بعبارات موجزة تلائم طبيعة التقارير العسكرية، سجل جمال عبدالناصر بخط يده تطورات المعركة الفاصلة في حرب فلسطين سنة 1948، والتي تروي ساعة بساعة شهادته على الحصار الذي تمكنت قوات «الهاجاناة» بقيادة ييجال آللون من فرضه على لواء مصري يضم ثلاث كتائب في الفالوجا.لم يكن عبدالناصر، وهو في خنادق القتال يدون هذه اليوميات، يعرف أن خطة الحصار أشرف عليها وتابعها لحظة بلحظة بن غوريون نفسه، وهو الذي أطلق عليها اسم «يوآف» والتي تعني بالعبرية «الخلاص»، لكنه كان يدرك بالتأكيد أن هذا الحصار كان الحل الأخير أمام الإسرائيليين لتصفية المانع الوحيد الذي يعوق زحفهم لاحتلال النقب وامتلاك منفذ على البحر الأحمر، بعد أن صمد المقاتلون المصريون (وملحقة بهم سرايا سودانية) أسابيع طويلة أمام محاولات اختراق صفوفهم الدفاعية وتحت قصف مدفعي مركز، وفي ظل اختلال مرعب في موازين القوى، يكفي للإشارة إليه ملاحظة أن قوات آللون كانت مدعمة بدبابات حديثة بينما لم يكن لدى الجيش المصري في هذه المعركة أي مدرعات، بالإضافة إلى نقص الذخيرة، ونفاد المؤن مما عرّض الجنود والضباط لما يشبه المجاعة الحقيقية. كان جمال عبدالناصر من موقعه كأركان حرب الكتيبة السادسة بمنزلة الرجل الثاني في تراتبية القيادة للقوات المحاصرة، وعلى رأسها العميد سيد طه، وروى في هذه التقارير بدقة بالغة -تتطابق مع ما أوردته المصادر الإسرائيلية بعد ذلك ومنها مذكرات بن غوريون- كيف رفض الضباط المحاصرون عروضاً متكررة للاستسلام ويتضح من اليوميات -دون أن يذكر ذلك صراحة– أنه كان المسؤول إلى حد كبير عن استمرار تماسك القادة رغم انخفاض الروح المعنوية نسبياً للجنود، وهو ما يتضح من الحوار الذي رد فيه على آللون والذي صار في ما بعد وزيراً للدفاع في إسرائيل، حين جاء عارضاً على العميد طه فك الحصار والسماح بانسحاب القوات المصرية، فعاجله عبدالناصر بإعلان الرفض.وإزاء هذه الوثيقة التي سيتوقف عندها -لا شك- المؤرخون لتغدو مرجعاً لا يمكن الاستغناء عنه لكل من يريد في المستقبل الكتابة عن نكبة فلسطين، رأت «الجريدة» –التي حصلت على نسخة كاملة منها مع حقوق نشرها على صفحاتها بعد أن ظلت خبيئة طوال تلك السنوات لدى الأستاذ محمد حسنين هيكل لا يعلم أحد عنها شيئاً- أن تعرض أجزاء مطولة منها تكشف تطورات هذه المعركة مع توضيح السياق العام لما كتبه جمال عبدالناصر بخط يده وهو على خط النار، دون أي تدخل في النص ذاته حفاظاً على الوثيقة بمصطلحاتها العسكرية وأجوائها، مع اختصار بعض الفقرات التي تتضمن تفصيلات لا تهم سوى الباحثين المتخصصين.الجريدةالتقدم تحت قصف المدافع يبدأ عبدالناصر كتابة أول تقاريره من رفح يوم 18 مايو 1948 مسجلاً أن الأوامر التي تلقتها الكتيبة السادسة هي الدفاع عن غزة بعد أن تصل إليها بالقطار، الذي كان يربطها بالأراضي المصرية، وعلى عكس الأوضاع الهادئة في غزة التي اقتصر عمل الكتيبة فيها طوال أسبوعين على تسيير دوريات استكشاف بين المستعمرات اليهودية، تبدلت الأوضاع تماماً حين صدرت الأوامر يوم 4 يونيو بالتحرك إلى أسدود على خط شمال النقب، لتظهر التقارير منذ ذلك الوقت تعرض القوات لقصف مدفعي مركز ومستمر دون قدرة حقيقية على الرد، وتبدأ منذ يوم 9 يونيو مشكلة نقص الإمدادات، إذ يسجل عبدالناصر أن قطع الاتصال مع موقع «المجدل» منع وصول «التعيين» وهو المصطلح المستخدم في الجيش للمؤن.