تراجع مؤشر قطاع البنوك بشدة أمس متأثرا بأزمة بنك الخليج، حيث هوى إلى 461.9 نقطة في نهاية تعاملات اليوم، وبدا القطاع وكأن الأزمة المالية التي تعصف بأسواق المال غير كافية حتى تأتي أزمة بنك الخليج لتعمق من جراحه وتزيد من خسائر مؤشره التي بلغت منذ مطلع العام الحالي 21.2%، ومطلع الشهر الجاري نحو 14%.على الرغم من التأكيدات بعدم وجود تأثيرات جوهرية في سلامة المركز المالي لبنك الخليج عقب اعلان بنك الكويت المركزي وقف تداول اسهمه اثر تعرض بعض العملاء لخسارة مالية فإن توقيت الحدث جاء ليضاعف حالة الهلع التي تسيطر على المعادلة الاقتصادية في البلاد ونفسيات اطرافها. وكان البنك قد ذكر ضمن المعلومات التي قدمها الى «المركزي» أنه نتيجة لرفض بعض هؤلاء العملاء الوفاء بالتزاماتهم في تغطية خسائرهم، فإن بنك الخليج سوف يتكبد، في المرحلة الراهنة، هذه الخسارة وذلك الى حين الفصل في هذا الموضوع بين البنك وعملائه. ومنذ ان تلقى البنك المركزي هذه المعلومات يعكف على دراستها، اذ عقد اجتماعا مع المسؤولين في بنك الخليج لمناقشة هذا الموضوع، كما بدأ بإجراء تحقيق شامل عن هذه الصفقات وتفاصيلها تمهيدا للوقوف على نتائجها النهائية وتحديد المسؤولين في البنك عن تعريضه لمثل هذه الخسائر. المركز الماليولم تشفع تلك الاجراءات المصاحبة لتصريحات بنك الخليج لدى الاوساط المتعاملة في تهدئة الاوضاع، إذ افاد «الخليج» بأن الخسارة التي سوف يتعرض لها لن يكون لها تأثيرات جوهرية في سلامة مركزه المالي، ولن تؤثر في قدرته على مواصلة نشاطه ولا تدعو الى القلق بأي حال من الاحوال، كما اكد «المركزي» دعمه المركز المالي للبنك بكل قوة وبما يضمن حماية حقوق المودعين بالكامل، وبما يعطي الطمأنينة التامة لجمهور المتعاملين مع البنك في الداخل والخارج حول عدم تأثر النشاط المصرفي للبنك وقدرته على مواصلة نشاطه المصرفي المعتاد.وعلى خلفية اشهار افلاس مصرف ليمان براذرز وما تسببت فيه من انهيارات بأسواق المال العالمية، اصاب نبأ ايقاف تداول بنك الخليج القاصي والداني بحالة من الهلع جاءت متزامنة مع ما تشهده البورصة في الوقت الحالي من تداعيات لـ«تزيد الطين بلة».وعن هذا التزامن اكد رئيس تنفيذي بإحدى الشركات الاستثمارية ان البنك المركزي اعطى تطمينات جيدة بالنسبة الى المودعين والاوساط الاقتصادية بصفة عامة بما لا يدع مجالا للقلق، في حين ان المشكلة الحقيقية هي في توقيت اعلان الخبر.وقال إن التوقيت ليس جيدا وهو ما ادى الى حالة الهلع التي اصابت الاوساط الاستثمارية في الكويت، غير ان المشكلة الحقيقية ليست في خبر ايقاف التداول على اسهم البنك ولكن المشكلة قائمة في الاصل وهي مشكلة انهيارات البورصة.دور المساهمين الكباروفي هذا السياق اوضح نائب الرئيس التنفيذي في شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) بدر السميط أن السوق لا يتحمل اخبارا سيئة في ظل هذه الظروف، وهو في اشد الحاجة الى خبر ايجابي لتحسين نفسية المتداولين، حتى وان تمت الاشارة الى تدخل البنك المركزي وايقاف التداول على اسهم البنك واستمراره في دعمه، لكن الحدث كفيل بأن يكون وقعه سلبيا على البورصة، اضافة الى ان الخبر جاء في وقت تشهد فيه ارباح البنوك تراجعا ملحوظا.وقال السميط: إن بنك الخليج نفسه سيستمر في فترة من التراجعات، والى هنا يأتي دور المساهمين الكبار في دعم الموقف المالي له. وأوضح ان هناك نحو خمسة مساهمين يمتلكون اكثر من 50% من اسهم البنك، والآن جاء دورهم للمحافظة على استمرار البنك، مشيرا الى اهمية البدء في عمليات شراء الاسهم في الوقت الحالي لاحتواء الموقف.