تعد منطقة السالمية مركزا تجاريا مهما وتسمى بـ «العاصمة الثانية» للبلاد، ولكي تلحق بركب التطوير والتمدن العمراني، كان لزاماً على الجهة المعنية تطوير جزء حيوي منها والمتمثل في شارع سالم المبارك، عند سوق السالمية القديم تحديداً، لكن يد التطوير أزالت معالم بارزة في ذلك الموقع تعاقب عليها جيل بعد جيل فحملت ذكريات جميلة لا تنسى.«سوق السالمية القديم يعد بمنزلة الماس الخام، يحتاج إلى صائغ ماهر كي يعيد صقله ليصبح جاهزا لكي تتزين به الكويت وتزهو معه». تترجم الجملة السابقة رغبة صادقة عبّر عنها أحد تجار الكويت، حين طالب الدولة بضرورة أن تولي «الدمنة» أحد أقدم مناطق الكويت جزءا من اهتمامها، ذلك عندما رأى ومجموعة من رجال الأعمال وعدد من أعضاء المجلس البلدي أن مباني شارع سالم المبارك «شاخت» وأصبحت متهالكة لكنها لا زالت تحتضن قصص وعبق الماضي الجميل. من يعرج على شارع سالم المبارك اليوم وتحديدا عند سوق السالمية، سيجد نفسه أسيرا لذكريات جميلة تعود إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، عنما كان الوجهة الوحيدة للمواطنين والمقيمين والسياح آنذاك، فمن منا لا يتذكر أناقة وبهجة هذا الشارع وشدة اكتظاظه بالمارة والسيارات في نهاية كل أسبوع؟ وكم سيدة تتذكر اليوم محلات «الأمل» أو «الاتحاد»؟ وكم شابا وفتاة التقوا في ذلك الشارع باسم اللهو والغزل البرئ؟ كان كل شيء بسيطا بساطة المباني المحيطة، كبساطة المواطنين آنذاك، لكن شيئا من هذه المعالم وغيرها من المحلات والمعارض التي عهدها ذلك الجيل لم تعد موجودة، وكأنما توقف عندها الزمن، ليعلن بداية مرحلة جديدة من التطوير والتحديث، المحلات علقت يافطات «تصفيات عامة» على أبوابها، في محاولات مستميتة منها للكسب السريع قبيل إغلاقها وقبل ان تصل إليها «جرافات» التطوير ، واختفت مكتبة ذات السلاسل ومكتبة العائلة، والمطاعم التي حملا ذكرى لقاءات، ولم تعد محلات ألعاب الاطفال الشهيرة محل جذب لجيل اليوم من الصغار، فالتغيير الكبير زاحف، ليغير معالمَ تعودتها الذاكرة ويصعب عليها نسيانها!الشارع سمي تيمنا بالشيخ سالم المبارك الصباح في الخمسينيات، حين كان يقطن المنطقة مع طائفة من قبيلة العوازم، وسميت «السالمية» باسمه قبل أن تكون «الدمنة»، لكن الشارع اليوم، وعند تقاطع الأشارة الضوئية وبمحاذاة بناية «الحمراء» وصولا إلى سوق السالمية، يبدو وقد استوى قبرا في مدينة مهجورة، وأُرغمت المباني على أن تُدرج ضمن «مشروع تطوير شارع سالم المبارك»، وعقدت إبنة المجلس البلدي المهندسة فاطمة الصباح العزم على تحويل المنطقة التي «تعشقها» على حد تعبيرها «من عجوز شمطاء إلى عروس شابة تتألق كل ليلة بفستان زفافها» وجاءت توصيتها بضرورة تطوير شارع سالم المبارك بمنطقة السالمية عبر انشاء شركة مساهمة، يشترك فيها جميع اصحاب العقارات لعملية التطوير الممتدة من شارع هارون الرشيد الى رأس السالمية، ومن شارع حمد المبارك إلى شارع الخليج العربي.كل شيء في الكويت يتغير. لم يعد سوق السالمية القديم يجذب المواطنين ولا السياح إن وجدوا، حتى أصبحت المجمعات الحديثة وظهورها المتسارع واحدا تلو الآخر ، كصرعات متجددة، تجذب مرتاديها من كل جنس ولون، وتسحب البساط عن كل ما هو قديم.
محليات
جراحة تجميلية لتحديث سوق السالمية يعود إلى سبعينيات القرن الماضي
12-08-2008