غزة، 5 يونيو - الساعة 0700: تحركت الكتيبة من غزةأسدود، الساعة 1100: وصلت الكتيبة أسدود واستلمت مواقع ك93.الساعة 13:00: تم استلام الموقع الدفاعي.الساعة 18:30: ضرب العدو مركز رئاسة الكتيبة بالمدفعية لمدة 20 دقيقة.أسدود، 7 يونيو: الساعة 0600: سحبت سرية من الخط الدفاعي لتوضع تحت قيادة ك93 عند مهاجمتها مستعمرة نيتساليم.الساعة 10:00: ضرب العدو مواقع الكتيبة بالمدفعية لمدة ساعة.الساعة 1400: ضرب العدو الكتيبة بالهاون لمدة 20 دقيقة.الساعة 1800: ضرب العدو مواقع الكتيبة بالمدفعية لمدة ساعة.8 يونيوالساعة 0100: ضرب العدو مواقع الكتيبة بالمدفعية والهاون نيران مزعجة واستمر الضرب على فترات متقطعة باستمرار 9 يونيوالساعة 0600: بلغنا أن العدو احتل تبة الفناطيس وقطع الطريق بين أسدود والمجدل. لم يمكن إحضار التعيين من المجدل. صرفت القوة تعيينات طوارئ.ارتباك في القيادةتكشف تقارير الأيام التالية وجود ارتباك غير مسبوق في قيادة القوات المصرية مع غياب تام للتنسيق مع بقية الجيوش العربية رغم أن المواقع التي انتشرت فيها الوحدات المصرية كانت تلاصقه من ناحية الشرق بيت جبرين التي يوجد بها الفيلق العربي الأردني، إلا أن اليوميات لا تظهر بها أي إشارة لأي اتصال بين الجانبين. وتحفل التقارير بعشرات الشواهد على عجز القيادة المصرية عن السيطرة وتوجيه القوات فتصدر أوامر بالتحرك في اتجاه ثم أوامر معاكسة بالعودة، واهتم عبدالناصر بتسجيل هذه الملاحظات في تقاريره الرسمية مع إشارة إلى تأثر المهام اليومية التي تسند إلى القوات مثل تكليفها باحتلال موقع يسمى «تبة الفناطيس» ثم التراجع، وبعدها قرار باحتلال «الصوافير الغربية والصوافير الشرقية» ثم قرار باحتلال «جوليس» ومحاولة استعادة «كراتيا» بالإضافة إلى عدم دقة المعلومات المتبادلة.بيتساليم 15 يوليوالساعة 0900: صدرت أوامر بوضع سرية تحت قيادة اللواء الرابع بالمجدل. عينت السرية الثانية التي كلفت بالبقاء في المجدل ثم نقلت إلى تقاطع عراق سويدان.الساعة 1600: أوامر بإرسال سرية إلى غزة لمساعدة ك ب3 في معركة بيرون إسحاق.الساعة 1630: تحركت السرية الرابعة التي لم تشتبك نظرا إلى انتهاء المعركة قبل وصولها.الساعة 2000: عادت السرية الرابعة.خط دفاعييسجل تقرير يوم 9 سبتمبر بدء تحول المعارك على هذه الجبهة بإصدار قائد القوات المصرية اللواء أحمد المواوي قراراً بإنشاء خط دفاعي شمال النقب.ودون تفاصيل كثيرة يدون عبدالناصر بتواضع أنه قاد سرية يوم 23 سبتمبر، اشتبكت مع قوات العدو لتحرير طرق كانت احتلتها لتهاجم منها قوات المتطوعين العرب.23 سبتمبرالساعة 1100: اتصل اللواء الرابع بالكتيبة وبلغ أن العدو احتل الطرق: بيت الجمال دير الريان عجور، وطلب إرسال قوة مكونة من فصيلة إلى كل من زكرين ودير الريان وبيت الجمال.