كم يؤلمنا ما يحدث هذه الأيام من أمور تخجل منها النفس الإنسانية ويعجز عنها العقل البشري في مصابها. إساءات مستمرة وتخريب متعمد لقطاع التعليم العالي على العموم وقطاع التعليم التطبيقي على وجه الخصوص. فهناك محاولات جادة ومستمرة لتفريغ هذه المؤسسات والمعاهد التطبيقية من باحثيها وسدنة منابرها الأكاديمية الذين أفنوا جُل حياتهم في بناء صروحها، فكانوا مشاعل نور وهدىً في بناء أجيال متعاقبة من أبناء الكويت في القطاعات والأنشطة الإنسانية المختلفة التربوية منها أو التجارية أو الصحية أو قطاعات التدريب المختلفة . كنا في الماضي ولانزال نتكالب على إبقاء أصحاب الخبرات غير الكويتية ونصر على عدم التفريط بهم أو الخلاص منهم إيماناً منا ومعرفة كاملة بأهميتهم ودورهم الفعال في بناء الكويت ونهضتها. فالعلم والعلماء لا يعرف جنسية أو هوية فترى المبادرات الشخصية والفردية مساندة وداعمة لهم لإبقائهم والنهل من منابر علومهم وخبراتهم. أناس خبرناهم وعرفنا جميلهم على الكويت وأهلها، وقدرنا جهودهم الخيرة، صافية النوايا، طيبة العطايا. أما الآن فإننا نرى أن مصابنا قد فاض وأسانا قد زاد، وعم الإيذاء ليطال علماء الكويت وباحثيها. فزاد المصاب، وكسر الباب وجاء دور التخلص من الأحباب، كلنا ونحن غافلون عن أثر هذه الواقعة. فخبراتنا الكويتية التي حاولنا لسنوات طوال بناءها وتفعيل وجودها في المحافل المحلية والدولية العالمية جميعها نراها تهدر. خبرات الكويت وأساتذتها، أبناء هذا البلد المعطاء لا يوجد من يقف معهم ويؤازرهم في مصابهم حتى من يمثلهم من رابطة أعضاء هيئة التدريس لا نرى أثر ردود أفعالهم ولا جدية تحركاتهم أو حتى اهتماماتهم لما هو قادم وفاجعة متنامية لمؤسسات التعليم التطبيقي والتدريب. وشاء القدر أن يكون على رأس هذه المؤسسة مسؤولون هم إخوان لنا أكاديميو الطابع والمهنة، فهم أقدر الناس على الفهم المتمكن والدراية الخلاقة بطبيعة العمل الأكاديمي وخصاله المتميزة. ومع ذلك رأيناهم ينفصلون عن هذه الرؤية وذلك الطابع. انحرف مزاجهم عن الاستمساك بالكويت ومستقبلها وعلمائها الأفاضل إلى التفريط بهم... فخط قلمهم قراراً دون مشورة نيرة أو دراسة خيرة أو وقفه مع النفس علها تبصرهم بآثار هذه الخطوة الخطرة.ومن سخرية القدر وعجائب الدهر أنه لم يعد للعلم شأن ولا للعلماء قدر ولا مكانة تذكر في هذا الزمان. زمن يقرِّب المحابي والمنافق ويفرِّط بالأمين العالم المتفاني. دروس التاريخ العربي الإسلامي مازالت ظلالها حاضرة في كتب التراث العربي تعلمنا أن شمس الحضارة والرقي جاءت مواكبة لتقدير الساسة وتقريب الأمراء للعلماء وما حملوه من كنوز العلم والمعرفة، أما غياهب الجهل والتخلف فجاءت مواكبة عندما أُقصى العلماء وكفر الفقهاء وأضطُهد الحكماء... فهل نحن في هذا الزمان؟ إنني ومن هذا المنبر أقولها ولإخواني وزملائي في المهنة، أقولها بصفاء نية وبنفس رضية وكرامة أبية، أوقفوا إيذاء الكويت والكويتيين عافاكم الله، أوقفوا الطعن والتفريط بعلماء الكويت وخبراتها جزاكم الله.
محليات - أكاديميا
رأي أكاديمي التطبيقي ومشروع هدر الطاقات الكويتية
05-11-2008