تسبب كتاب جديد للمفكر الإسلامي جمال البنّا يدافع فيه عن فتوى إباحة القبلات التي أطلقها في مارس الماضي، بموجة من الاستياء بين الفقهاء بمصر، وصلت ببعضهم إلى حد اتهامه بالسخف والسعي إلى نشر الفاحشة، لأنه اعتبر أن تبادل القبلات في الأماكن العامة بين الشبان والشابات من غير المتزوجين من قبيل «اللمم»، أي من صغار الذنوب التي تمحوها الحسنات. بينما اعتبر الفقهاء أن هذه الفتوى تفتح المجال أمام تفشي العلاقات الحميمية المفتوحة بين الشباب.

وأصدر البنّا كتابه الجديد تحت عنوان «قضية القبلات وبقية الاجتهادات»، لشرح وجهة نظره في هذه القضية التي أُسيء فهمها على حد قوله، كمحاولة لتأصيل الموقف الشرعي في القضية التي أثارت ردود فعل غاضبة من علماء الدين.

Ad

وقال لـ«الجريدة» إن هذا الكتاب جاء رداً على حملة التشنيع التي لحقت فتواه وتقديم شرح تفصيلي للقارئ من 6 مداخل، على اعتبار أن القبلة رد فعل سيئ لفعل سيئ، وبيان كيفية تعامل الإسلام مع الضعف البشري من خلال ثلاثة مبررات: الأول أن الإنسان واقع في الخطأ لا محالة ولابد من الاعتراف بذلك، وثانياً أن الحسنات تذهب صغار الذنوب والتوبة تذهب كبائر الإثم والفواحش، والثالث أقوال المفسرين عن اللمم كالطبري وابن كثير والقرطبي وسيد قطب حول قوله تعالى «الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة».

وأوضح أن العلماء جعلوا القبلة والضمة والغمزة من اللمم، وبعضهم أضاف إليه السرقة الأولى ثم يتوب والزنية الأولى ثم يتوب، وتُعد تلك المقدمات التي لا تتطور إلى زنى كامل من الأشياء التي يتعامل الإسلام تعاملاً مخففاً ويكفيها الحسنات للتكفير عنها.

من جانبه وصف د. طه ريان، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق في جامعة الأزهر، هذه الفتوى بـ«السخيفة»، وقال «الأدلة التي ساقها البنّا في كتابه وفتواه في غير مكانها الصحيح، وهو يقوم بتطويع آراء المفسرين لتأييد فتواه، فهو يتكلم عن الطبيعة البشرية والغريزة التي وضعها الله في الإنسان، ولكن هذه الغريزة والطبيعة البشرية تحكمهما الشريعة والأوامر التي أمرنا الله بها، والنواهي التي نهانا عنها، وإلا فما فائدة الدين في حياتنا».

وأضاف أن «الخالق جلّ وعلا يعرف مكنون النفس الإنسانية وهو الأقدر على كبح جماحها عن طريق الشريعة الإسلامية وأحكامها، ولم ينهِنا الله عن أمر مثل الفاحشة، إلا لأنه يعلم أضرارها على الإنسان، فكيف يبيح البنّا القبلات بدعوى التنفيس عن الكبت، بينما يأمرنا الله بحفظ الحرمات وعدم اتباع خطوات الشيطان، إنه بهذه الفتوى والكتاب يعطى الضوء الأخضر لأن تصبح العلاقة بين الشاب والفتاة علاقة حميمية ومفتوحة، مما يؤدي إلى انتشار الفاحشة التي قد ينتج عنها الحمل، ومن ثم تقع مشكلة اختلاط الأنساب وينفلت المجتمع».