الساعة 1200: سحبت سرية من الخط الدفاعي مكونة من فصيلة من كل سرية، وتحركت ومعها جماعتا حمالات وجماعة هاون.الساعة 1500: وصلت السرية إلى بيت جبرين ووضعت فصيلة في زكرين وفصيلة في دير الريان وفصيلة في بيت الجمال وقد تمكنت القوة من طرد القوات المعادية التي كانت تهاجم المتطوعين وبقيت في محلاتها.ويعود عبدالناصر في الأول من أكتوبر ليشرح معركة تم فيها إلحاق الهزيمة بالإسرائيليين وتحرير بلدة المحجز بالاشتراك مع المتطوعين العرب الذين يطلق عليهم في تقاريره الرسمية لقب المناضلين.1 أكتوبرالساعة 1000: وصلت معلومات من الحاكم الإداري لبيت جبرين أن العدو احتل خربة المحجز.الساعة 1200: صدرت الأوامر من اللواء الرابع بطرد العدو من المحجز.الساعة 1330: تحركت القوات الآتية من عراق المنشية لطرد العدو من خربة المحجز: عربتا همر من الفرسان، جماعتا حمالات من ك6 مشاة، فصيلتا مشاة واحدة من س2 ك6 مشاة وواحدة من س2 سودانية، جماعة فكرز من ك مم3، جماعة هاون 4.2 من ك مم3.وكانت إجمالي الخطة بعد الاستكشاف كالآتي:تتقدم الحمالات من اليمين إلى المحجز سعت صفر.تتقدم المشاة من الشمال إلى المحجز سعت صفريمين خطة إمداد لكل من الحمالات والمشاة.ساعة الصفر 1600: تعطلت الليلة نظرا إلى عجز الحمالات عن التقدم لوجود خور في الطريق وكان الاتصال مع الحمالات مستمرا باللاسلكي. كان المناضلون العرب المسلحون بالبنادق قد تدفقوا من كل مكان للاشتراك في العملية من الخليل وفي دورا وزكرين واشتبكوا مع العدو.وفي الساعة 1730: تمكنت الحمالات من عبور الخور وتقدمت إلى المحجز متبعة بالمناضلين من اليمين والمشاة متقدمة من الشمال.في الساعة 1745: دخلت الحمالات المحجز ومعها المناضلون، وقتلوا عددا من العدو وأسروا بعض أسلحته. وفي الساعة 1750: دخلت المشاة البلدة وقامت بالتعزيز. في الساعة 1850: وصلت أوامر من الكتيبة بتسليم المحجز إلى المتطوعين العرب بناء على أوامر اللواء الرابع وسحب القوة إلى عراق المنشية.في الساعة 2200: عادت القوة إلى عراق المنشية.إلا أن القوات الإسرائيلية تمكنت من استعادة المحجز من جديد فصدر أمر يوم 10 أكتوبر في الساعة 8 صباحاً بتنفيذ هجوم في اليوم التالي «لتمثيل هجوم كبير على ضربة المحجز وإيهام العدو بقوة هذا الهجوم»! ثم فوجئ الضباط بقرار جديد يصدر في الخامسة مساء بإلغاء القرار الأول الذي حرص عبدالناصر على وصفه بأنه «الهجوم التمثيلي» وفي مفاجأة جديدة نفذت القوات بالفعل الهجوم الملغى يوم 14 دون أن يصدر رد فعل عن القيادة.بطولات سودانيةمنذ فجر 15 أكتوبر شهدت الجبهة معارك شرسة بعد أن حاول العدو اختراق الخطوط الدفاعية وتقطيع أوصال القوات المصرية وتسجل اليوميات دوراً بطولياً لعبته الوحدات السودانية في ذلك اليوم.استمرت السرية الثانية مشتبكة مع العدو الذي احتل موقعا يمينها بالهاون والفكرز (....)