عبّأ صلاح الدين الأيوبي جيشه استعداداً لمنازلة الصليبيين وخوض معركة الجهاد الكبرى التي ظل يعد لها عشر سنوات منتظرا الفرصة المواتية لإقدامه على مثل هذا العمل،غادرت قوات صلاح الدين التي تجمعت من مصر وحلب والجزيرة وديار بكر فى مدينة دمشق وفي أثناء ذلك تجمعت القوات الصليبية تحت قيادة ملك بيت المقدس في مدينة صفورية، وانضمت إليها قوات ريموند الثالث أمير طرابلس، ناقضا الهدنة التي كانت تربطه بصلاح الدين مفضلاً مناصرة قومه، على الرغم من الخصومة المتأججة بينه وبين ملك بيت المقدس.

كان صلاح الدين يرغب في إجبار الصليبيين على المسير إليه ليلقاهم وهم متعبون في الوقت الذي يكون هو فيه مدخرًا قواه، وجهد رجاله، بدأت القوات الصليبية الزحف في ظروف بالغة الصعوبة حيث تلفح وجوههم حرارة الشمس وقلة الماء ووعورة الطريق، في الوقت الذي كان ينعم فيه صلاح الدين وجنوده بالماء الوفير والظل المديد، وعندما سمع صلاح الدين بشروع الصليبيين في الزحف تقدم بجنده نحو تسعة كيلومترات، ورابط غربي طبرية عند قرية حطين.

Ad

أدرك الصليبيون سطح جبل طبرية المشرف على سهل حطين وهي منطقة على شكل هضبة ترتفع عن سطح البحر أكثر من 300 متر ولها قمتان تشبهان القرنين وهو ما جعل العرب يطلقون عليها اسم «قرون حطين»، وقد حرص صلاح الدين على أن يحول بين الصليبيين والوصول إلى الماء في الوقت الذي اشتد فيه ظمؤهم، كما أشعل المسلمون النار في الأعشاب والأشواك التي تغطي الهضبة، وكانت الريح على الصليبيين فحملت حر النار والدخان إليهم، وبدأ صلاح الدين هجومه الكاسح فى 15 من رمضان عام 548 هجرية فاختلت صفوفهم وقتل الكثير منهم وحاولت البقية الباقية أن تحتمي بجبل حطين فأحاط بهم المسلمون حتى بقي منهم ملك بيت المقدس ومعه مائة وخمسون من الفرسان فسيق إلى خيمة صلاح الدين.

لم تكن هزيمة الصليبين في حطين هزيمة طبيعية وإنما كانت كارثة حلت بهم حيث فقدوا زهرة فرسانهم وقُتلت منهم أعداد هائلة ووقع في الأسر مثلها حتى قيل: إن من شاهد القتلى قال: ما هناك أسير، ومن عاين الأسرى قال: ما هناك قتيل.