شاهدنا مسلسي «أسمهان» و{الملك فاروق»، واليوم يحضّر صنّاع السينما لتصوير أكثر من عمل درامي تلفزيوني حول السير الذاتية، وأبرزها: «بليغ حمدي»، «ليلى مراد» و{مصطفى مشرفة». أمّا السينما فلا تحفل راهناً بأي فيلم يروي حياة أحد المشاهير، خصوصاً بعد تعثّر «محمد علي» لظروف إنتاجية ليكون «حليم» للراحل أحمد زكي آخر الأفلام في هذا المجال. لماذا غابت السير الذاتية عن السينما المصرية؟ يؤكد النجم محمود ياسين أن أفلام السير الذاتية بمثابة وثائق سينمائية، حول أشخاص ينبغي أن نتذكرهم دائماً لما قدّموه من عطاءات ثقافية وسياسية واجتماعية. و{على رغم توافر إنتاج درامي حول سير بعض الشخصيات العامة، إلا أن السينما تظل «الأرشيف» الذي يحافظ على ذاكرة الشعب العربي على مر العصور».ويضيف ياسين: «لا بد أن تقوم الدولة بدورها في هذا المجال، لأن المنتج يهمه الربح فحسب، بالإضافة إلى أنه لا يستطيع القيام بهذا الدور منفرداً. مثلاً، ثمة أماكن لا يمكن التصوير فيها إلا بمساندة الدولة، كالقصور وغيرها من المرافق البارزة.ياسين يشير أيضاً إلى وجود مشاكل أخرى تتعلّق بتوزيع سينما السير الذاتية خارجياً، خصوصاً أن هذا النوع من الأفلام غير مربح ولا يقبل عليه الجمهور.«ناصر 56»قدم المخرج محمد فاضل أعمالاً عدّة محورها السير الذاتية، من بينها «ناصر 56» و{كوكب الشر»، بالإضافة إلى فيلم تسجيلي طويل عن صلاح جاهين في عام 1974، وفيلم عن الرسام حسين بيكار.بحسب فاضل لا بد أن تركّز أفلام السير في السينما تحديداً على جزء مضيء في حياة الشخصية، فليس من الواجب مثلاً أن نسرد تاريخ الشخصية منذ الميلاد وإلى الوفاة ونغيّب الأحداث المهمة التي قد يستفيد منها المشاهد.قدّم فاضل فيلم «أم كلثوم» الذي تبدأ أحداثه عام 1944، ولا يتطرّق إلى طفولة «كوكب الشرق»، وفي «ناصر 56» صوّر 106 أيام فقط من حياة هذا الزعيم. يقول فاضل: «حتى السينما الغربية لا تقدّم أفلاماً تحكي سيرة المشاهير من الولادة إلى الوفاة، بل تختار مساحة معينة للتركيز عليها. مثلاً في «غاندي» ركّز المؤلف والمخرج على مراحل نضوج هذا الزعيم، وفي «أماديوس» عن الموسيقار موزارت بيّن صنّاع الفيلم عبقرية الفنان».يؤكد فاضل أن «ناصر56» فتح الباب سينمائياً أمام هذا النوع من الأعمال، والدليل تحقيقه أرباحاً كبيرة وصلت إلى 14 مليوناً خلال ثلاثة أشهر عام 1996. كذلك حقق انتشاراً على مستوى البلاد العربية، ولا يزال يعرض في المحطات الفضائية.ويرى المخرج أنه لا بد من اختيار الشخصيّة، موضوع السيرة الذاتيّة، بعناية تامة، فمثلاً «السادات» لم يحقق توزيعاً كبيراً في البلاد العربية.بدوره، يرى رئيس جهاز السينما ممدوح الليثي، أن ندرة إنتاج هذا النوع من الأعمال سببها فرض عائلات الشخصيات العامة بعض القيود على الإنتاج، وقيامها بدور الرقيب أكثر من الرقابة، ويوضح في هذا المجال: «خلال إنتاج «الرئيس والمشير» تقدمت والمخرج خالد يوسف بدعوى قضائية إلى مجلس الدولة كي نتمكن من تنفيذ الفيلم».كذلك يشير الليثي إلى أن هذا النوع من الأفلام مهم جداً للحفاظ على تاريخنا من النسيان.
توابل - سيما
أفلام السير الذاتية... هل ودّعت السينما المصريّة؟
04-05-2009