الساعة 0300: أصدرت الكتيبة أمرا إنذاريا إلى فصيلة الحمالات للاستعداد لطرد العدو من خربة عطاالله. أصدرت الكتيبة أمرا إنذاريا للسرايا لتقديم فصيلة من كل سرية بعد طلبها بنصف ساعة. أبلغ قائد السرية الثانية بخربة الأمين أن العدو مازال قائما بأعمال الحفر وأنه نقل مدفع ماكينة في الناحية المواجهة للعدو، وكذلك مدفع هاون 3 وأنه مشتبك مع العدو. أصدرت الكتيبة أمرا إلى الفصيلة الموجودة بالاحتياط من السرية الأولى بالانضمام إلى السرية الثانية الموجودة بخربة الأمين. الساعة 0500: قامت مدفعية العدو وهاوناته فجأة بضرب عراق المنشية بالنيران. تجمعات مدفعية العدو تسقط على المواقع الدفاعية ومواقع الهاون3 والهاون4.2 ولاقت منطقة المدرسة والمواقع الدفاعية الهيكلية أعنف هذه التجمعات. تقطعت كل المواصلات الداخلية (التلفونية) بين الكتيبة والسرايا وبين السرايا والفصائل وبين الكتيبة ونقطة المراقبة الموجودة فوق تل الشيخ علي... وتكبد أفراد الإشارة خسائر كثيرة عند قيامهم بإصلاح الخطوط تحت النيران. أصبحت جماعة الهاون3 غير قادرة على العمل لكثرة الخسائر في الأفراد، ولم يصب أي موقع من المواقع الدفاعية. الساعة 0515: أبلغ أركان حرب اللواء الرابع بهذه الحالة وطلب منه إرسال طيران للاستكشاف وضرب مستعمرة جات. الساعة 0600: ظهرت ست دبابات معادية متقدمة من مستعمرة جات في اتجاه الفصيلة العاشرة متبوعة بالمشاة وقد استطاعت الدبابات اقتحام حقل الألغام. عملت خطة الهجوم المضاد بسرعة على أن يتم في الحال حتى يمكن الإمساك بالعدو وهو غير منظم، ونظرا إلى إرسال الفصيلة الاحتياط إلى خربة الأمين ليلا فقد تقرر سحب فصيلة من القطاع الجنوبي الذي تحتله السرية السودانية لاستعادة المدرسة، على أن تقوم أطقم البيات الموجودة في فصيلة الحمالات باصطياد الدبابات، وتقوم فصيلة الحمالات بسد الثغرات التي فتحت في الخط الدفاعي. أرسلت رسالة مع ضابط إلى قائد السرية السودانية الثانية يطلب منه فيها سحب فصيلة من الخط الدفاعي واستعادة المدرسة، وقد نفذ هذا الأمر في الحال وقام بنفسه على رأس الفصيلة وتمكن من استعادة المدرسة.تمكن قائد الفصيلة العاشرة من إصابة دبابة ثالثة بنفسه بأن تسلل خلال التين الشوكي وأطلق عليها. تقدمت فصيلة الحمالات إلى أرض المعركة وقامت أطقم البيات بضرب الدبابات الباقية من سياجات التين الشوكي الموجودة على الطريق الأسفلت فاضطرت الدبابتان الباقيتان إلى الانسحابالساعة 0700: تم استعادة الموقع بأجمعه وسدت الثغرة وضرب العدو عراق المنشية ضربا شديدا بالمدفعية. الساعة 0730: وصل إلى عراق المنشية باقي السرية الأولى الذي كان موجودا بالمجدل، وهو مكون من فصيلتين، وقد أسعفه طريق خلفي بين الفالوجة وعراق المنشية فاحتفظ بهما كاحتياط. مازالت مدفعية العدو تضرب البلد.الساعة 0900: (.........) ثم التقت وسارت في اتجاه الطريق الأسفلت، واتجهت الدبابة الخامسة إلى موقع المدرسة وتمكنت من تعطيل المدفع 6 رطل الموجود في هذا القطاع... وقد انسحبت الجماعة الأولى الموجودة بالمدرسة إلى مواقع سرية المعاونة المجاورة لها.. أما الجماعة الثانية الموجودة في التين الشوكي فقد انسحبت إلى تل الشيخ علي الموجود خلفها وثبتت الجماعة الثالثة ومدافع الماكينة والفصيلة الحادية عشرة في موقعها واستمرت في فتح نيرانها على مشاة العدو، وبذلك لم تتمكن المشاة عدا عددا قليلا من عبور الأسلاك الشائكة وقام قائد السرية المعاونة بحماية الجنب الأيمن للقطاع الجنوبي وثبتت قواته في مواقعها، وتمكنت الفصيلة العاشرة بعد أن استفاقت من المفاجأة من تعطيل دبابتين بالبيات.