Ad

إن ارتفاع المؤشر خصوصا منذ بداية السنة إنما هو في أغلبه ارتفاع وهمي. ثم تأتي الطامة الكبرى عندما تنتهي فقاعة الارتفاعات الوهمية لهذه الأسهم «الدايخه» وتهوي بالقاع، فتأخذ معها بقية الأسهم الجيدة «المنخفضة أصلا» إلى الهاوية.

ما يحدث في البورصة هذه الأيام يجب ألا يمر مرور الكرام، بدون مواجهة العابثين بها طيلة السنوات الماضية عبر ترسيخ الأسس والقواعد الخاطئة التي بني عليها السوق وكانت سببا أساسيا في ما يمر به حاليا، لكن ما يهم حاليا هو تدخل الحكومة عن طريق البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار لإنقاذ هذا الانهيار الحاصل.

قد يقول بعضنا إن السوق عرض وطلب، وليس من مسؤولية الدولة التدخل لإنقاذ المتداولين، لكن الأمور لا تقاس بهذه البساطة لأن السوق هو انعكاس لسمعة البلد الاقتصادية، واستقراره وحيويته يساهم في النمو الاقتصادي للدولة ولمواطنيها أيضا، وإن لم يكن ذلك صحيحا، لما قامت البنوك المركزية في أوروبا وأميركا بضخ عشرات المليارات في أسواقها المالية في العام الماضي مع بداية أزمة الرهن العقاري التي انعكست سلبا عليها.

أما إذا تطرقنا إلى وضع السوق فنيا، فالكل متفق بأن ما يحصل ليس تصحيحا. وسأذهب إلى أبعد من ذلك لأقول إن السوق لم يرتفع أساسا منذ بداية العام حتى يتم تصحيحه ولو بقليل! لكن المصيبة تكمن في المؤشر العام الذي لا يعكس واقع السوق، ويتم استغلاله منذ مدة طويلة للتلاعب به حتى أنتج ارتفاعات وهمية. فالسيناريو المتبع منذ مدة طويلة هو دخول شركات جديدة في البورصة وبرساميل قليلة نسبيا، ثم تبدأ هذه الشركات بالارتفاع بأرقام فلكية وباستخدام مبالغ بسيطة، وفجأة تصبح هذه الأسهم أسهما دينارية ويكون تأثيرها على مؤشر السوق كتأثير أسهم دينارية أخرى رأسمال كل واحد منها 100 مليون دينار! فارتفاع وانخفاض هذه الأسهم بمبالغ بسيطة لا تتجاوز في بعض الأحيان 200 ألف دينار هو إحدى المشاكل في السوق.

ثم نأتي إلى الأسهم «الدايخه» وما أكثرها، والتي لا يوجد عليها أي تداول يذكر، فنرى بعضها يرتفع بالحد الأعلى بصفقة واحدة فقط بينما تجد الطلب عليها بنفس الوقت بالحد الأدنى! وفي بعض الأحيان يستمر ارتفاع مثل هذه الأسهم لأيام متتالية وبمبالغ لا تتجاوز 50 ألف دينار باليوم الواحد. ويحدث كل هذا الارتفاع الوهمي بالمؤشر في الوقت الذي تستمر فيه كثير من الأسهم التشغيلية والجيدة بالانخفاض منذ أشهر طويلة، ولهذا السبب نقول إن ارتفاع المؤشر خصوصا منذ بداية السنة إنما هو في أغلبه ارتفاع وهمي. ثم تأتي الطامة الكبرى عندما تنتهي فقاعة الارتفاعات الوهمية لهذه الأسهم «الدايخه» وتهوي بالقاع، فتأخذ معها بقية الأسهم الجيدة «المنخفضة أصلا» إلى الهاوية. هذا إضافة إلى التلاعب بكميات العرض والطلب والبيع «عالمكشوف» التي كشف عنها أخيرا نتيجة عدم وجود نظام يضمن وجود الأسهم والمبالغ اللازمة عند إدخال الطلبات. ويحدث كل هذا التلاعب تحت نظر لجنة السوق الفاشلة التي لم تقم بأي تطوير يذكر منذ سنوات لوقف هذه المهازل.

أما بالنسبة للحكومة، فليتها تكون نائمة بالعسل «كالعادة» بدلا من محاولة التملص من مسؤولياتها عبر تصريح أحد مصادرها بوقاحة بأن ما يحدث ما هو إلا نتيجة لما يحدث في البورصات الإقليمية والعالمية نتيجة لارتباط سوقنا بتلك الأسواق، وهوكلام أغلبيته تضليل وكذب. فعندما كانت الأسواق العالمية والإقليمية تعاني ما تعانيه في العام الماضي، كان سوقنا يحطم الأرقام القياسية ارتفاعا، فأين الارتباط الذي يدّعيه هذا المصدر؟! كما أن الجميع يعرف أن كثيرا من الشركات المدرجة في قطاع الاستثمار «حتى في قطاعات العقار والصناعة والخدمات» ما هي إلا محافظ تضارب بالسوق ولا علاقة لها بما يحدث في العالم ولا حتى في دول الخليج! فكفاكم كذبا وتضليلا على ضحايا السوق وسياساتكم الفاشلة ورقابتكم الأفشل. ومجلس الأمة كذلك يتحمل جزءا من المسؤولية لأنه شاطر فقط بإقامة الجلسات الطارئة المليئة بالاستعراض والكلام الفارغ (أو بالأميركي الفصيح B.S.) من أولها إلى آخرها، وما الجلسة الأخيرة إلا شاهد على ذلك، بينما نجد قانون إنشاء هيئة سوق المال قابع في أدراجه منذ السنتين تقريبا! لذلك، نتمنى أن يشغل النواب أنفسهم بالانتهاء من القوانين القابعة في أدراجهم وإقرار قوانين أخرى تمنع المهازل التي ذكرناها بدلا من إضاعة وقتنا ووقتهم في الاستعراض المكشوف!