انشغال القائمة المستقلة بغريمتها التقليدية «الائتلافية» المتحالفة مع «الاتحاد الإسلامي» ألهاها عن محاربة «الوسط»، التي عملت الكثير للعودة إلى المركز الثالث، ولكن المؤسف أن تعود أجواء الصراع مرة أخرى بحكم المراكز.صحيح أن الطائفية تطغى في بعض الأحيان على الوطنية... ونعم هناك متنفعون وراء الطرح العنصري وبكل أنواعه، وبالفعل هناك من يختبئ وراء ستار الدين لتحقيق مآربه الرخيصة، وأتعس ما يدركه المرء هو الحقيقة المرة والجريمة التي يشارك في ارتكابها الكثير بقصد أو من دون قصد وتبدر منه تلقائيا حين تهاجم طائفته، فيقول «هذا من المذهب الفلاني» ويبدأ بسبه وقذفه سرا، و افرازات انتخابات مجلس الأمة الأخيرة خير دليل، فضلا عن حوادث كثيرة ومتكررة مماثلة لن تسلم منها البلاد ما دامت الجماعات العنصرية موجودة. ولماذا نذهب بعيدا؟ فانتخابات جامعة الكويت تخوضها قائمتان تمثلان الفكر الوطني هما المستقلة والوسط الديمقراطي، وقائمتان طائفيتان يمثلهما تحالف «لائتلافية-الاتحاد الاسلامي» والقائمة الاسلامية، ولوحظ في السنوات الثلاث الماضية ارتفاعا وقبولا كبيرين لهاتين القائمتين على حساب القوائم الوطنية مع بقاء المراكز كما هي، ولعل أبرز أسباب تفوقهما ليس الطرح... بل التكتيك الانتخابي.«الائتلافية-الاتحاد الاسلامي» قوائم منظمة تتبع تياري الإخوان والسلف بشكل مباشر، ويدعم التياران قائمتيهما «بكل ما أوتيا من قوة»، وهذا الدعم يلزم القائمتين بثبات نسبي في الطرح والمنهجية العامة لهما وهذا أساس كل تكتيك تتخذه القائمتان، وهو خلاف ما نجده في القائمة المستقلة والوسط الديمقراطي اللتين تعتمدان بشكل أساسي على قيادة الهيئة الإدارية وفريق العمل، فضلا عن «كاريزمة» المنسق عام لها، وأمر طبيعي ان يختلف طرح كل منسق عن الذي سبقه، ونلاحظ هذا جليا في اطروحات القائمة المستقلة بينما لا يظهر بشكل كبير على الوسط، ولكن في النهاية يحكم عليهما المتابع للحركة النقابية بأنهما بلا تكتيك.إن تبدل أحوال وأرقام القوائم «الوطنية» لا يعتمد بشكل أساسي على أداء كل منسق أو هيئة إدارية بقدر ما صنعته الظروف، ولا ننكر الدور الذي قام به منسق القائمة المستقلة عمير الشمري، ولا دور منسق الوسط الديمقراطي محمد الزيدان «الذي كان الرابح الأكبر في انتخابات أمس الأول»، بل إن القائمتين انشغلتا في السنوات الأخيرة بمجابهة القوائم التي تخطتها في عدد الأصوات، فالمستقلة تناطح الائتلافية والوسط مشغولة بالصعود على حساب «الاسلامية» فماذا كان؟ لا هجوم ولا تراشق اعلامي بين المستقلة والوسط الديمقراطي، وهو سبب رئيسي انعكس على الرأي العام والمقترعين الذي تأثروا باحترام القائمتين إحداهما للأخرى على مدار ثلاث سنوات، فماذا لو كان احترام القائمتين مقصودا ومدروسا؟... ماذا يحدث؟هناك قوائم تصنع الظروف وهناك ظروف غلبت القوائم... واستطاع الوسط الديمقراطي أمس الأول أن يصنع ظروفه الخاصة وعاد إلى المركز الثالث، مدعما بابتعاده عن مهاجمة القائمة المستقلة، وكذلك ارتفاع المستقلة الطفيف كان حصاد ابتعاده النسبي عن مهاجمة الوسط ثلاث سنوات.لن نتكلم عن تحالف القائمتين لأن أطرافا «جائعة» لا تأكل ولا تقتات إلا من طرح تحالف القائمتين على طاولة تجمعهما، لتأكل كل ما هو جميل ويجمع القائمتين وتتلذذ بمحاربته، لأنه وللأسف أصبح كل من يحارب التحالف «عضوا فاعلا ويحب قائمته ولا يرضى إهانتها»، وهذا أصل الغباء لأن حب أعضاء الائتلافية والاتحاد الاسلامي جعلهما يتحالفان ليرفعا أسماء قائمتيهما عاليا، مع العلم ان نتائج الأمس أظهرت الحدود الحقيقية لأرقام الائتلافية.الحقيقة الأمّر من كل العنصريين وكل الطائفيين والطرح السائد في البلاد، هو ادراكنا أن المستقلة ستعود إلى محاربة الوسط كونها اقتربت من منافستها والوسط سترد بقوة لأنها «الحصان الأسود» في الانتخابات الأخيرة ولن ترحم من يحاول عرقلتها، وستعود الأحوال كما هي وتستمر «الائتلافية-الاتحاد الاسلامي» في تسيد اتحاد الطلبة، و«الاسلامية» ستعود لمركزها الثالث.
محليات - أكاديميا
الاحترام المتبادل بين المستقلة والوسط رفع الحصيلة وغيّر المراكز ماذا لو كانت هذه المنهجية مقصودة؟
14-10-2008