قال أمين عام «حزب الله» الأربعاء السابع من يناير 2009 في خطاب بذكرى عاشوراء «إن تجربتي حرب تموز في لبنان والعدوان على غزة حسمتا النقاش حول أي استراتيجية دفاعية معتبرا أن الاستراتيجية الأمثل في مواجهة إسرائيل تقوم على المقاومة الشعبية المسلحة».استيقظ اللبنانيون صباح الثامن من يناير 2009 على ترجمة مباشرة لهذا الكلام بعدة صواريخ مجهولة المصدر على إسرائيل أطلقت من جنوب لبنان. أقول لكل المثقفين العرب إن شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» قد أدى إلى خسارة فلسطين وكل الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان ومزارع شبعا دون أن يصدر أي صوت معترض، رغم هزلية المواجهة وشبه خسارة الأرض دون معركة، وبالتالي علينا أن نتعلم من تجاربنا السابقة، ونرفع صوتنا فوق زعيق الصواريخ الكرتونية التي كانت نتيجتها المباشرة حتى لحظة كتابة هذا المقال 900 شهيداً، ثلثهم من الأطفال وآلاف الجرحى حالة الكثير منهم حرجة، بالإضافة إلى دمار يقدر بمئات ملايين الدولارات في غزة. من هنا يبدأ النقاش دون أن نقبل بأي مزايدات أو عنتريات حتى لا يأتينا كل يوم شخص ليقول لنا بمشهد مسرحي كربلائي لو كنت أعلم!! فليعلم القاصي والداني أن هدف إسرائيل الأول والأخير التخلص من الكتلة البشرية الفلسطينية بأي ثمن، وكما يقول المثل خذوا أسرارهم من أولادهم، كتب جون بولتون المعروف بولائه لإسرائيل في صحيفة واشنطن بوست يقول: «فلتذهب غزة إلى مصر، ولتذهب الضفة الغربية إلى الأردن...» حين مارس العرب غوغائيتهم على مصر ورفضوا الاستماع إلى الرئيس السادات رحمه الله خسرنا فرصة تاريخية بإنشاء الدولة الفلسطينية على كامل أراضي الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية، واليوم إذا استمر العرب بالسير وراء الغوغاء الجديد الذي لا مانع لديه من خسارة آلاف الشهداء والجرحى وتدمير الحجر على رؤوس ساكنيه، ليقول بعد ذلك ببساطة: لو كنت أعلم دون أن يرف له جفن، وتكون لديه على الأقل فروسية القائد الذي حين يهزم في أرض المعركة يترجل من فوق ظهر جواده بكرامة ويستقيل من القيادة، فسنخسر حتى الحلم بمشروع دولة على شبر من أرض فلسطين، وسنعيش نكبة أقسى من نكبة الـ48. من هنا «حماس» أمام مسؤولية تاريخية تحتم عليها الحفاظ على أمل قيام الدولة الفلسطينية، ويبدأ ذلك أولا بفك ارتباطها بالمشروع الصفوي، والتراجع عن الانقلاب وإعادة غزة السليبة إلى قلب فلسطين، والانخراط بحوار وطني شامل يؤدي إلى إعادة الروح إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وتفويت الفدرصة على من يلعبون بمقدرات الشعب الفلسطيني، ويسعون من أجل تكريس الانقسام الفلسطيني القائم فيما بين غزة والقطاع، على «حماس» أن تقرأ المرحلة جيداً فإسرائيل اختارت هذا الوقت بالذات لتنفيذ عدوانها على قطاع غزة لأنها أرادت أن تستغل الفترة المتبقية لإدارة بوش المعروفة بتأييدها المطلق لإسرائيل، وذلك قبل مجيء الإدارة القادمة التي لا يمكن التكهن بكيفية تعاملها مع الأمر. حتى لا يخرج علينا من «حماس» من يقول لو كنت أعلم فإن على قياداتها الاتعاظ من أردوغان الذي كرر مواقف السلطان عبدالحميد بعدم المساومة على فلسطين وشعبها ودمها، منتصرا للجغرافيا والتاريخ والانتماء والدين. في أحد الأيام تمنى رابين أن يستيقظ وإذ بغزة قد ابتلعها اليم، فذهب هو وبقيت غزة، واليوم مرة أخرى رغم الغوغاء ستكون غزة منطلق توحيد الشعب الفلسطيني بدولة فلسطينية عاصمتها القدس. * كاتب لبناني
مقالات
لو كنت أعلم
13-01-2009