الشخصيات المتعددة التي يقدمها الممثل في العمل الفني الواحد, موجودة بقوة في السينما المصرية منذ بداياتها خصوصاً في الأفلام الكوميدية، وقد عادت الظاهرة نفسها أخيراً لتتصدر الشاشة مرة أخرى، إذ يجسد الفنان عمرو واكد راهناً دور توأم في فيلم {المشتبه»، ويخوض أحمد عز التجربة نفسها عبر فيلمه «بدل فاقد». لماذا عادت هذه الشخصيات للظهور مجدداً، وهل نجاح أفلام مثل «كده رضا» لأحمد حلمي والذي قدمه قبل عامين دفع النجوم الى خوض تجارب مماثلة، أم أنها مجرد رغبة من النجم في استعراض عضلاته الفنية؟ في البداية يلفت عمرو واكد الى أن ظهوره بشخصيتين في الفيلم لم يكن من اختياره، فالنص مكتوب بهذا الشكل، وقد وافق عليه بسبب إعجابه بالدور وليس لإظهار قدراته كممثل، وإن كان لا يخفي سعادته بالمشاركة في عمل مساحة التمثيل فيه كبيرة.يؤكد محمد موسى، مؤلف الفيلم، كلام واكد مشيراً الى أنه عندما كتب الفيلم لم يكن في ذهنه أي نجم, وإنما ألح عليه الموضوع وكتبه منذ خمس سنوات إلا أن تنفيذه تعثّر لأسباب إنتاجية، فالموضوع جديد على السينما المصرية، كما يقول موسى، إذ لا يتناول شخصيتي توأم بشكل تقليدي بل بشكل جديد فيكون أحدهما قوي الشخصية والآخر ضعيفاً ينساق لرغبات أخيه. أما محمد حمدي مخرج الفيلم فيوضح أن وجود توأم في الفيلم يزيد صعوبة الإخراج والتمثيل عموماً، مشيراً إلى أن الفكرة حمّسته عندما عُرضت عليه بوصفها الأولى في مشواره، وستتيح له إبراز قدراته لأن في ذلك إبهاراً للمشاهد وتحدياً لقدراته كمخرج.يضيف حمدي أن أي ممثل تجذبه فكرة تقديم دور توأم لأنها تظهر قدراته كممثل, وتكون اختباراً له. يصرّح الفنان أحمد عز بأنه أُعجب بدوره في فيلم «بدل فاقد» لأنه يقدم من خلاله شخصيتين متناقضتين وفيه مساحة تمثيلية كبيرة لافتاً الى أنه لم يسع وراء سيناريو يتيح له تقديم هذه التجربة، ولكنه أعجب بالدور ووافق فوراً على تقديمه.يرى أحمد علاء مخرج فيلم «المشتبه» أن وجود التوائم في هذا الفيلم ضرورة درامية، فالنص مأخوذ عن رواية أدبية، وفكرة العمل الرئيسة تناقش تأثير البيئة على نشأة الإنسان، حيث يعرض الفيلم توأمين تربى كل منهما بطريقة وفي بيئة مختلفة ما أثر على شخصيتهما، وكانت النتيجة اختلافهما في كل شيء.إفلاسيشير المخرج علي رجب الذي قدّم سابقاً شخصية التوائم في فيلم «كركر» للنجم محمد سعد أن تجسيد دور التوأم يمثل تحدياً أمام الممثل وفرصة لاستعراض مهاراته وقدراته التمثيلية، وكذلك يثري العمل فنياً, ويكون عامل جذب للجمهور الذي يبحث عن كل ما يغني الدراما.يشدّد رجب على ضرورة أن يكون المنطق الدرامي لتجسيد الممثل أكثر من شخصية في الفيلم الواحد المعيار الوحيد للحكم على العمل, لأنه لا بد من اقتناع المشاهد بضرورة وجود التوائم كيلا يشعر أنه مقحم على الفيلم لإرضاء البطل وإعطائه مساحة تمثيلية أكبر.يضيف رجب أن التوائم فئة موجودة بالفعل في المجتمع ولا بد من التعرض لها كغيرها من الفئات الاجتماعية.يعلّق المخرج خالد الحجر بأن السينما مثل أي مجال آخر عندما ينجح فيها دور ما يتحول إلى موضة، من هنا تعرّض كتاب كثر لظاهرة التوأم وكتبوا حول الموضوع نفسه. عن تفصيل دوري التوأم للنجم، يؤكد الحجر أن هذا ليس جديداً على السينما المصرية حيث كانت الأفلام تفصَّل على مقاس النجوم مثل عبد الحليم حافظ أو إسماعيل ياسين وغيرهما.من جهته يعتبر الناقد السينمائي ياقوت الديب أن وجود عملين يصوَّران في الوقت نفسه يتناولان شخصية التوأم، لا يمكن أن يكون مصادفة بل إفلاساً من المؤلفين الذين يصطادون الأفكار من دون إبداع، وعادةً يكتب المؤلف وفي ذهنه نجم معين وقد يكون الأخير هو صاحب الفكرة ليقوم باستعراض عضلاته نظراً الى أن الصناعة السينمائية للأسف تدور في مصر بالعكس فيكون النجم هو الأساس ثم يفصَّل له الدور الذي يروقه.يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي حول هذه الظاهرة: ظهور النجوم بأكثر من شخصية في الفيلم الواحد، محاولة منهم لإظهار قدراتهم إذ يشعر كل نجم أن بداخله طاقة إبداعية ضخمة جداً يريد أن يجذب إليها عيون النقاد والجماهير، من خلال قدرته على تجسيد شخصيتين في فيلم واحد وإبراز الفروق بينهما. يشير الشناوي إلى أن أداء الممثل دوري التوأم، هو سلاح ذو حدين، فإما يجذب المشاهدين والنقاد بالفعل إلى موهبته وقدراته، أو يكشف عن ضعفه لأن الدور أكبر من إمكاناته. وعن أسباب تجسيد النجم أكثر من شخصية في الفيلم الواحد، يوضح الشناوي أن نرجسية النجوم ومحاولة الاستيلاء على أكبر مساحة من الفيلم هما الدافع الى خوض هذه التجارب. «كذلك ثمة ظواهر سينمائية تتحول إلى عدوى، فبمجرد نجاح ظاهرة أو حالة معينة, يحاول الباقون تقليدها معتبرين أن ذلك ضمان للنجاح}.يؤكد الشناوي رفضه وجود التوائم في السينما المصرية إلا إذا كانت هناك ضرورة درامية، مستشهداً بنجاح أعمال سينمائية عدة تناولت ظاهرة التوائم، مثل أفلام إسماعيل ياسين وفيلم «سي عمر» لنجيب الريحاني التي لاقت نجاحاً جماهيرياً كبيراً نظرا الى أن العقدة الدرامية كانت مبنية على فكرة التوأم.
توابل - سيما
ظاهرة التوائم في الأفلام تعود مجدّداً
20-04-2009