المبدع... زيدان العرب... خليفة الخطيب... تاجر السعادة... القاتل المبتسم... أمير الدهاء... معشوق الجماهير... الفنان... القديس... ألقاب كثيرة لا حصر لها أُطلقت على محمد أبوتريكة نجم النادي الأهلي والمنتخب المصري، الذي منذ انضمامه إلى القلعة الحمراء فتحت له الشهرة أبوابها بفضل مهاراته الفائقة ودماثة خلقه وحبه الشديد لكرة القدم، فانطلق بعدها بسرعة الصاروخ نحو عالم النجومية، محطماً العديد من الأرقام القياسية ومحققاً كل الطموحات والأحلام الكروية التي كانت تراوده، ليصبح نجماً لامعاً في سماء كرة القدم المصرية والعربية والإفريقية.

تشعر وهو يحكي معك وكأنه طفل صغير... خجول... لسانه لا يلفظ إلا طيباً... وقلبه العامر بالتقوى يجعلك تحبه من الوهلة الأولى، ولا تستطيع أن تكرهه مهما حاولت أن تسعى إلى ذلك بحكم التعصب الجماهيري.

Ad

يتطرق أبوتريكة في هذه الحلقة إلى الحديث عن قصة تخرجه من الكلية وتعرفه على زوجته «سمية» وبداية انضمامه إلى القلعة الحمراء، ويقول: «على الرغم من أنني كنت مهتماً بالكرة أكثر من أي شيء آخر، فهي هوايتي ومهنتي المفضلة، إلا أن ذلك لم يمنعني من أن أكمل دراستي بتفوق، ولا أخفي عليكم كان هدفي الاساسي من الحصول على مؤهل عال، رغبة إرضاء والدي ووالدتي، حتى لا يشعرا بأن مجهودهما في تربيتي ضاع من دون أن أحقق شيئاً، لاسيما أنني كنت في البداية مع عالم الكرة في ظل عدم الضمان بأنني سأصل إلى هذا القدر من النجومية، كما أنني كنت أتمني في حال فشلي مع الكرة أن أكون باحثاً في التاريخ، حيث إنني عاشق لمادة التاريخ منذ الصغر».

فرحة التخرج والزفاف

حياتي في الكلية كانت من أجمل الفترات التي عشتها في حياتي، حيث إنني أحببت مجال الدراسة الذي دخلت فيه بقدمي ورغبتي، فأنا خريج كلية الآداب جامعة القاهرة قسم التاريخ، وكانت أمنيتي الوحيدة أن أكون باحثا في مجال التاريخ، الذي دخلته عن حب وليس بسبب مجموع الثانوية العامة الذي يتحدث عنه الطلبة والطالبات في الأيام التي نعيش فيها حالياً، ولا أستطيع أن أنسى اليوم الذي حصلت فيه على ليسانس الآداب، والشهادة الكبيرة.

