أقام ديوان الرأي الوطني ندوة بعنوان «الحريات خط أحمر»، حاضر فيها الاستاذ الاكاديمي د. خالد الوسمي، اضافة الى المحامي خالد الشطي، واستنكر المتحدثان وجود لجنة الظواهر السلبية البرلمانية التي تحوم حولها شبهة دستورية لتعارضها مع بعض مواد الدستور، ولفت المتحدثان إلى أنها تعتبر امتدادا لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الموجودة في المملكة العربية السعودية، وطالبا جمعيات النفع العام والمواطنين بالتحرك لالغائها.واختُزل حديث د. خالد الوسمي في الدستور الكويتي الذي كفل الحريات الشخصية للأفراد، باعتباره الرابط الأساسي بين الحاكم والمحكوم، والمنظم لكل اجراءات الدولة، والمطلوب الآن هو قراءة وتبني أفكار الدستور، وانطلاقا من لجنة الظواهر السلبية «السيئة الذكر» التي أطلق عنانها في المجلس الحالي نتيجة تركيبة المجلس، والتي اعتقد أن تكون فيها مصلحة للكويت «فرب ضارة نافعة». وتساءل الوسمي: «لماذا يتحرك الآخرون بينما الأغلبية صامتة؟» مشيرا إلى أن هذه اللجنة تعتبر فرصة لانطلاق الاغلبية لبحث اسباب فرض افكار غير مؤمنة بها؟ ولماذا لا نكون سواسية والدستور يوفر هذا الحق؟ وأشار الى أن البلد مختطف من قبل بعض القيم المتخلفة، محملا الانسان الوطني الذي ساهم في النهضة الكويتية، والذي اسست الكويت على يديه وفقا للشورى بين الكويتيين والاسرة الحاكمة، وسجل التاريخ إرهاصات مجتمعه بالديمقراطية والشورى والحرية، مسؤولية ذلك لتراجع دوره الوطني، مؤكداً أن الشعب الكويتي جبل على الحريات العامة منذ نشأته، وحمى حرية الاديان والرأي والبحث والعلمي.ولفت إلى أن لجنة الظواهر السلبية تم اختيار اسم رنان لها، ويأمل اصحابها أن تتحول الى جماعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالأفكار الرمادية السيئة التي رفضها الناس، ولا يمكن مواجهتها الا من خلال ما نص عليه الدستور من حرية، والحريات العامة في الكويت من المادة السادسة الى المادة 46، تتصدر لهؤلاء الناس الذين انتخبوا من خلال الدستور، ولا يمكن اختراق الدستور والعبث به.وقال إن المادة 6 من الدستور تقول إن النظام ديمقراطي والسيادة فيه للأمة مصدر السلطات، مشيرا الى وجود نصوص دستورية جامدة وأخرى متحركة، وتأتي هذه المادة من ضمن المواد الجامدة، وهناك العديد من المواد التي تدعو إلى الحريات العامة والتي لا يفهمها العديد من المواطنين، موضحاً أن المادة السابعة تقول إن العدل والحرية والمساواة من دعائم المجتمع، والمادة الـ8 تقول إن الأسرة أساس المجتمع، وقوامها الدين والأخلاق، وهي تفرض على الادارة الحكومية تطبيقها.وحذر الوسمي من استغلال التيار الأصولي للنشء، والمؤسسات وقت الإجازة الصيفية، تحت اسم «معسكرات الصحبة الصالحة» والتي يتم معظمها من دون علم وزارة التربية، بالرغم من أن الدستور يلزم الدولة برعاية النشء، وتمنى على جمعية المحامين الكويتية بحث مدى دستورية وجود لجنة الظواهر السلبية التي تحوم حولها شبهة دستورية لتعارضها مع مواد الدستور، وأن تتحرك مؤسسات المجتمع المدني «النائمة» وأن تشكل جمعية عمل وطني تكون نواة للعمل الحزبي لمواجهة الطرف الآخر، وأكد في نهاية حديثه أنه لا يجوز تنقيح الدستور الا لمزيد من الحرية، واذا اراد النظام العبث فلينقح الدستور، واذا أراد المستقبل والتعاون والتنمية، فليثبّت ذلك الدستور أساسا لحل مشكلات المجتمع.