كان نايف المطوّع يتنقل في سيارة أجرة مع شقيقته عندما سألته متى سيعاود تأليف كتب للأطفال. يقول المطاوع، عالم نفس كويتي حائز على شهادتي دكتوراه وماجستير في إدارة الأعمال في جامعة كولومبيا، إن هذا السؤال أثار في خاطره سلسلة من الأفكار: لا شك في أن العودة إلى الكتابة، بعد تحصيل تلك العلوم كلها، يجب أن تكون خطوة كبيرة ومهمة بقدر أهمية «البوكيمون»، الرسوم المتحركة اليابانية التي حظرتها لفترة وجيزة السلطات الدينية السعودية. فكر المطوّع في أن الله خاب ظنه على الأرجح من هذا التصرف لأنه يملك 99 صفة أو اسماً من بينها الرأفة، يوضح: «عندئذٍ خطرت ببالي فكرة الكتابة عن أبطال يتحلى كل منهم بإحدى هذه الصفات التسع والتسعين». جمع المطوّع بين إيمانه ومهاراته وتجربته مع الحضارات الأخرى (أمضى فصول الصيف في طفولته في مخيم للأولاد معظمهم من اليهود في نيو هامبشاير) ليبتكر «التسعة والتسعون»، سلسلة كتب مصوّرة تتحدث عن أبطال خارقين يتحلى كل منهم بصفة من صفات الله التسع والتسعين.أبطاله الخارقون هم عصريون، علمانيون ومتدينون، ومنقسمون بين رجال ونساء. يتنقلون بسهولة بين الشرق والغرب ويتحدرون من 99 بلداً. يشمل هؤلاء الأبطال الضار وهو رجل مشلول يُدعى جون ويلر يملك القدرة على التحكم في النهايات العصبية ليتسبب بالألم أو يخففه. أما نورا فهي دانا ابراهيم، طالبة جامعية من الإمارات العربية المتحدة، تُظهر للناس النور والظلمة في داخلهم. مميتة المقاتلة الشرسة هي كاتارينا بارباروسا، فتاة برتغالية جذابة ترتدي ملابس ضيقة. يوزع الأبطال المساعدات على الجياع في القرى الأفغانية، يقاتلون صيادي الفيلة غير الشرعيين في أفريقيا، يحاربون روغال الشرير، ويتدربون ليزيدوا قواهم الخارقة.يوضح المطوّع (37 عاما) وهو أب لطفل في الرابعة من عمره: «أردت أن أقدّم عملاً كلاسيكياً لا منتجاً مبتذلاً آخر من صنع العالم الخامس. كان أمامي خياران: إما أنتج كتاباً مبتكراً مثل الرجل العنكبوت أو أمتنع عن الكتابة». الرجل الحديديبعدما عاد من لندن إلى الكويت، جمع نحو 7 ملايين دولار، بعضها من رفاقه القدامى في جامعة كولومبيا والباقي من مستثمرين في الخليج العربي، وأنشأ مجموعة «تشكيل» الإعلامية عام 2004. كذلك استخدم أفضل العاملين في المجال، بمن فيهم كتّاب وفنانون عملوا في شركتي Marvel وDC Comics. أما شريكه الراهن، ستيوارت مور، فهو أحد كتّاب السلسلة المصورة الجديدة «الرجل الحديدي».في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2006، نزل كتاب المطوّع المصور الأول إلى الأسواق. منذ ذلك الحين، حظيت أعماله المبدعة بمعجبين كثر، لكنها واجهت فيضاً من الانتقادات في مختلف أنحاء العالم الإسلامي أيضاً. استنكر البعض تبرج البطلات وثيابهن الضيقة، في حين اعتبر آخرون تجسيد أسماء الله عمل كفر. صرح رجل دين كويتي أن السلسلة تروِّج للاتكال على البشر عوض الله، وهو مخالف لما يعلمه القرآن. يقر المطوّع أنه لم يستشر رجل دين قبل ابتكار السلسلة، لكنه يتابع مؤكداً، وهو جالس في مكتبه مرتدياً الزي الأبيض التقليدي: «يجب ألا ندع عدداً محدوداً من الناس يملون علينا طريقة ممارستنا ديننا. الإسلام الوحيد الذي يمكنني اعتناقه هو إسلام أستطيع فيه أن أكون ناشطاً وفاعلاً. أؤمن بالإسلام وبالتطور أيضاً».عندما حان الوقت لجولة ثانية من التمويل عام 2007، باع المطوّع 30% من مجموعة «تشكيل» إلى بنك يونيكورن للاستثمار، وهو مصرف إسلامي مقره في البحرين. يوضح مبتسماً: «عندما يطرح علي الناس أسئلة دينية الآن، أطلب منهم التحدث إلى مجلس بنك يونيكورن». يخبر أنه خلال السنوات الماضية ألقى عشرات المحاضرات حول العالم تتركز على الترويج لإسلام لا يتعارض مع أحد. قال أمام حشد في إندونيسيا غداة إطلاق سلسلته السنة الماضية: «يجب ألا نقاوم العولمة، بل علينا أن نشارك فيها بالتعبير عن أفكارنا».يصف المطوّع سلسلة «التسعة وتسعون» بالقصة الحديثة التي تقوم على بنية إسلامية قديمة. تتحدث عن 99 جوهرة زاخرة بالحكمة والمعرفة ضمتها مكتبة دار «الحكمة» الشهيرة في بغداد خلال القرن الثالث عشر، العصر الذهبي للإسلام. تفرقت تلك الجواهر حول العالم وانتقل بعضها على متن سفن كريستوفر كولومبوس بعد انفجار القبة التي كانت موضوعة فيها. يبدو أن تلك الحجارة الكريمة وقعت في أيدي الأشخاص الذين أصبحوا الأبطال الخارقين، فمنحتهم صلتهم الغريبة بها قوى خارقة.لم تتجاوز المبيعات العالمية لتلك السلسلة بالإنكليزية والعربية، بما فيها مبيعات الولايات المتحدة، الثلاثين ألف نسخة في الشهر، بما في ذلك تنزيلات الإنترنت، لكن تلقى المطوّع كماً هائلاً من العروض تطلب الحصول على ترخيص لاستعمال شعار واسم «التسعة والتسعون». مثلا، تريد شركة أميركية أن تأخذ من هؤلاء الأبطال شعاراً للنقانق الحلال التي تصنعها. كذلك وقّع صفقات مع شركات نشر في ماليزيا وإندونيسيا والهند وأفريقيا الشمالية.في مكتبه تنتشر الأقلام والمساطر والحقائب والدفاتر الصغيرة والمغلفات التي تحمل شعار «التسعة والتسعون» صنعتها شركة إسبانية. كذلك أعربت شركة في دبي عن اهتمامها بإنتاج لعب مستوحاة من هؤلاء الأبطال. يذكر المطوّع أنه في شهر يوليو (تموز) سيعلن عن صفقة مع شركة أوروبية لتحويل السلسلة إلى رسوم متحركة. كذلك وقع الشهر الفائت صفقة مع ستة منتزهات للتسلية.
توابل - ثقافات
وضعها الدكتور نايف المطوّع بهدف تقديم عملٍ مُبتَكر الـ 99... أبطالٌ خارقون من وحي القرآن
16-06-2008