فهو يوم الاثنين، وكنت مثل كل طلبة الجامعات أعيش على أعصابي كلما اقترب موعد ظهور النتيجة، وأتلقى كل يوم العديد من الشائعات من نوعية أن النتيجة ستظهر اليوم أو الغد، ومن الممكن أن أحصل على النتيجة من الكنترول مثل كل الطلبة الذين يستعملون المادة والفلوس في تعاملاتهم مع الآخرين، ولكنني كنت أرفض بشدة هذه الطريقة التي أعتبرها تحايلاً خصوصاً أنني أرتضي بمسألة القسمة والنصيب، حتى تلقيت مكالمة هاتفية من أحد زملائي في الجامعة قبل منتصف الليل بدقائق معدودة، وعلى الفور ذهبت إلى مقر جامعة القاهرة في الجيزة، ولم أجد النتيجة قد علقت، وقررت أن أجلس لأنتظر حتى تظهر النتيجة للجميع، ولم أكن أمتلك الأعصاب التي تدفعني للعودة إلى منزلي في قرية ناهيا بحي بولاق الدكرور، وذلك بعد تأكيدات عمال الجامعة أن نتيجة الليسانس ستعلق في الفجر، وفي محاولة لإزالة الملل والقلق الذي بدأ ينتابني طوال الوقت وجدت بعض الشباب يلعبون الكرة أمام باب مبنى جامعة القاهرة، وظللنا نلعب معاً بدون الإفصاح عن شخصيتي كما أنني لم أكن وقتها معروفاً على مستوى الجماهير، وتعبت من اللعب، وقررت الحصول على القسط الكافي من الراحة، وظهرت نتيجة الليسانس بعد صلاة الفجر، فتوجهت إلى الكشوفات المعلقة على الحوائط، وتأكدت من نجاحي وحمدت الله سبحانه وتعالى على النجاح، وتوجهت على الفور إلى الكشوفات المخصصة لزميلاتنا من البنات لمعرفة نتيجة الآنسة «سمية» التي كان الاقتران بها هو حلمي وقتها، والتي أصبحت في ما بعد زوجتي وأم أولادي لتكون فرحتي فرحتين بعد نجاحها هي الأخرى، ورغم أن نتيجة ليسانس الآداب ظهرت فجر يوم الاثنين فإن اليوم التاريخي الذي لا أستطيع أن أنساه كان يوم الثلاثاء الموافق 18 من شهر يونيو عام 2002 عندما أعلنت زفافي على الآنسة سمية فذكرياتي لا أستطيع أن أنساها في هذا اليوم، وأجلس مع زوجتي لكي أشاهد شريط الفيديو الخاص بحفل الزفاف حتى الآن رغم مرور حوالي ست سنوات على زواجي... وأقمت حفل الزفاف في أحد الفنادق، ودخلت في وصلة رقص كبيرة مع كل أصدقائي من خارج الوسط الرياضي وجيراني في قرية ناهيا في حي بولاق الدكرور، وحضر الحفل كل زملائي في نادي الترسانة وشاركني الفرحة كل نجوم «الشواكيش» الكبار وعلى رأسهم الكابتن حسن الشاذلي والكابتن مصطفى رياض والكابتن شاكر عبد الفتاح، وكان لكل واحد منهم دور مؤثر في مسيرة حياتي الكروية... كما أريد أن أثبت مدى ارتباطي الشديد بزوجتي، والتي تمثل نقلة كبيرة في حياتي فالاستقرار للاعب كرة القدم شيء مهم للغاية، وفي منزلي المتواضع شعرت بهذا الاستقرار وتلك السعادة بعد أن هيأت لي زوجتي المناخ الأفضل الذي يناسب ظروفي كلاعب كرة قدم، وأهم كل تلك الظروف عدم السهر في فترات طويلة من الليل، إذ إنني أحب النوم مبكراً، وأصبحت زوجتي هي المسؤولة بشكل تام عن البرنامج الغذائي الخاص بي، والذي يتضمن بعض الأطعمة المهمة التي من الضروري أن يتم تناولها بشكل يومي... بجانب عدم تناول بعض الأطعمة التي تسبب زيادة في الوزن، مع أنني أحب كل الأكلات والأطعمة، بالبلدي «نفسي حلوة» وزوجتي بصراحة شديدة تتقن صناعة أكلات السمك بجميع أنواعها، ودائماً أقول لها: «تسلم ايدك» فمع دخولي إلى المنزل أنسى كل همومي بمجرد النظر إليها فهي بمنزلة الزوجة والأم والأخت والصديقة.

الاستقرار وطريق النجومية

وزوجتي وش السعد عليَّ فبعد زواجي واستقراري انضممت إلى صفوف النادي الأهلي، وبدأت أولى خطوات الشهرة والنجومية التي لا أحبها، ويوماً بعد يوم يزداد ارتباطي بالبيت، خصوصاً بعد أن رزقني الله سبحانه وتعالى ولديَّ التوأم أحمد وسيف، اللذين أقضي معهما معظم أوقاتي خارج أسوار النادي الأهلي، وألعب معهما كرة القدم في المنزل، فبيتي هو مملكتي الخاصة التي لا يشاركني فيها إلا زوجتي وأولادي، وسأترك لهما حرية اختيار الطريق الذي يفضلان السير فيه، وأحمد وسيف سيكون لهما شأن مع كرة القدم، فأنا أرى سيف شبيهاً لي في مجال كرة القدم، وسيكون بإذن الله أبو تريكة الصغير، أما أحمد فلديه إعجاب شديد بزميلي عصام الحضري حارس المرمى، ويسأل عنه بانتظام ليعرف كل أخباره، وأراه مشروع حارس مرمى صغير.