عندما بلغ قائد السرية الرابعة رئاسة الكتيبة أن العدو متقدم بالدبابات في اتجاه الفصيلة العاشرة أمرت بنقل المدفع 6 رطل الموجود في الشرق إلى المكان المهدد ونفذ ذلك في الحال، وأمرت فصيلة الهاون 4.2 بغمر المنطقة بين مستعمرة جات وعراق المنشية بالنيران. وتستمر المواجهات حتى يوم 18 أكتوبر الذي شهد صدامات غير مسبوقة بين المقاتلين المصريين والدبابات الإسرائيلية.حصار تحت النيرانفي يوميات 19 أكتوبر تظهر الإشارات الواضحة على نقص الذخيرة وتصبح معضلة عبدالناصر هي إمداد السرايا المقاتلة بصناديق الذخيرة التي توشك على النفاد، ويكتب يوم 20 أكتوبر «تقرر خفض التعيين إلى النصف» ثم يصدر أمر من القيادة بالانسحاب وبعدها يتم التراجع عنه، مع انهيار في الروح المعنوية للجنود.23 أكتوبرالساعة 1000: طُلب القائد إلى مؤتمر بالرئاسة بالفالوجةالساعة 1030: ذهب القائد والأركان حرب وعقد المؤتمر برئاسة القائم قام السيد طه قائد الكتيبة الأولى، وبه قادة الكتائب والأسلحة المساعدة. كان المؤتمر بخصوص إشارة وردت من رئاسة القوات وهي أمر إنذاري بسحب القوات من مركز عراق سويدان إلى الخليل. الساعة 1330: وصلت إشارة من رئاسة القوات تقول: يُلغى الأمر السابق بالانسحاب، حافظوا على مواقعكم سيصدر أمر بإيقاف القتال في مصلحتكم.23 أكتوبرالساعة 0700: تبين أن العدو احتل أثناء الليل خربة أبورحمة وخربة كركرة، متجها جنوبا من خربة عطاالله، وبذلك قطع الطريق بين عراق المنشية والكتيبة. الساعة 0800: صدرت أوامر من رئاسة الكتيبة بخفض التعيين إلى ربع المقرر اعتبارا من اليوم. 24 أكتوبر الساعة 0700: تبلغ لنا من قائد السرية السودانية الموجودة بالكتيبة أن السرية قد تركت مواقعها أثناء الليل ولا يعرف مصير الجنود وقد تبقى معه 17 عسكريا فقط وأنه سيترك الكتيبة وينسحب إلى الخليل وتضطر السرية الثالثة يوم 26 أكتوبر إلى وقف هجومها على بيت جبرين والتراجع لأن ذخيرتها نفدت.28 أكتوبرالساعة 0600: طائرات معادية ترمي منشورات تطلب فيها التسليمعبدالناصر يرفض الانسحابحان الوقت بالنسبة للقوات الإسرائيلية كي تقطف ثمار الحصار المضروب على الجيش المصري، غير أن عبدالناصر يرد بحسم رافضاً الانسحاب الذي عرضه الإسرائيليون.31 أكتوبرالساعة 1600: تبلغ الرئاسة الكتيبة أن اليهود أرسلوا عربة مصفحة عند عراق الخراب عليها علم أبيض وبها ميكروفون تطلب ضابطا مصريا. خرج قائد الكتيبة وأركان حرب الكتيبة وقائد السرية الثانية لمقابلة اليهود في عربة جيب. وكان اليهود في عربة مصفحة وبدأ الضابط اليهودي حديثه بالعبرية وكان معه مترجم وأنه مندوب عن جيش الهاجاناة ويطلب (الانسحاب) منا على أن المعاملة ستكون