عيسى العصفور

Ad

كان بيني وبين الصديق -لاحقا- عيسى العصفور أصدقاء مشتركون ولكنني لا أعرفه شخصيا بالرغم من أنه من أهم مثقفي الكويت، ومن مؤسسي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بالإضافة إلى أن عمله الأساسي في ديوان ولي العهد كرئيس للقسم الاقتصادي.

وعيسى قد نال شهادته العليا من القاهرة أثناء ازدهارها الثقافي والفكري والفني، لذلك أصبحت الثقافة بالنسبة إليه كالهواء والماء اللذين لا غنى للمرء عنهما أبدا، وكان عيسى مثلما هو كريم الطبع ويتميز بالشفافية والصدق فإنه يتميز أيضا بالإيثار حتى في الثقافة إذ لا يكتفي أن يستفيد منها وحده بل يؤثر - أحيانا- حتى الأصدقاء عليه، فكلما قرأ كتابا أو موضوعا مهما يتعلق بأي منحى من مناحي الثقافة حتى تذكر صديقا يعنيه أمر هذا الموضوع، فهو تماما كما يقص من الصحف العربية والعالمية الموضوعات التي يقرأها فإنه يصوّرها للأصدقاء. فالصديق الذي يهتم بالفكر يحتفظ له بموضوع فكري إلى أن يلتقي به، والصديق الذي يهتم بالشعر يحتفظ له بقصاصة او موضوع أو كتاب يتعلق بالشعر، وكذلك الفنون والدراسات بما في ذلك حتى الرسوم الكاريكاتيرية التي يحتفظ بها لأصدقائه الساخرين.

***

وعيسى كما قلت سابقا ظل العازب الأشهر في الكويت لأنه تزوج الثقافة وانقطع إليها! كما أنه يتصف بقلب أبيض لا يعرف الكراهية والحسد والحقد والنميمة وبه صفات أخرى قد لا تتوافر بأناس اليوم المتكالبين على المادة والاستعلاء على الآخرين، وممارسة الفوقية والتمييز حسب العرق أو الجنس أو الجنسية أو اللون؛ لذلك تجد ان أصدقاءه خليط من الكويتيين والمقيمين سواء أكانوا عربا أم أجانب، فله صديق باكستاني متزوج من ألمانية سنأتي على ذكرهما في ما بعد، وكذلك له صديق وصديقة صينية اسمها «دوريس»، وله صديق هندي اسمه «ادواردو» وله صديق ياباني اسمه «تشن» وله صديق ايراني مثلما له صديق عراقي، وله صديق حضري مثلما له صديق بدوي، وله صديقة بلغارية، مثلما له صديقة سورية، وله صديق مصري مثلما له صديق مجري. وبالطبع تختلف مستويات هؤلاء الأصدقاء الاجتماعية والمعيشية فمن سائق الوانيت الذي يعمل فراشا في المجلس الوطني إلى برفيسور الجامعة، وكذلك له صديق أمي لا يتقن إلا النفخ في الهبان (القربة) مثلما له صديق يقود فرقة اوركسترالية في شيراتون المدينة، وكان عيسى يتغذى في أرقى المطاعم على الطريقة الفيكتورية ويتعشى في خيمة في بر مشرف، أقول عرفت عيسى في «السلفر ستار» أي النجم الذهبي وهو مطعم صيني في السالمية، إذ كنت بصحبة زميلة صحافية تجري حوارا معي وكان هو يجلس وبعض الأصدقاء على طاولة بالقرب منا، ثم دعانا بعد أن أنهينا الحوار الصحافي إلى طاولته، وكان يتناول الأرز في «شوبي ستيكس» أي العيدان الصينية.

وقد ذهلت في بادئ الأمر من مهارته بالأكل على الطريقة الصينية إلى أن اتقنتها في ما بعد لكثر ما صحبته في مثل هذه الأماكن.