تربع على عرش الديكور في السينما المصرية لأكثر من أربعين عاماً, صمم خلالها مشاهد أبرز الأفلام ونفذها منها: «الجوع»، «الكيت كات»، «سارق الفرح»، «مرسيدس»، «أرض الخوف»، «عرق البلح»، وغيرها من الأفلام التي ستظل علامات في السينما المصرية. شارك في ثلاثة أفلام غربية هي: «القادسية»، «فالكون إكس»، «أسطورة المقبرة المفقودة»، وحصدت أعماله عشرات الجوائز وشهادات التقدير والأوسمة الدولية والعربية. في الحوار التالي، نتعرف الى عالم الفنان أنسي أبو سيف الإبداعي، تجربته ورؤيته.«المسافر» أحدث أعمالك، ما سر تعثره؟انتهى تصويره وهو الآن في مرحلة المونتاج، لكن المشكلة أن وزارة الثقافة هي الجهة المنتجة, وعندما لا يكون المنتج متمرساً غالبا ما تحدث عثرات.ماذا تعلمت من أستاذك الفنان الراحل شادي عبد السلام؟تعلمت كيفية رؤية الجمال واستخدامه وتأمل الأمكنة والشخصيات, عبر التأمل نصل إلى الجذور. أضاء شادي عينيَّ فأصبحت أرى ما لم أكن أراه.على الرغم من كثرة الأفلام التي نفذت الديكور فيها ونجاح معظمها, إلا أنني أرى أن أبرز ما صممته حتى الآن هو قدراً ضئيلاً، نسبة إلى ما حققته في فيلم «المومياء»، اذ كنت أنقل الرسومات والكتابات الفرعونية المرسومة على التوابيت في المتحف المصري لرسمها على التوابيت المصنعة في الاستديو، كذلك رسم الاكسسوارات.يرى بعض النقاد أن أسلوبك يتأرجح بين الواقعية والتغريب؟ليس ثمة من أسلوب يتأرجح, يؤثر التغريب في السيناريو في أسلوبي، حدث ذلك فعلا في «إسكندرية كمان وكمان» مع المخرج الكبير يوسف شاهين, أنا جزء من منظومة التعبير عن المشهد, إذا رغب المخرج في منح المشهد إيحاء بالتغريب، لا أستطيع أن أخالفه.ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها مصمم الديكور؟السينما مجمع علوم وفنون وثقافة, يجب أن يتحلى مصمم الديكور بالثقافة لا سيما البصرية والتشكيلية، الوعي لتاريخ العمارة والحضارة والفنون، إلمام بأصول الدراما وقواعد الإضاءة، حسن البديهة وسرعة التصرف في مواقع التصوير, إلمام بخصائص الخامات مثل الجبس والخشب والأحجار، القدرة على ابتكار بدائل لتلك الخامات، فضلا عن ضرورة تمتعه بقدرة خاصة على قيادة فريق العمل.ما هي أبرز المشاكل التي يتعرض لها مصمم الديكور في مصر؟تلك التي تتعلق بإقتصاديات الفيلم, مثلا عندما أقترح ديكوراً يتطلب نفقات عالية، يرفض المنتج بحجة ندرة السيولة المادية، أما المشكلة الأخطر فهي عدم التواصل والتوافق الذي قد يحدث مع المخرج, فهو صانع الفيلم، ولا يعني ذلك بالضرورة أنني أحمل وجهة النظر الصائبة, لكنني أدافع عما أراه في صالح العمل, وإذا كان الخلاف حادا وانتصر المخرج, أصاب بالاكتئاب الشديد, وأضطر الى الاستمرار رغماً عني لأنني قبلت الفيلم منذ البداية, أما إذا كان ثمة إمكان للاعتذار فلا أتردد إطلاقاً.يتردد أن مهندسي الديكور في مصر لا ينالون حقوقهم ولا يحصلون على التقدير اللائق بهم، هل هذا صحيح؟نعم، إلى حد بعيد، فالديكور مهنة مظلومة في العالم وليس في مصر فحسب، لعدم وجود دراية من قبل النقاد بهذا الفن, وعندما يكتبون عن أي فيلم يتحدثون عن الدراما والإخراج وأحيانا المونتاج والتصوير، وإذا صادف وتحدثوا عن الديكور، فلا يكون أكثر من سطر، خصوصاً عندما يبتعد عن الإبهار يعتبرون الفيلم من دون ديكور, علما أن قيمة الأخير تكمن في مدى طبيعيته وانسجامه مع مضمون العمل. أتمنى أن يقرأ النقاد الديكور باعتباره جزءا من النسيج السردي للفيلم وأن يتعاملوا معه كعنصر أساسي في بناء الصورة.في ضوء تجربتك الحافلة، كيف ترى العلاقة بين مصمم الديكور ومدير الإضاءة والمخرج؟إنها العلاقة الأهم في الفيلم, وتعتمد في المقام الأول على الجدل والمناقشة في تفاصيله ومفهومه والمرحلة الزمنية التي يدور فيها, والطرق المناسبة في تصميم المناظر أو الإضاءة والألوان والحركة, وتلك العلاقة هي المسؤولة تماماً عن تحديد أسلوب الفيلم واختيار مواقع التصوير. ليست المسألة حرباً لأن الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي, وما ينتصر في نهاية المطاف هو الفكرة الصائبة بغض النظر عن صاحبها سواء كان المخرج أو مصمم الديكور أو مدير التصوير والإضاءة، لأن الفيلم عمل جماعي يقوده المخرج، وفي تقديري أن نجاح أي فيلم يعود الى هذا التعاون الخلاق بين فريق العمل.كيف ترى المشهد السينمائي اليوم؟السينما اليوم أفضل من الأمس, أرى أن ثمة تطوراً نحو الأمام على مستوى صناعة الفيلم وعلى مستوى الفن ذاته, والأهم في نظري أن الجمهور بدأ يقبل على الأفلام التي تناقش قضاياه كما في «حين ميسرة» و«هي فوضى؟» أقول ذلك ومدرك تماماً أن السينما المصرية في «نكسة»، لكنني متفائل بإقبال الجمهور على هذا النوع من الأفلام, وربما يدفع ذلك الى تغيير سلوك المنتج وتوجهاته نحو الأفلام الجادة.ما أحدث مشاريعك؟بدأت التحضير لفيلم «إبراهيم الأبيض» الذي يدور حول مجمع العشوائيات، وهو من إخراج مروان حامد وتأليف عباس أبو الحسن.
توابل - سيما
مصمِّم الديكور أنسي أبو سيف: الديكور مهنة مظلومة!
04-07-2008