لائقة، وبذلك تكون الحرب لهذه القوة قد انتهت وتعود سالمة... وقد أجبت بأن كلامه الذي هو عبارة عن ترديد للمنشورات التي تلقيها طائراتهم قد عرفه جميع الجنود وان هؤلاء الجنود يرفضون الاهتمام بمنشوراتهم ويسخرون من هذه المبادئ الحديثة منهم... يعلمون الآن أنهم يدافعون عن شرف بلادهم لا عن شيء آخر. وليعتبر هذا النقاش في هذا الموضوع منتهيا... وبعد ذلك قال الضابط اليهودي إن له طلبا آخر وأن هذا الطلب إنساني وهو يتعلق بالقتلى اليهود، الذين تركت جثثهم أمام مواقعنا منذ معركة 16 أكتوبر، وهو يطلب استلامهم وصار الاتفاق معه على أن يأخذوا قتلاهم ساعة 1200 وبجوارهم بيرق أبيض.1 نوفمبرالساعة 1200: حضر اليهود وأخذوا جثث قتلاهم كالاتفاق السابق.الساعة 1500: نقض العدو اتفاق إيقاف القتال وقام بضرب عراق المنشية بالمدفعية حتى سعت 1700الساعة 2000. قام العدو بضرب عراق المنشية بالطيران.ويبدو من هذه اليوميات أن الضباط المصريين لم يكن لديهم فهم لأهمية دفن الجثث وفق الطقوس اليهودية بالنسبة للإسرائيليين، والتي كان من الممكن الحصول على مكتسبات مقابل السماح لهم بسحب قتلاهم.وشن بعدها الإسرائيليون هجوماً بالمصفحات ليعودوا لطرح مطلب الانسحاب من جديد بعد 10 أيام.10 نوفمبرالساعة 0100: طائرة معادية تسقط منشورات تقول إن العدو استولى على مركز عراق سويدان الحصين وتطلب التسليم. علمنا أن ك2 انسحبت إلى الفالوجة. الساعة 1000: قامت مدفعية الفالوجة بضرب جات وعملت حريقة بها. الساعة 1500: وصلت مصفحة يهودية عليها العلم الأبيض في الأرض الحرام بين عراق المنشية وعراق الخراب وخرج أركان حرب الكتيبة لمقابلة (الضابط اليهودي) ومعه ضابط المخابرات وقد طلب الضابط اليهودي تحديد ميعاد ليتقابل القائد المصري مع القائد الإسرائيلي، اتفق الطرفان على أن يكون الرد سعت 1000 يوم 11 نوفمبر.أوقف العدو إطلاق النيران11 نوفمبرالساعة 1000: وصل الضابط اليهودي إلى الأرض الحرام بين عراق المنشية وعراق الخراب، ولما علم أن القائد المصري وافق على المقابلة بين سعت 1500 و1600 فقال له لنا الخيار بين جات وبيت جبرين، واتفقنا على أن تكون المقابلة في جات سعت 1530 بالفالوجة.الساعة 2100: أخبار من الرياسة أنه ينتظر دخول قافلة كلمة السر حسان.الساعة 2300: بعد رفض القائد المصري التسليم الذي عرضه عليه القائد اليهودي استأنف العدو إطلاق النيران بشدة حتى الصباح.وفي اليوم التالي تصدر قيادة القوات قراراً بالانسحاب إلى الخليل غير أن الضباط يرفضون رغم ظروف الحصار، ليتجدد القصف ويزداد الموقف سوءاً مع بدء هطول الأمطار يوم 6 ديسمبر، خاصة أن اليهود يمتلكون جِمالاً يتحركون بها في الأوحال، بينما لا يملك المصريون وسيلة انتقال.وتشهد الأيام الأخيرة من الشهر حرب شوارع بين الجانبين في عراق المنشية، لا يتحقق فيها نصر حاسم لأي طرف حتى تتوقف اليوميات مع وقف القتال في اليوم الأخير من السنة.
دوليات
يوميات جمال عبدالناصر في حرب فلسطين عام 1948 2 / 2 الجريدة تكشف في ذكرى النكبة وثيقة كتبها عبدالناصر واحتفظ بها هيكل
24-05-2009