مشاكس إلى أقصى درجة، انطلق من برنامج «بدون كرافات» على تلفزيون «سيغما 90» اللبناني وسرعان ما حصد بفضل براعته المهنية شهرةً واسعة جعلته ينتقل بسرعة من محطة إلى أخرى. عرف بالمحاور الجريء، غير المجامل، القادر على استنطاق الضيف بحنكة منقطعة النظير. برنامجه «قريب جداً» على قناة «الحرة» هو الوحيد بين البرامج الثقافية العربية الذي تجرأ على كسر المحرمات والغوص الى أعماق الضيف لاظهار وجهه الآخر والابحار معه في رحلة مشوقة نحو الثقافة والفكر والانسان. أما زلت مشاكساً كما عهدناك دوماً؟ طبعاً. لا بل أتجرأ على الغوص في بعدٍ أعمق لأنني بتُّ أكثر نضجاً اليوم في التحايل على ما يتسبّب بتوقيف برنامجي. لم أعد أقول كل شيء عن الموضوع في حلقةٍ واحدة أو لم أعد مضطرا لاستقدام الراديكاليين للتعبير عن موضوع معين، أذكِّر هنا بحلقة اللادينيين في البرنامج وبحلقات عدة عن الجسد والجنس كمحرّم.ما هو جديد عيساوي؟ مستمر بـ {قريب جداً» بعد زيادة عدد الحلقات التي تتناول موضوعاً ولا تتمحور حول أشخاص وأحاول من خلالها كسر المحرمات كحلقة صورة الله في الادب، أو مثلاً مناقشة ماذا بقي من فرويد والتحليل النفسي الذي رفضه العالم العربي والاسلامي.هل تعتبر برنامجك ناجحاً؟للبرنامج الثقافي متابعوه وهؤلاء من الفئات الاكثر تأثيراً في مجتمعنا، وإن كانوا قلة، فلو عرضت البرامج الثقافية في أوقات الذروة أو خارجها لبقي جمهورها هو نفسه، فالجمهور هذا يلحق البرنامج ولديه طبعاً قدرة شرائية عالية ومن هنا إمكان تمويل البرنامج من خلال سلع إعلانية خاصة، لكن عادة الناس يتابعون بكثافة.إذا كان الامر كذلك لمَ لا تبث هذه البرامج في أوقات الذروة؟ربما لم تنتبه الفضائيات لامكان الحصول على إعلانات خاصة لهذا الجمهور.ألا توافقني على أنّ السبب الحقيقي هو أنّها ليست مغرية تجارياً.لهذا النوع من البرامج جمهور خاص يمكن مثلاً من خلالها الترويج لأنواع فاخرة من السيكار أو السيارات. لست ملماً بالتسويق ولكنها فكرة ألفت إليها أصحاب الابداع التجاري.ولكن أليس المثقفون في العالم العربي أقرب الى البوهيمية؟لا. فمن بين جمهوري مديرو شركات ومحامون وموظفون في مجالات الاعلان والتسويق وهؤلاء يتابعون الادب والفكر والفن. جمهوري أنا شخصياً متنوع من اختصاصيين وطلاب جامعات. مع القضاء على الطبقة الوسطى في العالم العربي لم يعد باستطاعة الشباب شراء صحيفة لذا ثمة حاجة الى حوار ثقافي على التلفزيون.هل أثر منع «الحرة» في بعض المناطق اللبنانية على نسبة مشاهدة برنامجك؟أثر هذا الأمر على برنامجي طبعاً، إذ لي في «الضاحية» مثلاً عدد كبير من المتابعين منذ برنامجي {بدون كرافات} على قناة «سيغما 90» كذلك في الجنوب. وأشير هنا إلى وجود محطات أخرى ممنوعة في مناطق أخرى من لبنان. على «أمير» المنطقة (صاحب الصحن اللاقط) أن يقرر ما هو مسموح أو ممنوع. إنها نوع من قبلية طائفية مذهبية للاسف ولعل الطبقة السياسية بلغتها السفيهة مسؤولة عن دفع الانسان العادي الى هذه الدرجات من الحدة والغرائز.ما هو تقييمك للبرامج الثقافية الموجودة حالياً؟أقدر برامج الزملاء المبدعين في الشعر أو الرواية وهؤلاء استمروا في المغامرة وفي تعريف المشاهدين على ادباء ومبدعين ليس لهم حظ الظهور على التلفزيون الذي غالباً ما يكون حكراً على أهل الفن أو السياسة.كيف تختار ضيوفك وهل تحرص على عدم إلحاق الغبن بمن لا يجيد العلاقات العامة؟بالتأكيد ثمة غبن. كل اختيار لضيف هو إقصاء لآخرين لكني أحاول قدر المستطاع إعطاء المنصة لمبدعين غير مكرسين اي من جيل الثمانينات أو التسعينات. ولهذا الغرض بالذات كسرت صيغة الضيف الواحد لصالح عدة ضيوف تجمعهم حلقة واحدة.لماذا نشعر أخيراً بميلك نحو استضافة الفنانين أكثر من الادباء.أتمنى أن يكون هذا الشعور صائباً. فبالاضافة الى أنّ ذلك يضمن لي جمهوراً وافراً ويشكل تراكما لهذه النوعية من المشاهدين الذين بعد التعرف الى البرنامج قد يتابعونه عند استقبالي لأدباء أو رسامين أو مبدعين آخرين لاحقاً ولكن النجوم عادة يخشون الظهور في برنامجي لانهم حريصون على صورتهم العامة فيما أحاول أنا النفاذ الى عمق ما وراء الصورة. من هنا ينبغي ان يكون الفنان جاهزاً للدخول في اللعبة ويستوجب الامر درجة من النضوج أو الرغبة في الرقص على أنغامي.ألا توافقني أنّ عنوان «جريء جداً» أفضل من «قريب جداً» لبرنامج من إعدادك؟ثقافة المجاملة غير موجودة عندي كذلك المحرمات الدينية أو الجنسية. إن لم تقدم حلقتي جديداً عن الضيف أو الاشكاليات الموجودة في حياته فلا معنى لها. قبل الحلقة أضع ضيفي في أجواء إشكالياته لئلا أحرجه، وإذا اشترط عدم الطرح إما تؤجل الحلقة أو تلغى. أحترم خصوصيات ضيفي ولكني أصر على الانطلاق منها لتقديم ما هو أعمق في هذه الاشكاليات فإذا كان مطلقاً استغل الموضوع للتحدث عن الزواج، وإذا كان عشقه «دونجوانياً» مثلاً أقنعه على أن يروي لنا تفاصيل جديدة لننطلق منها الى الكلام عن الحب والطبيعة البشرية استناداً الى تجربته.ألا تلغي بذلك عنصر العفوية؟صديقي المخرج ديمتري خضر ظنّ ذلك في البداية لكن التجربة برهنت العكس.هل حدث أن أحرجت ضيفاً الى درجة الانسحاب؟نعم، الشاعر قاسم حداد حين سألته عن وزير الداخلية في بلاده وقمع التظاهرات أوقف التصوير وهددّ بالانسحاب. منسوب الحريات في الدول العربية ضئيل. أذكر هنا كذلك ما حصل مع الشاعر التونسي الصغير أولاد أحمد وهو شاعر بوهيمي متميز انتقد نظام بلاده بجرأة يحسده عليها زملاؤه الشعراء أما الضيوف من سورية فعدد كبير منهم هدّد بالانسحاب قبل الحلقة كالسيدة منى واصف التي رفضت طرحي أسئلة سياسية فدعوتها الى العشاء مع شقيقتها ثم طرحت عليها أسئلتي خلال الحلقة وأظن انها بقيت راضية. أذكر كذلك تهديد الفنان رفيق سبيعي بالانسحاب من برنامجي حين سألته عن رئيس سابق للجمهورية كان قد ذكره في كتابه.ما هي نقاط القوة في برنامجك؟ أهمية قناة «الحرة» أنّ الضيف أو المقدم يطرح أي اشكالية يشاء من دون حرج. في برنامجي انتُقد جميع الملوك والأمراء والرؤساء العرب ووُجِّه الى جورج بوش أقسى كلام على لسان الشاعر أحمد فؤاد نجم وسواه. أما الموضوعات الدينية فنعرض لها بكل بساطة بالنسبة الى المواضيع العاطفية تخيلي أنني وجدت ضيوفاً يرتعشون أو يوقفون التصوير حين سألتهم عن القبلة أو الملامسة الاولى، ثم تمنوا عليّ حذف السؤال لأننا مجتمعات مقموعة في الدين والسياسة والجسد الذي هو خطيئة بالنسبة الى المسيحيين وبرسم الخطيئة لدى المسلمين. أجسادنا عوراتنا والجنس مسألة دنيئة توظفها السلطات لكبت الانسان وترويض روحه بحيث يسهل تطويعه واغتياله في الحياة العامة.عصر التحريمأطلق صفة على عصرنا الحالي.عصر التحريم والقمع والرأسمالية المشوّهة في بلادنا والاقتصاد الريعي.من المسؤول؟البني الاجتماعية القبلية والطائفية وسياق تاريخي ثقافي ديني يحول دون التغيير ويقضي على الطليعة الفكرية والمبدعين الشباب. لماذا نلقي دوماً اللوم على السلطة ولا نتحدث عن مسؤوليتنا كأفراد؟لاننا نشبّ على هذه البنى. طبعاً ثمة أفراد يتمرّدون على هذا الواقع ولكن إما يسحقون أو يروضون أو قد ينجحون وهم قلة أو قد يهاجرون.في أي خانة ٍمن هؤلاء أنت؟أنا متمرّد كبير وقد دفعت أثماناً باهظة كلفتني عملي حيناً وتعباً داخلياً طوراً ويأساً من الحياة في لحظات أخرى ولكني لا أستلذ البقاء من دون مصارعة الأمواج.هل أخذت حقك إعلامياً؟لجهة النقد الصحافي كرمني زملائي وأحياناً أسماء لا أعرف أصحابها وأعطتني الكثير وأفردت لبرامجي مساحات لا بأس بها. جماهيرياً ما زال برنامجي الاول «بدون كرافات» الاكثر شهرة في لبنان على الاقل لانه كان جديداً لجهة طريقة المحاورة الجريئة البعيدة عن الاطر التقليدية.لماذ لم تنضم الى احدى الشاشات العربية الاكثر انتشاراً هل تلقيت عروضاً للانضمام الى الـ MTV اللبنانية مثلاً؟لا تنسي أنني وضعت خارج محطات كنت أعمل بها 3 مرات: الاولى عام 1997 في برنامج «ناس من ذهب» في تلفزيون لبنان، وأخرى في برنامج «عكس السير» في الـNBN عام 99 ربما بسبب انزعاج البعض من استقلاليتي السياسية، ثم من «تلفزيون لبنان» في العام 2000 حين تراجع رئيس مجلس الادارة الاستاذ ابراهيم الخوري عن اتفاقه معي بسبب تهديد أعضاء في مجلس الادراة له بالاستقالة وهم مقربون من مرجعية سياسية تملك الـ NBN .لماذا يتهمونك دائماً في الوسط الاعلامي بالتكبر ويصفونك بالمادي؟بعض الزملاء يطلق علي هذه الصفة ولكن ثمة فرق بين التكبر والكبرياء. أنا أراهن على مهنيتي والمادة التي أقدم. أما في ما يخص الشق المادي أعتقد أنّ نوعية ما أقدم تستحق المبالغ الباهظة.كيف تقرأ الحرية في الاعلام العربي؟ لا حرية في الاعلام العربي بل رقابة ذاتية وإلا تعرّض الصحافي للتوقيف وثمة حاجة الى العلاقات العامة، وأنا «صفر على شمال» فيها. ما زلت أرفض شرب فنجان قهوة مع أي شخص إذا كنت لا أستسيغ الجلوس معه. قد تستغربين انني عملت في محطات لم ألتق بصاحبها أو برئيس مجلس إدارتها.