أجمع عدد من أعضاء مجلس الأمة ورؤساء عدد من جمعيات النفع العام على رفض قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، الذي تضمَّن «أن تكون مخاطبات كل جمعيات النفع العام والكيانات الأخرى التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال الوزارة فقط»، مؤكدين أن هذا القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات تهدف إلى تقييد عمل مؤسسات المجتمع المدني، مشيرين إلى أن هذه الجمعيات لا تحتاج إلى وصاية من أحد.

أكد النائب علي الدقباسي رفضه للقرار الذي اتخذته وزارة الشؤون، بشأن «تقييد» دور جمعيات النفع العام، مؤكداً ضرورة تفعيل نشاط مؤسسات المجتمع المدني.

Ad

وقال الدقباسي في تصريح للصحافيين بمجلس الأمة أمس: «أمر مرفوض ان تكون وزارة الشؤون وصية على جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني من خلال تقييد عملها ونشاطها».

وأشار الدقباسي إلى «انه يؤيد تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني ولا يقبل الوصاية على أي مجلس إدارة منتخب من اعضاء الجمعية العمومية، فإذا كانت هناك أي مخالفات، فمن الممكن للشؤون اللجوء إلى القضاء».

وأكد أن «هذا الموقف ستتم ترجمته عبر تقديم عدد من الاقتراحات بقوانين لرفع أي نوع من أنواع الوصايا من قبل وزارة الشؤون على مؤسسات المجتمع المدني».

دعم أنشطة الجمعيات

واتفق النائب محمد العبدالجادر على ضرورة دعم نشاط جمعيات النفع العام وتوفير التسهيلات لها، للقيام بالدور المنوط بها كإحدى المؤسسات الفاعلة في المجتمع.

وأكد العبدالجادر في تصريح لـ«الجريدة» أمس أن أي تقييد لعمل مؤسسات المجتمع المدني أمر مرفوض ولا نقبله، لكونه لا يتفق مع أجواء الديمقراطية والحرية التي تشهدها الكويت. وكشف انه سيوجه أسئلة بهذا الخصوص الى وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بدر الدويلة، للاستفسار منه عن خلفيات إصدار هذا القرار، الذي من شأنه تقييد عمل جمعيات النفع العام.

تكريس للبيروقراطية

ومن جانبه، رفض النائب عبداللطيف العميري قرار «الشؤون»، قائلاً إنها تهدف من وراء ذلك إلى مركزية العمل مما يكرس البيروقراطية، مشيراً إلى أن وزارة الشؤون تتبع الأسلوب ذاته مع الجمعيات التعاونية التي تعاني هذه الإجراءات.

واستغرب العميري في تصريح لـ«الجريدة» أن تصدر الوزارة مثل هذه القرارات المقيدة، قائلاً «إذا كانت الحكومة غير مقتنعة بدور جمعيات النفع العام في المجتمع، فلماذا ترخص لها وتجعلها تعمل؟»، مشيراً إلى أن الحكومة تريد أن «تحكم قبضتها على جمعيات النفع العام وتبسط سيطرتها عليها وتحجم دورها بطريقة متخلفة»

تنسيق

ومن جانبه، قال رئيس جمعية الخريجين سعود راشد العنزي إن هناك تنسيقا مستمرا مع جمعيات النفع العام المعنية والمهتمة، و«نعد لموقف مشترك بين هذه الجمعيات ضد قرار مجلس الوزراء».

وأوضح العنزي «اننا ندعم اي تحرك من قبل أي جمعية زميلة، للتصدي لهذا القرار الجائر».

وقال ان: «جمعية الخريجين دعت كل جمعيات النفع العام المعنية غداً الاربعاء، كجزء من التحرك ضد هذه القرارات المجحفة، لمناقشة مشروع قانون الجمعيات الذي يعطي وزير الشؤون الحق في تعيين نصف عدد اعضاء مجلس ادارة الجمعية».

وأشار العنزي الى ان قرار مجلس الوزراء الأخير يشكل «تدخلا سافراً في حق الجمعيات لمخاطبة الجهات الرسمية»، وقال ان هذه المحاولات ما هي إلا للحد من حرية المجتمع المدني الكويتي.

وأوضح أن ما تتعرض له جمعيات النفع العام ما هو إلا جزء من تقليص الحريات الدستورية.

ودعا رئيس جمعية الخريجين مجلس الوزراء الى العدول عن هذا الموقف «كما فعل في قانون التجمعات من قبل»، معتبراً ان العدول عن القرار ما هو إلا فضيلة، ولا يُعد انتقاصاً من شأن المجلس، متمنياً أن يكون ذلك مجرد زلَّة وخطأ عابر».

وطالب مجلس الوزراء كذلك بالانتصار للحريات التي كفلها الدستور.

واختتم العنزي تصريحه بقوله: «سنستخدم كل الوسائل السلمية لوقف هذا التدخل، بما في ذلك الاستعانة بالإخوة نواب مجلس الأمة».

ومن جهته، قال نائب رئيس الجمعية الكويتية لحماية البيئة أنور الراشد: «نريد معرفة المقصود بالكتاب»، وأوضح ان ذلك يعد «تضييقا على الحريات وتدخلا في شؤون المجتمع المدني».