نار الغيرة

وأريد أن أعترف بشيء فيه نوع من الغرابة، هو أن نار الغيرة دبت في منزلي المتواضع بعد ولادة رقية ابنتي الصغرى، حيث حالت الظروف دون أن أعيش اللحظات نفسها التي عشتها مع شقيقيها سيف وأحمد لأنني وقتها كنت مرتبطاً بالمعسكرات والمباريات، بينما رزقني الله برقية في وقت سمح لي بأن أكون موجودا معها بعدما حصلت على راحة من المشاركة مع الفريق بعد أن حسم الأهلي بطولة الدوري العام في الموسم الماضي، وأعتقد أن اهتمامي بها جاء طبيعياً جداً، والحمد لله أنني استطعت أن أعدل الكفة بعدما اشتكى سيف وأحمد إلى والدتهما من اهتمامي برقية، خصوصاً بعدما وضعت صورتها على تليفوني المحمول، لذا سارعت برفع الصورة من على الموبايل حتى لا يشعر أحد منهما بأن هناك تفرقة في المعاملة، وسألني زملائي هل البنات أحلى أم الأولاد؟ فقلت لهم إن البنات رزقهن واسع وأكبر على حد علمي، وقد ابتعدت عن رقية بعد ولادتها بسبب سفر الأهلي إلى جنوب إفريقيا لأداء إحدى المباريات في بطولة إفريقيا، وكنت أتمنى أن يرزقني الله سبحانه وتعالى ببنت بعد أن رزقني بسيف وأحمد...

زوجة أبو تريكة تتكلم

* وتقول زوجته «سمية» تعرفت على أبوتريكة ونحن في الجامعة، حيث كنا زميلين، وخطبني منذ كان لاعباً في صفوف الترسانة، وتم زواجنا يوم 18 يونيو عام 2002، وبعد الزواج استقررنا في منطقة الهرم، وخلال السنة الماضية انتقلنا إلى منطقة الشيخ زايد، ولكن لم نترك شقتنا القديمة بالهرم، لأنها شقة الذكريات الجميلة.

وتشير سمية إلى أن أبوتريكة يجمع أسرته في الأعياد والمناسبات والإجازات ويلتف من حولهم، وفي كل زيارة لقريته يحرص على الاتصال بأصدقاء الطفولة وأقاربه، وهو لم يتغير منذ كان لاعباً في الترسانة، الشيء الوحيد الذي تغير أنه عندما كان في الترسانة كان عدد الإعلاميين الذين يتصلون به قليلاً جداً، ومنذ انتقاله إلى الأهلي أصبح يتلقى في اليوم أكثر من مئة مكالمة على الهاتف، لدرجة أنه بين أسبوع وآخر يغير أرقام تليفونه المحمول.

وتضيف: أبوتريكة يحرص دائماً خلال سفرياته على الاتصال بي للاطمئنان على أحمد وسيف ورقية، وهو صاحب طبع هادئ جداً، ولا يحب الضجة، وكثيراً ما يهرب من اللقاءات الصحافية، لأنه مشغول بالكرة وقراءة القرآن والصلاة وصلة الرحم، كما أن أبو تريكة قليل الأكل ويأكل الموجود، ولا يطلب أي طعام معين.

برواز

● الأولاد والزوجة مظلومون جداً بسبب المعسكرات والمدد الطويلة التي أغيب بسببها، لكن هذه سنة الحياة ويعوض هذا الظلم إحساسهم بحب الجماهير لأبوتريكة اللي بنشوفه في كل مكان.

● أهلي واخوتي من خارج الوسط الرياضي وكل لاعبي الأهلي بلا استثناء قريبون مني خاصة الكابتن هادي خشبة ومن خارج النادي الكثير أبرزهم أحمد زغلول لاعب الترسانة.

● إسعاد الآخرين، وبخاصة الأطفال والأيتام، والجماهير المصرية، وعلى المستوى الشخصي أن أرى أولادي مثلي وأراهم نجوم كرة... هذه هي أهدافي التي أتمنى تحقيقها.