ما شهدته البلاد أمس من تظاهرة وتسابق في إقامة الانتخابات الفرعية في عدد من القبائل، وما أُعلن قبلها وما سيقام بعدها، مشهدٌ مؤلم في الممارسة الانتخابية. مؤلم لأنه جرى ويجري على مرأى من الجميع، وأولهم الحكومة ورجال أمنها الذين يساهم بعضهم في تلك الانتخابات، ليكونوا أول المشاركين في خرق قوانين الدولة بدلا من تفعيلها والحفاظ على مسؤولية تطبيقها. قبل الدعوة الى الانتخابات بدأت مجاميع تحضّر للانتخابات الفرعية، وتداولت الصحف والمواقع الاعلامية عامة أخبارها وتفاصيلها، حتى الآليات التي ستمارَس فيها. كل هذا تحت أنظار الحكومة ومسؤوليها. ولا نبالغ إذا قلنا إن الحكومة أعطت هؤلاء الضوء الأخضر حين أعلنت أنها تكتفي بالمراقبة والإحالة إلى القضاء. إن القانون واضح وصريح، فهو يجرِّم مثل تلك الانتخابات مثلما يجرِّم القتل والسرقة والخطف. فهل نتفرج على تلك الجرائم «كمراقبين» وننتظر وقوعها ثم نحيلها إلى القضاء من دون أدلة وبراهين كافية؟ ألغت الحكومة المداهمة والمنع بحجة عدم تكرار تجارب العام الماضي وما رافقها من مواجهات من بعض أبناء القبائل حفاظاً على الوحدة الاجتماعية... بمعنى آخر نجح الآخرون في ترهيب الدولة، ولم تنجح الحكومة في تفعيل قوانينها، بل سلكت طريق تعطيل تلك القوانين بنظرية الاكتفاء بالمراقبة والاحالة الى القضاء. إن عدالة تطبيق القانون هي المعيار الأساسي في الحفاظ على اللحمة الاجتماعية وصيانة الوحدة الوطنية. فإن كان لتطبيق بعض القوانين سلبياته الآنية، فلأنها لم تُفعّل من قبل، ولأن حساب ايجابيات تطبيقها على المدى البعيد أهم من الخوف من سلبياتها على المدى القصير. وتبقى هيبة الدولة وصيانة أركانها كُلاً لا يتجزأ. فمتى ساد القانون على الجميع ساد الاستقرار، وأصل الديمقراطية ليس استبداد الأكثريات على حساب الأقليات، وسيادة العصبيات والطائفية على حساب الكفاءات. فالديمقراطية التي تُقصي الأقلية وتلغي الآخر هي ديكتاتورية لكن بثوب ديمقراطي. الجريدة
آخر الأخبار
افتتاحية لا تعطِّلوا هيبة القانون
16-04-2009