في الشعرلماذا تكتب الشعر؟لأحارب الموت عبر مداعبة المستحيل فحين أعثر على اللقيات الشعرية كأنني أتحدى المجهول الذي قد يكون الموت أو العدم، وهذا هو منقذي من الضجر اليومي الذي هو وجه آخر للموت.كيف تقيم تجاربك الشعرية؟أصدرت 4 دوواين في كلّ منها مناخ خاص كتب بلغةٍ هي سليلة المدرسة اللبنانية التي حاولت الانفصال عنها في ديواني الاخير «القديس إكس».لماذا هناك نقمة على الشعر لدى الشباب؟لان هناك تحدي فنّ الصورة فالشعر لا يستطيع منافسة السينما مثلاً. ماذا عن سهولة التحول الى «شاعر»، فأسهل أنواع الكتابة اليوم هي نشر كتاب «شعر».هناك قدرة طبعاً على استغلال الاعلام لاطلاق «نجوم». أما كيف لشاعر ان يجد قراء له في عصر تكنولوجيا الصورة والازمات على اختلافها فتلك مسألة إبداعية مختلفة. الشعر له جمهوره. طبعاً الجماهير تأتي مع القضايا الاجتماعية كما هي الحال مع نزار قباني ومحمود درويش مثلاً من دون الانتقاص من قيمة هذين الشاعرين، أما الشعراء الذين يجربون في قصيدة ويحاولون الوصول الى لغة شعرية جديدة فعليهم تحدي منافسة الابداع السينمائي والخطابة التلفزيونية.من يلفتك من الشعراء الشباب؟أنا مغرم بعجوز ثمانينية بولندية اسمها «شامبورسكا» حازت جائزة نوبل في العام 69 فهي تدهشني في كلّ قراءة جديدة لأعمالها. سمِّ لي أحداً يلفتك من شعراء الجيل الحالي؟وديع سعادة، بول شاوول...ليس هذان من جيل الشباب.أقرأ مئات دواوين الشعر. أما شعرائي أنا فقد سميت تجربتين منهم. ثمة تجارب أخرى ناجحة طبعاً مثل سركون بولص مثلاً. حين اسمي شاعراً أسمي مشروعاً شعرياً. لا أجد في جيل الشباب مشاريع شعرية ثم يجب أن نعطي الشاب مجالاً زمنياً ليثبت خطه الشعري. في المغرب مثلاً تلفتني تجربة نبيل منصر، محمود عبد الغني، حسن نجمي...ما هي مآخذك على الصفحة الثقافية في الصحف العربية؟وجود المحرمات الثلاثة السياسة والدين والجنس. لا معنى للكتابة الابداعية من دون تناول تلك الاشكاليات. ومن مآخذي أيضاً تحوّل المسؤول عن الصفحة أحياناً الى طاغية او ديكتاتور يوظف المحررين في صفحته كمخبرين أو استغلاله منبره للعلاقات العامة بهدف السفر او الالتحاق بعضوية مؤسسات ثقافية فتتحوّل صفحته غالباً إلى دكان صغير يبيع فيه البقالة بمكيال من الكلمات والمفردات.«بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009» مجرد شعار أم واقع؟للتظاهرة بُعد شعاراتي لجهة استبعاد المبدعين الحقيقيين وغرقها في الشللية والتنفيعات والمشاريع غير المنتجة التي لا تضيف شيئاً يذكر الى بيروت. تم توظيف المحررين الثقافيين وبعض الادباء عند من يدير التظاهرة عبر منحهم أدوراً تنظيمية أو مشاريع ثقافية معينة، وهذا أمر مفضوح، على كل حال سأتناول هذا الموضوع في برنامجي قريباً.من أصدقاؤك؟من خارج الوسط الاعلامي. ثمة زملاء أحترمهم وأسرّ باللقاء بهم. أبحث عن السلام النفسي وأظن أنّ العلاقات الانسانية صعبة بالاجمال.ألهذا لا تتزوج؟بل لأنني غير مقتنع بمنطق العلاقات الطويلة ولأنّ مؤسسة الزواج تمنحني الاستقرار لتأخذ مني استقلاليتي. حين تصبح العلاقة فيها من المنطق أكثر مما فيها من «النار» غالباً ما أعمل على إنهاء العلاقة. عادة أنا من يغادر في علاقة حب لئلا أكذب أو أختنق بحنانٍ قد يتحوّل الى قيد يطلب مني ما أعجز عن تقديمه. مسألة عدم الزواج محسومة بالنسبة إلي مع أنني عاشق أزلي يبحث عن الحب دوماً.ألا تناديك مغامرة الابوة؟لعلّ حاجتي الى الابوة أكبر من رغبتي في الزواج. يعذبني هذا الطموح الى الابوة. أحب الاطفال واتحسس منهم في الوقت عينه فهم قد يتحولون الى «كائنات وحشية». انا نفسي كنت طفلاً نكداً عصبياً عذبت أهلي كثيراً ولكن حبي للاطفال سرعان ما أعالجه منطقيا حين انتبه الى انّ وراء هذا الحب رغبة دفينة في التغلب على موتنا، في تضمينهم كلّ عقدنا وأحلامنا التي عجزنا عن تجسيدها بشكل ملموس. الاطفال يلبون غريزة اللعب لدينا، نحن الأطفال الكبار، لذا أؤمن أنّ حبي للاطفال كما حبي للمرأة ليس بمنتهى البراءة.كيف ستلبي هذه الرغبة إذا لم تتزوج؟عبر انشاء جمعية للأطفال اليتامى وللعجائز فكلاهما ضعيف ويوحي بالبراءة والحاجة الى الشفقة، فالشفقة تماماً كما يقول ستاندال هي «بداية الحب».هواجسأين أنت من السلام الداخلي؟أصل إليه ثم أفقده انّه تمرين يومي أن نحاول التخلي عن رغباتنا وخوفنا كما يقول بوذا: الرغبة والخوف هما أصل العذاب والالم.ممَ تخاف؟أخاف من فقدان القدرة على قول «لا» ومن فكرة الخوف نفسه. أتخاف من الموت؟نعم طبعاً. وأطمح الى مرحلة أتخلص فيها من عبئه.ألهذا سألت الفنانة صباح عنه مرة بطريقة فجة؟قلت لها إن سارة برنارد كانت تنام في تابوتٍ للاعتياد على فكرة الموت فصارحتني بأنها أرادت اختبار ذلك الشعور هي أيضاً لكن أحد مرافقيها منعها. لِنقُل إنّ وعود الاديان بالقيامة لم تطمئنني يوماً مع أن هذا الهاجس خف لديّ نوعاً ما بعد رؤيتي مقبرةً رائعة الجمال في قرية سويسرية صغيرة، شعرت أنني في ترابها لن يأكلني الدود وجسدي سيظل نظيفاً طاهراً.كيف تتعامل مع حزن الفراق؟رغم مرور 25 عاماً على وفاة والدتي أجدني عاجزاً عن وضع حدّ لألم فراقها. أواجه الحزن بالسفر، بكتابة الشعر، أما في الحب فأحاول استئناف العلاقة مراراً وتكراراً. أنا عاطفي جداً ولكنّ ذلك لا يحول دون تخليّ عن العلاقة حين يستنفر عقلي ضدّ «مرض» العلاقة المزمنة.برنامج تتابعه بشغف؟برنامج Moment of Truth لانه يحرض المشاهد على ان يكون شفافاً. هو برنامج ترفيهي يسليني.ماذا عن البرامج الثقافية؟بعض برامج الـtv5 والـarte لاسيما الوثائقيات منها.لا تتابع إلا البرامج الاجنبية، ماذا عن العربية منها؟لانني غالباً ما أكون قد استقبلت الضيوف أنفسهم في برنامجي.ألا تشعر بفضول للتعرف الى تقنيات الحوار لدى زملائك؟ صرت أعرف حدود وخصائص كلّ برنامج عربي.ماذا عن البرامج الاجتماعية كـ «أحمر بالخط العريض»؟أشاهد البرامج كلّها ولكني لا أتابعها. أدرك تماماً مدى الجهد المبذول في برنامج «أحمر بالخط العريض» ولكني كنت أتمنى عدم المبالغة في الشعارات لانّ ثمة محرّمات وخطوط حمر تم تخطيها اعلامياً منذ 12 عاماً وأنا أعرف عمّا أتكلم فقد دفعت ثمن ذلك توقيفاً لبرنامجي. ألا تتابع البرامج السياسية؟ما من سياسة في العالم العربي وفي لبنان تحديداً، بل هي عبارة عن صفقات بين الطوائف والمذاهب وتلك البرامج مجرّد «منابر دونكيشوتية» للطبقات الحاكمة أو المعارضة التي هي أسوأ من الحكام أنفسهم.ألا يمثل أي طرف سياسي طموحك. ألن تنتخب في يونيو؟لا. لن أشارك. لا بدّ من قوة ثالثة غير 8 و14 آذار لكسر الاقطاع السياسي والنهوض بلبنان على أسس التنمية والعدالة ونبذ الطائفية. ورغم انّ الامر صعب فأنا لا أفقد الأمل. أخشى عودة الحرب الاهلية بسبب رغبات بعض الاطراف في العودة الى الشارع لارتباطه بأجندات إقليمية وخارجية. عندما أفكر بهذا الموضوع أتساءل عن جدوى شراء بيتٍ لي في لبنان.ما الذي يهدّد مجتمعاتنا العربية برأيك؟ التطرف الديني والمذهبي الاسلامي والمسيحي على السواء. هذا الفكر الاصولي الذي يغرق الانسان في طائفته ومنطقته يحوّل الآخرين الى «كفار» او خرافٍ ضالة نهايتهم الى الجحيم.كيف تقرأ ظاهرة هيفا وهبي؟هي قنبلة جسدية، وحتى روحية، بمعنى من المعاني، في وجه الاصوليات الظلامية التي تقمع الانسان بدءاً من روحه مروراً بخياراته وجسده. وجودها وتعاطي الاعلام معها وتحويلها الى ظاهرة اجتماعية يساهم برأيي في مواجهة الاصولية.لا تؤيد إذاً من يتهمها بتشويه الفن؟أناقتها شكلاً وملبساً ملحوظة. تعميم ظاهرة هيفا على الاعلام يحرك المخيلة الشعبية الايروسية وهذا بحد ذاته تحرير للفكر العربي الذي يعتبر الجسد أقرب من الجحيم والمرأة الجميلة شيطان متجسّد. ليست هيفا مطربة ولا تظن انها كذلك ومن يريد فيروزاً أخرى فليدرك أنّ لكل زمن نجومه. ثمة مطربات بارعات في أيامنا وثمة أيضاً من يقيم الاستعراض فحسب، وهيفا من تلك الفئة ووجودها يفرح الرجل والمرأة على السواء.لماذا لا تحاورها ما دمت معجباً بها إلى هذه الدرجة؟حاورتها في «بدون كرافات» ووعدت أن تطل في «قريب جداً» قريباً جداً!ما رأيك بترشح الفنانين إلى السياسة. حين سئل غسان الرحباني عن مطالبة الجمهور بهيفا للنيابة قال حرفياً: «هربت من الفن الى السياسة لكي لا أردّ على مثل هذه الاسئلة».السياسة مكان تبادل الصفقات البشعة وبعض السياسيين اللبنانيين وصل الى درك غير مستحب وأظن ان الحياة الفنية على رداءتها أفضل من دهاليز السياسة.رواية لفتت نظرك أخيراً.«عزازيل» للكاتب يوسف زيدان.
توابل
لا يستلذ البقاء من دون مصارعة الأمواج... والعزوبية مسألة محسومة بالنسبة إليه الإعلامي جوزف عيساوي: هيفا قنبلة جسديّة في وجه الأصوليّات!
22-05-2009