غير انه شدد على ان تأثير تعيين مراقب على نشاط «الخليج» في ما يتعلق بأعمال ادارة الخزينة والتعامل في اسواق العملات والاسواق سيكون تأثيرا مؤقتا على ربحية البنك وادائه، مؤكدا اهمية تدخل مساهمي البنك بشراء اسهمه لحماية ممتلكاتهم وموقف البنك المالي.التوقيت سيئمن جهة اخرى، اكد نائب رئيس مجلس الادارة في بيت الاستثمار الخليجي وليد الرويح ان مشكلة الخبر تكمن في توقيته، إذ انه جاء في وقت تشهد البورصة تداعيات بمعدلات غير مسبوقة، مشيرا الى ان اي اخبار سيئة في الوقت الحالي من شأنها التأثير في العملاء والمتداولين بالبورصة، خاصة ان المعلن عن خسارته ليس البنك نفسه وانما بعض العملاء الذين تعرضوا لخسارة مالية نتيجة تعاملهم من خلال البنك في عقود المشتقات والذين رفضوا الوفاء بالتزاماتهم في تغطية خسائرهم.وعن دور البنك المركزي شدد الرويح على انه تدخل في الوقت المناسب كعادته، اذ اكد (المركزي) دعمه المركز المالي للبنك بكل قوة وبما يضمن حماية حقوق المودعين بالكامل، وبما يعطي الطمأنينة التامة لجمهور المتعاملين مع البنك في الداخل والخارج حول عدم تأثر النشاط المصرفي للبنك وقدرته على مواصلة نشاطه المصرفي المعتاد، كما قام بتعيين مراقب على نشاط «الخليج» في ما يتعلق بأعمال ادارة الخزينة والتعامل في اسواق العملات والاسواق.حجم الضرر لم يحدد بعدمن ناحيته قال رئيس مجلس إدارة شركة سنام العقارية مانع الصانع إنه لا يمكن الادلاء بأي تصريحات في الوقت الحالي، إذ انها ستكون سابقة لاوانها، مشيرا الى ان حجم الضرر لم يتحدد بعد، بينما اكد ان سوق الاوراق المالية يشهد تراجعا بالفعل نتيجة ظروف وعوامل اخرى بعيدة عن خبر اعلان ايقاف التداول على اسهم «الخليج» وتعيين مراقبين عليه.واشار الصانع الى انه عند افلاس بنك ليمان براذرز تأثرت اسواق العالم جميعها بتدهور احواله المالية وعرفت كل الاوساط الاقتصادية الضرر الحقيقي، بينما في الوضع الحالي ليس هناك تحديد لحجم الاضرار ولذلك لا نملك الا ان ندعو للمتداولين والمودعين بالعون. الوضع النفسياتفق في هذا الشأن نائب رئيس مجلس إدارة شركة التمدين الاستثمارية فيصل المدلج، اذ اكد عدم وجود تفاصيل كافية حول الخبر، في حين شدد على ان قرار البنك المركزي إيقاف التداول يعني المحافظة على ودائع البنك، اضافة الى قيامه (المركزي) بتعيين مراقب وهو اجراء جيد جدا.واكد المدلج ان الوضع النفسي للمتداولين في الوقت الحالي سيئ للغاية، وجاء هذا الخبر ليؤدي الى انعكاسات سلبية كبيرة على اداء البورصة، بينما الاولى بالاهتمام في هذه الحالة هو الكيان الائتماني لعملاء البنك ووضعهم المالي الذي سيهتز بكل تأكيد.واشار الى ان هذا الخبر سيصيب السوق بالهلع، متمنيا الا يحدث ذلك وطالب الكل بضبط النفس الى ان تنكشف الامور ويتضح الوضع.العقار والخدماتوعلى صعيد متصل قال رئيس مجلس ادارة جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية محمد حمود الهاجري إن الذعر هو سيد الموقف في سوق الكويت للأوراق المالية، إذ ان أكثر التطمينات المهنية والجادة كانت تستند الى نتائج البنوك والشركات في الربع الثالث من السنة التي من المفترض ان تنعكس على كل الشركات وسلامة وضعها المالي والتشغيلي. وأكد الهاجري ان الهبوط هو نتيجة للهلع النفسي من استمرار الازمة الاقتصادية العالمية.واضاف أن الوضع بالنسبة الى قضية بنك الخليج وما يتداول من تكهنات واشاعات حول افلاسه او تعرضه لخسائر حادة نتيجة تعاملات خارجية سيؤدي بالتأكيد الى فقدان الثقة بمثل تلك التطمينات التي قد لا يتفهمها المتداول العادي وأمامه احد الصروح المالية والاقتصادية ينهار لسبب أو لآخر.