تيارات دينية مناهضة للحرياتأما المحامي خالد الشطي فأكد في بداية حديثه أن الحريات في المجتمعات الديمقراطية تتقدم، وعندما نفضت اوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي النظام الموجود واتجهت الى الديمقراطية، تكالب الملايين من البشر لنيل الحرية، وهناك خطوات اصلاحية في بعض الدول الاسيوية، ونحن لسنا مع هذا التوجه لوجود تسلسل سريع للأحداث، لبحث مدى التوجه الحقيقي الذي تقوم به العديد من الدول نحو الحرية.وهناك صراع حقيقي بين كثير من الايديولوجيات والأفكار الموجودة في الدول التي تتجه نحو الحرية من جهة والأفكار والايديولوجيات الموجودة في الكويت والدول التي سلكت نهجها من جهة أخرى، واذا كان من المسلمات نيل الحرية، فإن الديمقراطية كفكر راسخ في عقل الانسان، وممارسة الديمقراطية تكمن في أن ممارسة بعض الشعوب لها تكون غير صحيحة.وبيّن الشطي وجود تيارات دينية في الكويت مناهضة للحرية والديمقراطية، تحقق أهدافها من خلال طريقين، اما طريق الارهاب والعنف ومواجهة الآخر، وإما طريق «الدخول في النهج الديمقراطي» الا أن التيارات الدينية التي سلكت هذا الطريق، خربت الديمقراطية من الداخل، وحاولت تقليص الحريات من داخل العمل الديمقراطي، وبآليات ديمقراطية.ومن الأمور والحكم التي وجدت في المجتمعات التي سبقتنا أن مسألة الحريات غير قابلة للتصرف، فمن الحكم المنشورة في وثيقة حقوق الأفراد للمجتمع الأميركي أن الحكومات في أي مجتمع ديمقراطي لا تمنح الحريات، وانما تقام الحكومات لحمايتها، ووظيفتها حماية هذه الحريات، فهناك حقوق للانسان أساسية غير قابلة للنقاش.وقال إنه لا يجوز تنقيح الدستور الا لمزيد من الحريات، وما يشاهد الآن هو أن التيارات الاسلامية تعد العدو اللدود للحريات، فلم نشاهدها يوما تدافع عن الحريات، وعندما تقوم بتشكيل لجنة الظواهر السلبية، والقانون يقول لا جريمة ولا عقوبة الا بنص، فإن هذه اللجنة ستدخلنا في جدل سياسي عميق، وتذكرنا بقانون صدر في جمهورية مصر العربية ايام حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات باسم «العيب» حتى يواجه موجة المعارضة التي لقيها من جراء توقيعه معاهدة السلام مع اسرائيل.وتمنى على الحكومة «التي فتحت ابوابها للتيارات المناهضة للديمقراطية» أن تكفر عن ذنبها، وأن تعلن عدم تعاونها مع مجلس الأمة، بسبب عدم احترامه للحريات التي كفلها الدستور، مشيرا إلى أنها «امنية صعبة المنال»، بالرغم من أن الحريات وسيلة نستطيع من خلالها بناء مجتمع متطور قادر على قيادة نفسه بنفسه».وتابع: «في الممارسة العملية من قبل الحكومة والشعب نرى أن الحريات هي التي تنتهك وتتقلص، ومسؤوليتنا هي تحريك جميع المواطنين لمواجهة كل الأشكال التي تقيد الحريات، لأن الحرية صعبة المنال، وسهلة الذهاب والحريات في المجتمعات الديمقراطية هي التي تقود القانون، فلابد لممارسة الحريات من وجود تشريعات وقوانين تحافظ عليها، الا ان البعض استخدم البعض الحرية لتحقيق غاية معينة، بالرغم من أن الحرية يجب أن تكون هي هذه الغاية». وأضاف: «الحرية من الناحية الاسلامية هي حرية الفكر والحركة والفعل، ولجنة الظواهر السلبية شكل من نوع اخر لثوابت الأمة، والمشكلة أن الأمة الاسلامية منقسمة ومشعبة لأكثر من 72 فرقة، «وكل فرقة تدعي أنها هي الناجية والبقية في النار» وهل من الحكمة اقحام الدولة ونظامها في إشكالات عجَز العلماء والفقهاء عن حلها منذ وفاة الرسول؟
محليات
الشطي: التيار الديني خرَّب الديمقراطية الوسمي: لجنة الظواهر السلبية تحوم حولها شبهة دستورية
22-06-2008