية التي فرضها الترحيب الدولي والعربي بالمبادرة المصرية- الفرنسية المشتركة لوقف الحرب في قطاع غزة، وقررت بعد اجتماع «ماراثوني» للحكومة الامنية المصغرة، الاستمرار في عدوانها المتواصل منذ 12 يوماً على القطاع، بينما ارجأت الحكومة التصويت على الانتقال الى المرحلة الثالثة من الهجوم، والتي تتضمن بشكل خاص اقتحام الاحياء السكانية، علماً أن عدد الضحايا الفلسطينيين يناهز الـ700 شهيد، والجرحى نحو 3100. وأبدت اسرائيل تجاوباً متحفظاً مع المبادرة المصرية- الفرنسية، مؤكدة أنها منفتحة على «مبادئ» المبادرة، ولكنها لم تبحث بعدُ مع الطرفين المعنيين التفاصيل الأساسية لكيفية تنفيذها، علماً أن المستشار الأمني والسياسي في وزارة الدفاع الاسرائيلية عاموس جلعاد يتوجه إلى القاهرة اليوم، للتشاور مع المسؤولين المصريين. وعبرت حركة «حماس»، من جهتها، على لسان رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل عن تحفظ مماثل، معتبرة أن وقف العدوان وفك الحصار يجب أن يسبقا أي ترتيبات أمنية وسياسية. كما أعلن ممثل الحركة في لبنان أسامة حمدان معارضة وجود مراقبين دوليين على المعابر، وهو بند أساسي في الجهود الدولية للتوصل الى حل. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اعلن امس، ان اسرائيل والسلطة الفلسطينية قبلتا المبادرة المصرية- الفرنسية، قبل ان يبادر قصر «الإيليزيه» بعد ذلك بساعات الى توضيح وتصحيح تصريحات ساركوزي، واعتبارها رد فعل على «ترحيب» الحكومة الاسرائيلية بالمبادرة، وليس الموافقة عليها، في حين عبر مصدر فرنسي -لم يكشف عن هويته- عن درجة عالية من التفاؤل، متوقعا أن تثمر المبادرة اتفاقا بشأن كيفية ضبط الحدود خلال أربعة ايام، ومن ثم وقف إطلاق النار خلال ثمانية أيام. واعتبر مراقبون أن قرار اسرائيل تعليق قصفها لمدة ثلاث ساعات يوميا، للسماح بإدخال المساعدات الى اهالي غزة المنكوبين، يندرج في اطار المبادرة الفرنسية- المصرية التي تدعو في بنودها الأولية الى وقف لاطلاق النار، للسماح بفتح ممرات انسانية ومواصلة الجهود المصرية للتوصل الى تهدئة دائمة. كما تدعو الخطة ايضا الى عقد لقاء فلسطيني- إسرائيلي في مصر لتجنب تكرار التدهور الحالي، ولمعالجة اسبابه بما في ذلك تأمين حدود قطاع غزة، بغية اعادة فتح المعابر معه. وتجدد المبادرة الدعوة المصرية إلى حوار من اجل اتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتي «فتح» و«حماس». وفي مقر الأمم المتحدة، بنيويورك، حثت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إسرائيل على أن تدرس بجدية الاقتراح المصري، وذلك خلال اتصال هاتفي اجرته مع نظيرتها الاسرائيلية تسيبي ليفني. ومن المقرر ان تلتقي الوزيرة الاميركية وزراء خارجية عرباً، بالاضافة الى نظيريها الفرنسي والبريطاني في مقر الامم المتحدة، حيث من المتوقع ان يرفض مجلس الامن، للمرة الثانية، مشروع قرار لوقف اطلاق النار عرضته ليبيا. وفي السياق، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند امس، أنه يرى «الإرهاصات الاولى» لوقف إطلاق النار، مضيفا في الوقت نفسه ان الوقت «لا يزال بعيدا للغاية، للقول إن بوسعنا تحقيق انفراجة». ميدانياً، قرر الجيش الاسرائيلي أمس، تعليق القصف على غزة ثلاث ساعات يومياً لـ«دواع انسانية»، الأمر الذي قابلته حركة «حماس» بوقف صواريخها على الأراضي الاسرائيلية. وكان القطاع شهد أمس، قبل الهدنة القصيرة، غارات اسرائيلية وقصفاً مدفعياً مكثفاً، بينما تجددت الاشتباكات مع مسلحي «حماس» والفصائل الفلسطينية بعد انتهائها. وفي تطور ملحوظ، طالبت اسرائيل مساء أمس، سكان منطقة رفح الحدودية مع مصر بإخلاء منازلهم، قبل أن تكثف غاراتها على المنطقة التي تحوي انفاق تهريب السلاح والبضائع. واعتبرت مصادر ان الخطة الاسرائيلية تنص على «تجميع» سكان القطاع في مدينة غزة المحاصرة جزئياً، التي شهدت قبل أيام حركة نزوح من مناطق القطاع الشمالية والشرقية، تهدف الى تشكيل ضغط على «حماس» المسؤولة، ولو شكليا عن الشؤون الحياتية للغزيين. على صعيد آخر، أعلن السفير الكويتي في القاهرة رشيد حمد الحمد أمس، ان الحكومة الكويتية انتهت من تجهيز ثلاث طائرات اغاثة للفلسطينيين. وقال السفير الحمد: إن «الطائرات تحمل مساعدات طبية وغذائية، وصلت إحداها يوم الثلاثاء، وأخرى تصل غداً (اليوم) والثالثة ستصل الأحد المقبل». وأضاف أن الكويت سترسل مع المساعدات الدوائية والغذائية سيارات اسعاف لتسهيل نقل الجرحى والمصابين. وأكد السفير أن الكويت ترى أن أمر معبر رفح «متروك للسلطات المصرية، فهي ترى متى تفتحه ومتى تغلقه تبعا لأمنها القومي»، مشددا على ان «من يتهم مصر بالتقصير لا يعرف حجم الجهد المصري المبذول سابقا وحاليا في القضية الفلسطينية»، مضيفا أن «مصر كانت دائما ملتزمة الوقوف الى جانب اخوانها، ومساعدة الشعب الفلسطيني منذ بداية نكبته». وفي سياق منفصل، نشبت أزمة دبلوماسية بين فنزويلا واسرائيل، إذ طردت كاراكاس مساء امس الاول، السفير الاسرائيلي لديها احتجاجاً على الحرب في غزة، كما سارعت اسرائيل امس، الى اتخاذ اجراء مماثل وطرد القائم بالأعمال الفنزويلي. ولاقت خطوة فنزويلا ورئيسها هوغو شافيز ترحيبا من حركة «حماس» و«حزب الله» ورحب بها العديد من التظاهرات في أنحاء العالم.
آخر الأخبار
إسرائيل تُهدئ نهاراً... وتنذر أهالي رفح ليلاً ترحيب دولي بالمبادرة المصرية - الفرنسية... وإسرائيل و حماس تتحفظان سفير الكويت لدى القاهرة: مصر تفتح رفح وتغلقه تبعاً لأمنها القومي
08-01-2009