أثارت اللوحات التسع التي سُرقت من قصر محمد علي باشا الكبير الكائن في منطقة شبرا تساؤلات كثيرة حول حماية المتاحف والمقتنيات الأثرية في مصر. سلطت اللوحات الضوء مجدداً على حكم محمد علي، خصوصاً أن هذه الفترة شهدت اهتماماً معمارياً ونهضة حقيقية في تنمية البلاد. وفيما أكدت مصادر أمنية مصرية أنه سيُلقى القبض على اللصوص خلال ساعات، وتحسباً لأي أعمال تزوير للوحات المسروقة أو تهريبها إلى الخارج قال وزير الثقافة المصري فاروق حسني إن الجهات الأمنية أبلغت المنافذ الحدودية البحرية والجوية والبرية كافة، إضافة إلى الإنتربول الدولي بسرقة اللوحات التسع من قصر محمد علي بشبرا الخيمة، لمنع خروج اللوحات خارج البلاد. كذلك عممت صور عن اللوحات على صالات المزادات في العالم وفي الصحف للتحذير من شرائها.أشار حسني الى أن اللوحات تخص مجموعة من أسرة محمد علي، ما يجعلها غير مطلوبة على المستوى الدولي ولا قيمة لها في البيع والشراء خارجاً، ويسهل عملية متابعة تعقّبها في أي مكان واستعادتها. بدوره أشار المشرف على القصر صلاح شقوير إلى أن ثلاث جهات مسؤولة عن القصر ومحتوياته: يختص قطاع الآثار المصرية بصيانة المنشآت المعمارية والحوائط والجدران، بينما يشرف قطاع المتاحف على ترميم القطع واللوحات الأثرية والفنية المعروضة داخل القصر، وبدوره يشرف «صندوق التنمية الثقافية» على الزيارات السياحية وإقامة الحفلات والمهرجانات في القصر مقابل رسوم محددة.أكد شقوير أن القصر يُفتح ويُغلق في مواعيد ثابتة يومياً في محضر رسمي بحضور شرطة السياحة والآثار، موضحاً أن إقامة الحفلات والمهرجانات في القصر توقفت إلى حين الانتهاء من التحقيقات.أسماء اللوحات هي: «الأمير إسماعيل، محمد علي باشا، زيبة هانم، الأميرة فاطمة إسماعيل، الوالي عباس حلمي، عزيز باشا عزت، الأمير محمد علي، وصورة لإحدى زوجات الخديوي إسماعيل، وجشم ألفت زوجة الخديوي إسماعيل».كان العاملون في «صندوق التنمية الثقافية» المشرف على الأنشطة الثقافية في القصر سلموا الأخير ومحتوياته بمحضر رسمي قبل السرقة إلى شرطة السياحة والآثار وأُغلق، وفي صباح اليوم التالي تبينت سرقة اللوحات التسع. وبحسب شقوير كانت اللوحات مهملة، ووضعت في المخازن في أعقاب ثورة يوليو 1952 لكن وزارة الثقافة رممتها ووضعتها في بهو القصر الرئيس.بعد ترميمه افتتح القصر الرئيس حسني مبارك عام 2006 في إطار مشروع القاهرة التاريخية وبلغت تكلفة الترميم والتطوير 50 مليون جنيه تقريباً. وخلال أربع سنوات أزيل ٥١ مبنى عشوائياً يحيط بالقصر الذي يبلغ عمره ٢٠٠ عام. ويذكر أنه قبل الترميم كان يُستخدم كمخزن للقمح، ووقعت عليه تعديات بالبناء من جهات عدة، أبرزها منشآت كلية الزراعة والمعهد الزراعي.جرت المحاولة الأولى لترميم القصر في أوائل الثمانينات، لكنها للأسف «لم تكن سليمة، ولم تراعِ الأصول الفنية»، بحسب وزير الثقافة، وما زاد الوضع سوءاً قيام فك رخام الفسقية النادرة في القصر، والفشل في إعادتها إلى ما كانت عليه، إضافة إلى حالة الأسقف شبه المنهارة، وهو ما تم التغلب عليه بالتكنولوجيا الخدمية والبرامج العلمية المتطورة.خضع القصر لثلاثة مشروعات في الوقت نفسه: الترميم الإنشائي والمعماري بتكلفة ١٥ مليون جنيه، الاهتمام بالزخارف وتكلفته ١٥ مليون جنيه، وتنسيق الموقع العام وتكلفته ٢٠ مليون جنيه ليصبح جاهزاً لاستقبال الضيوف من كبار الشخصيات والزائرين للقاهرة.يشار إلى أن منطقة شبرا الخيمة حظيت باهتمام شديد من عاهل مصر محمد علي باشا، فقد حرص على تشييد قصر منيف، وفتح فيها شارعاً يعرف الآن باسم شارع شبرا، وبعد إنشاء القصر توالت على القرية البساتين والقصور المحدودة التي سرعان ما اندثرت في العصور التالية.
توابل - ثقافات
لوحات أسرة محمد علي المسروقة... تأهّب مصري لاستعادتها
18-03-2009