واشار الى انه ولحين اتضاح الرؤية فإن الثقة ستهتز أكثر فأكثر مع الخشية من وقوع بنوك وشركات اخرى تحت وطأة مثل ما تعرض له «الخليج» في ظل غياب الدور الرقابي للمؤسسات المسؤولة عن السوق والبنوك وشركات الاستثمار.وتوقع الهاجري ان «الدور على القطاعين العقاري والخدمي» قادم لا محالة مالم تراع الحكومة عامل الوقت والسرعة في اتخاذ القرارات المناسبة لمحاصرة الازمة محليا وبعيدا عن الارتباطات الخارجية. أهمية تدارك الأمروأكد عضو مجلس ادارة هيئة المحاسبة والمراجعة لدول مجلس التعاون الخليجي عضو مجموعة طلال ابو غزالة عبداللطيف الاحمد أن الواجب على الحكومة رأب الصدع قبل تداعي كامل البناء، لتطويق الامر. وقال الأحمد إن الإمارات خطت خطوة احترازية قوية، اذ اعطت ضمانا للبنوك بضمانها ودائع العملاء في بداية بروز ظاهرة الانهيارات التي تفشت في الأسواق العالمية وفي تلك الخطوة تدارك لما قد ينسحب من تداعيات على السوق المصرفي قبل فوات الاوان.وبين ان الوضع سيئ جدا لذلك يقتضي اتخاذ قرارات عاجلة اهمها ضمان الودائع كي لا تنهار البنوك.واوضح ان الودائع اذا سحبت من البنوك فإن الهوة ستكبر وان الثغرة ستتسع مما سيشكل خطرا يصعب السيطرة عليه فيما بعد. واكد ان المشكلة ستتفاقم إن لم يتم تدارك الامر، لافتا الى ان شركات الاستثمار ليست بمنأى عما يحدث في السوق من الانهيارات ان لم تتدخل الحكومة لمساعدتها للوفاء بالتزاماتها قبل ان يداهمها خطر التعرض لما تعرض له بنك الخليج. وقال إن على الحكومة مساندة شركات الاستثمار، إذ ان القضية ليست قضية سداد قروض لجهة دون اخرى فالجميع متضرر كبيرا كان او صغيرا.واضاف ان امرا ثالثا حبذا لو وضعته الحكومة نصب اعين المعنيين فيها بعد تجاوز هذه الأزمة وهو يتمثل في وضع برنامج لدعم البورصة وهو امر يشكل خطوة احترازية وكدرهم وقاية. إفلاسات أخرىوتوقع مستشار التنظيم والادارة الدكتور عبدالله فهد العبدالجادر ان يشهد السوق الكويتي افلاسات اخرى، لافتا الى ان اخبارا اخرى قد تكون في الخفاء لدى الشركات الاستثمارية او البنوك الاخرى لا تقل سوءا عما قيل عن بنك الخليج. وقال العبدالجادر إن ما حدث في الولايات المتحدة الاميركية قبل عام كان نذيرا للشركات خارج الولايات المتحدة كي تتخذ احتياطياتها تحسبا لوقوع مثل ما وقع هناك من ازمات الرهن العقاري او اعلانات الافلاس لبعض البنوك او بيع البعض الآخر. واكد ان ما حدث يدعو الى تأسيس نظام مالي واعادة هيكلة الاقتصاد مرة أخرى، واصفا ما يتم اتخاذه من اجراءات بأنه لا يتعدى كونه تخديرا وترقيعا سواء كان من حيث ضخ السيولة او غيرها من اجراءات وقتية لا تعالج المشكلة من جذورها.واشار الى ان المطلوب الاول كان، ومنذ فترة طويلة، قيام هيئة سوق مال في الكويت برصد حال سوق الاوراق المالية وتحركاته ووضع توقعات للشركات المدرجة والى اين تسير.ولفت الى ان الشركات المدرجة كانت تفتقد الافصاح والشفافية في ظل حاجة ملحة في هذا الوقت وفي ما سبق من اوقات الى حوكمة الشركات المدرجة.وعن توقعه بانسحاب ما اصاب بنك الخليج على شركات ومؤسسات مالية اخرى قال الدكتور العبدالجادر: إذا كان بنك كبير ومؤسسة كبنك الخليج وصل الى ما وصل اليه فما حال المؤسسات المماثلة او الاقل شأنا من «الخليج». وأضاف: «نخشى ان تكون البنوك او الشركات الاخرى تخفي اخبارا اسوأ من خبر بنك الخليج»، متوقعا ان يشهد السوق الكويتي افلاسات اخرى.
اقتصاد
خبراء عن أزمة المشتقات في بنك الخليج: لا خوف على النظام المصرفي... لكن من يمحي الهلع في البورصة؟! عمقت من جراح قطاع البنوك وزادت من خسائر مؤشره
27-10-2008