واستغرب مثل هذا التصرف في بلد ديمقراطي نعيش فيه بحرية.

وأوضح «أننا ننتظر ما سيسفر عنه اجتماع عدد من الجمعيات مع سمو رئيس مجلس الوزراء».

وأكد رفضه تدخل وزارة الشؤون في الاشراف على المراسلات التي تتم بين جمعيات النفع العام.

قرار سلبي

من جهته، قال رئيس الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام أحمد العبيد ان قرار مجلس الوزراء غير ديمقراطي وسلبي، مشيراً إلى أنه غير قابل للتطبيق وسنرفضه استناداً إلى الحقوق التي كفلها الدستور.

وقال العبيد في تصريح لـ«الجريدة» ان قرار مجلس الوزراء الأخير جزء من سلسلة قرارات وخطوات سابقة، تهدف الى تحجيم عمل مؤسسات المجتمع المدني بأكثر من طريقة، مؤكداً أن الشواهد الحكومية في التضييق على عمل جمعيات النفع العام كثيرة، وآخرها ما أثير لتعديل قانون جمعيات النفع العام الذي طرحه وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بدر الدويلة.

وبيَّن العبيد أن تلك الاشارات الحكومية غير ايجابية وتفرغ عمل مؤسسات المجتمع المدني من الدور المطلوب منها، لافتا إلى أن هذا الضغط الذي تمارسه الحكومة لتحجيم مؤسسات المجتمع المدني هو مقيد أصلا.

كتاب غامض

أمين سر جمعية الصحافيين الكويتية فيصل القناعي، وصف كتاب مجلس الوزراء بـ«الغامض» الذي لا يحمل أي تفاصيل، معتبراً إياه تضييقا على جمعيات النفع العام، ومؤكداً في الوقت ذاته أن جمعيات النفع العام لا تحتاج الى وصاية من أحد خصوصا، انها لا تتبع الحكومة حيث ان لها استقلالية ولا تتبع الوزارة الا من خلال الدعم المادي فقط.

وقال القناعي في تصريح لـ«الجريدة» إن قرار مجلس الوزراء خطر ومرفوض من ناحية المبدأ، منوها الى دعوة وجهتها «الصحافيين» إلى جمعيات النفع العام لاجتماع الاثنين المقبل لمناقشة قرار مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن الاجتماع سيكون مفتوحاً لوسائل الاعلام، ومضيفا أن هناك لقاءات مع سمو رئيس مجلس الوزراء ووزير الشؤون لشرح هذا التوجه.

وبيَّن القناعي أن الاجتماع المزمع إقامته سيتطرق كذلك الى موضوع تعديل قانون جمعات النفع العام، والذي يشكل كارثة على الجمعيات، كاشفاً عن نيته تقديم استقالته من «الصحافيين» في حال أقر هذا القانون من خلال مجلس الأمة، متمنياً في الوقت ذاته من أعضاء مجلس الأمة أن يقفوا وقفة مساندة لمؤسسات المجتمع المدني.

مرحلة غير حميمة

ومن جانبه، قال أمين سر جمعية المحامين الكويتية الحميدي السبيعي إن الكتاب الذي بعثت به وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى جمعيات النفع العام يمثل تضييقاً على مؤسسات المجتمع المدني، وأضاف: «نحن مقبلون على مرحلة غير حميمة بين الحكومة ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومؤسسات المجتمع المدني».

وقال الحميدي: «لدينا معلومات منذ فترة أن هناك تجاها للتضييق على العمل المدني، ونحن الآن ننسق بين جمعيتنا والجمعيات الأخرى لمجابهة هذه الهجمة».

وأوضح أن هناك خطوات أخرى قامت بها الحكومة تؤكد أنها بصدد تضييق الخناق على المجتمع المدني والهدف منها النَّيل من حرية العمل النقابي، ومن بينها ما يتعرض له عدد من قيادات العمل النقابي من إحالة إلى التحقيق.

ومن جانبه، قال رئيس رابطة الاجتماعيين عبدالرحمن التوحيد «ننتظر قرار مجلس الوزراء رقم 666 والخاص بأن تكون مخاطبات كل جمعيات النفع العام والكيانات الأخرى التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال الوزارة فقط»، وبناء عليه سوف نحدد الموقف الذي سنقوم باتخاذه حيال ذلك، وقال التوحيد لـ«الجريدة»: «ما وصلنا هو كتاب وزارة الشؤون في هذا الشأن، أما القرار الذي صدر من مجلس الوزراء فلم يصل إلينا».

وأوضح التوحيد أنه «عندما يصل إلينا القرار فسوف نقوم بدراسته بشكل دقيق، وسندرس أبعاده والأوضاع القانونية المترتبة على هذا القرار، بعدها سوف

نرد عليه، فلا نريد استباق الأحداث لحين وصول قرار مجلس الوزراء إلينا».

المادة 39 من الدستور

حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة وسريتها مكفولة فلا يجوز مراقبة الرسائل أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه .