تفضل الحكومة سياسة عدم المواجهة مع التنظيمات المتشددة دينياً في شأن الحريات الدينية، في حين تحاول من جانب آخر طمأنة أتباع الديانات والطوائف الأخرى بأنها تدعم مطالبهم.

Ad

الحرية الدينية أو حرية الاعتقاد مبدأ قائم في دولة الكويت بموجب المادة (35) من الدستور، التي تنص على أن «حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب».

ويتميز الموقف الرسمي (الحكومي) من هذه الجزئية التي تشكل موضوعاً مهماً في منظومة الحريات العامة بالدعم والمساندة، وعلى الرغم من اشتراط المذكرة التفسيرية للدستور بشأن المادة أعلاه، وتأكيد أن كلمة أديان تعني الديانات السماوية الثلاث فإن تفسير المادة يقول في فقرته الاخيرة، «ولكن ليس معنى ذلك على سبيل الالزام منع الاديان الاخرى من ممارسة شعائرها كلها أو بعضها، وانما يكون الامر في شأنها متروكا لتقدير السلطة العامة في البلاد من دون أن تتخذ لحريتها سنداً من المادة 35 المذكورة».

التأثير في الأجهزة الرسمية

ولا توجد في الكويت جهة ترصد تطور الحريات الدينية سواء بالسلب أو الايجاب، وهو ما يؤدي الى شح المعلومات الموثقة عن هذا الموضوع، وإذا كان الدستور قد أكد بوضوح حق الجميع في ممارسة شعائر الاديان على اختلافها وبضوابط يحددها القانون فإن التطبيق والممارسة العملية يشي أحيانا بوجود نفس تمارسه جماعات دينية عبر الضغط التنظيمي، الذي يؤثر احيانا في اتخاذ قرارات منوطة بأجهزة رسمية تابعة للدولة كجهاز البلدية ووزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، ومن ذلك عدم سير اجراءات تراخيص البناء وتخصيص الاراضي لبناء المعابد او المساجد لبعض الطوائف الاسلامية وغيرها بسهولة، اذ غالبا ما يثار حديث عن عراقيل ادارية يصطنعها مسؤولون في الدولة استجابة لضغوط جهات أو جماعات اجتماعية أو دينية منظمة.

ويثار على سبيل المثال- أحيانا على استحياء- عرقلة بناء مساجد للمواطنين الشيعة، كما يحدث اليوم لموقع خصص لبناء مسجد لهم، كما يحاول رؤساء كنائس بعض الطوائف المسيحية اثارة بعض المطالب المنطقية لتسيير اعمال وخدمات كنائسهم للجاليات الموجودة في الكويت عبر اللقاءات الصحافية أو اللقاءات مع كبار مسؤولي الدولة أو شخصيات عامة من افراد الاسرة الحاكمة، ومنها الحاجة الى تخصيص مواقع لإقامة مبانٍ تسع التزايد الهائل للوافدين من غير المسلمين، وتخفيف الرقابة على بعض المواد الاعلامية والدينية المطبوعة أو المسموعة وغيرها من المطالب. وغالبا ما تجد مطالب رؤساء الكنائس المسيحية وعودا من هؤلاء المسؤولين بتحقيقها ممزوجة بتأكيدات واضحة أن الدولة تكفل حرية الاعتقاد.

قوانين مُعوّقة

وفيما يتعلق بالقوانين والتشريعات التي أثرت سلبا في حرية الاعتقاد بالكويت يشار دائما الى التشريع النيابي، الذي حرم غير المسلم من الحصول على الجنسية الكويتية والصادر في عام 1981، وهو بذلك أوقف اجراء كان معمولا به في السابق، ويقدر عدد المسيحيين الكويتيين اليوم بحوالي 200 شخص.

أما القانون الآخر الذي يُعد قيداً على الحريات بشكل عام، ومنها الحرية الدينية، فهو المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 بشأن انشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الادارية، الذي نص في مادته الاولى فقرة (5) على حظر لجوء الافراد الى القضاء لإلغاء قرارات إدارية تخص مسائل الجنسية والاقامة والإبعاد وتراخيص اصدار الصحف والمجلات ودور العبادة.

وهو بذلك يحصن موضوع بناء المعابد أو المساجد من التقاضي من قبل الافراد.

الممارسات المتشددة

وعلى صعيد التعاطي الاجتماعي مع موضوع الحريات الدينية غالباً ما تثير جماعات اسلامية متشددة قضايا تعكس ضيقاً بالآخر، ويظهر ذلك في مناسبات عاشوراء، حيث يحتفي الشيعة بهذه المناسبة وتقام الاجتماعات الدينية في (الحسينيات) والمساجد التابعة للطائفة، كما يثار لغط في تجمعات طائفة البهرة الدينية السنوية واحتفالها بمناسبات دينية.

وغالباً ما تكون مثل هذه الاحداث مجالا للشد والجذب بين الجماعات الدينية ذاتها، وبين كُتّاب الصحف من ذوي الميول الدينية والليبرالية، وعلى هامش هذا الجدل غالبا ما تصدر بعض البيانات والتصريحات الاعلامية لأطراف متشددة تحاول نفي الآخر او بيان خطأ بعض معتقداته المذهبية او الدينية، مما يسبب نوعاً من الاحتقان الذي سرعان ما ينطفئ ليعاود كرّته في المناسبة التي تليها.

تقرير دولي

دولياً، يشكل التقرير الذي تصدره سنويا وزارة الخارجية الاميركية حول الحريات الدينية في العالم مادة دسمة للصحافة المحلية خصوصا في الجزء المتعلق بالوضع الكويتي.

ويثير التقرير جدلا لما يعتبره البعض مسلمات في الدين الاسلامي ونوعاً من التدخل في المعتقدات الراسخة كعلاقة الرجل بالمرأة في اطار الزواج والمواريث وبعض الحقوق المدنية التي تتعارض مع مسلمات دينية.

إلا ان التقرير يتضمن في اجزاء منه توثيقا لحالة الحريات الدينية على مدار عام كامل، بصفته تقريراً سنوياً فيأتي على ذكر الاحصاءات الخاصة بأعداد الطوائف والمجاميع الدينية والمذهبية، ويتطرق الى التطورات التشريعية والقانونية التي تحتك بشكل مباشر او غير مباشر بإبداء الرأي أو ممارسة الشعائر الدينية لجميع الطوائف، وغالبا ما يشكل هذا التقرير مادة دسمة لأصحاب الاقلام وكتاب الصحف إما للهجوم عليه أو بالاستعانة بما يتضمنه من معلومات موثقة واحصاءات لا ترد غالباً في مرجع محلي.

أسباب التراجع

ويعزى تراجع قيم التسامح والقبول بالآخر الى تراخي السلطة التنفيذية في تطبيق المبدأ الدستوري والقوانين، التي من شأنها ان تعزز حرية الفكر والمعتقد وتنص على عقوبة واضحة لازدراء المذاهب والاديان، كما هو الحال في قانون المطبوعات والنشر وقوانين أخرى، وتأخذ صور التراخي هذه انماطاً اخرى تتمثل في الانحناء للضغوط التي يمارسها بعض اعضاء مجلس الامة من المتشددين دينياً، أو من بعض الجماعات الضاغطة في الساحة السياسية.

ويؤدي هذا الوضع الى جعل الحكومة في موقف متناقض بين الواقع والممارسة، وبين التصريحات التي يطلقها وزراء تؤكد حرية الاديان، ودعم الدولة لمطالب بعض الطوائف والمذاهب.

من تقرير الحريات الدينية

صدر التقرير السنوي للحريات الدينية عن وزارة الخارجية الأميركية في 19 سبتمبر 2008 ويغطي أحداث عام 2007، وفي ما يلي ابرز ما تضمنه بشأن وضع الحريات الدينية في الكويت.

• يشكل أتباع المذهب السني 70% من الكويتيين، بينما تصل نسبة الكويتيين الشيعة إلى 30%

• يقدر عدد الهندوس بـ300 ألف والبوذيين بـ100 ألف والبهائيين بـ400 شخص تقريباً.

• هناك سبع كنائس معترف بها من قبل الدولة وهي: الانجيلية الوطنية، الكاثوليكية، الانيجلية، القبطية، الارثوذكسية، الكاثوليكية اليونانية، الارمنية.

• لدى المواطنين من الطائفة الشيعية 35 مسجدا والعديد من الحسينيات، مقابل 1100 مسجد للمواطنين من الطائفة السنية.

• لايزال العديد من أفراد غير محددي الجنسية محرومين من اداء فريضة الحج بسبب افتقادهم وثائق سفر تمكنهم من ذلك، وتصرف لبعضهم وثائق مؤقتة تسحب منهم بعد اداء فريضة الحج.

• لا توجد محكمة تمييز في دائرة الأحوال الشخصية الشيعية، بينما وافقت الحكومة على انشاء إدارة للاوقاف الشيعية.

• يمارس أصحاب الديانات غير السماوية طقوسهم التعبدية في منازل خاصة وبلا تدخل من الحكومة، لكن الجالية السيخية تجد صعوبة في الحصول على تأجير أحد المنازل لممارسة طقوسها ولم تتمكن من الحصول على محرقة لإحراق موتاها.

• منعت الحكومة 350 كتاباً في المعرض السنوي للكتاب وكانت بعضها كتبا مرتبطة بالحركة السلفية