ما زالت سوق العطارة تلقى رواجاً وإقبالاً على رغم مواكبة تطورات العصر ومتطلباته. «الجريدة» تجولت في سوق المباركية في الكويت والتقت مجموعة من الناس من مختلف الفئات العمرية لمعرفة مدى إقبالهم على هذه السوق ومدى أهميتها بالنسبة إليهم في وقتنا الحالي.

Ad

تعتبر العطارة من أقدم المهن في عالمنا العربي، كانت لا تقتصر على بيع الأعشاب فحسب بل كان العطار آنذاك أشبه بطبيب يقوم بمعالجة أمراض كثيرة بسيطة ومستعصية تحت نظرية التجربة والخطأ، لكن اليوم تبدل مفهوم العطار المتداول محلياً باسم «الحواج» وأصبح يبيع منتجات محلية وعالمية كدهانات وزيوت وصبغات شعر وغيرها.

لم يعد كما في السابق، يُرجع البعض السبب إلى التكنولوجيا الحديثة التي بدورها أدت إلى توافر أدوية ومنتجات تجميلة كثيرة أثبتت فاعليتها، إلا أن البعض ما زال يفضل اللجوء إلى محلات العطارة لقناعته بأن لا بديل عن المواد الطبيعية الخالية من المواد الحافظة.

قمة ازدهارها

يؤكد أبو مهدي (بائع في محل عطارة) الذي ورث المهنة عن والده وجدِّه، أن «سوق العطارة أصابه نوع من الركود في الآونة الأخيرة»، لكنه يجده اليوم في قمة ازدهاره، فثمة «إقبال كبير على الأعشاب العطرية والزيوت وغيرها، سواء للتداوي أو بغرض التجميل». وعن أكثر الأعشاب رواجاً يقول: «ثمة إقبال على الحناء والكحل العربي والزيوت، كزيت الخروع والجرجير وجوز الهند وزيت «الحية» لتكثيف وإطالة الشعر وزيت اللوز والغليسرين للعناية بتشققات الجلد وتنعيم البشرة».

ويشير الى أن «فئات عمرية مختلفة ترتاد متجره، لكن الاختلاف بينها يكمن في الطلبات والاحتياجات، فالكبار يفضلون الأعشاب العطرية للتداوي والمنتجات الأخرى كالصابون العربي الطبيعي المعروف باسم «صابون رقي» و«طين الخاوه» والحناء، فجميعها تشهد إقبالا كبيراً من السيدات المسنات، أما الفتيات فيقبلن على الزيوت للعناية بالشعر والأعشاب المبيضة للجسم، إيماناُ منهن بأنها طبيعية وليس لها آثار جانبية».

ويؤكد أبو مهدي أن «العطارة من أقدم المهن وهي ما زالت صامدة أمام التقدم وما يحمله من تطوارات».

أمراض بسيطة

يرى أبو عبدالله أن «محلات العطارة تساهم كثيراَ في معالجة الأمراض البسيطة كنزلات البرد وتقلصات المعدة وغيرها، وأن لا أحد يستطيع الاستغناء عن هذه الأعشاب العطرية وغيرها من الأدوية الطبيعية، لأن الطب البديل أثبت فاعليته ضد أمراض كثيرة».

يضيف: «الحواج لا يقتصر على بيع الأعشاب وغيرها فحسب بل هو بمثابة بقالة يقصدها الناس لشراء أنواع مختلفة من الصابون الطبيعي والزيوت التجميلية المختلفة للعناية بالشعر، والأدوات التجميلة البسيطة «كالديرم» والكحل العربي. وقد اختلفت محلات العطارة، وأضحت تجميلية بحتة، ولم تعد تُقصد للتداوي وشراء المواد والمستلزمات الطبيعية، بل للعناية بالبشرة والشعر وشراء أدوات تجميلية مستوردة دخيلة على هذه السوق».

منتجات جاهزة

ترجع أم عبدالله سبب عزوف الشباب عن اللجوء إلى محلات العطارة الى «التكنولوجيا وإيقاع الحياة السريع الذي نشهده اليوم، لذا أصبح الشباب يفضلون المنتجات الجاهزة والمتوافرة في الصيدليات وبعض المحلات التي تدعي بأنها تقدم منتجات طبيعية مئة بالمئة مختلفة المنشأ والأشكال والألوان»، مؤكدةً أن بعض هذه المنتجات قد يكون جيداً وفاعلاً، لكنها غالبا لا تفي بالغرض ولا تعطي النتائج المرجوة».

في السياق ذاته، تضيف أم خالد أن «الحواج» كان وجهة سيدات كثر من قديم الزمان، فلم يكن آنذاك بديل عن الحناء لصبغ الشعر و{الدريمه» لتلوين الشفاه.

أما عن رواج هذه السوق فتوضح أن «محلات العطارة لا تزال صامدة»، مشيرة الى أن «ثمة إقبالاً كبيراً من الفتيات على هذه السوق نظراً الى ما يتداولنه في ما بينهن من أحاديث حول فاعلية هذه المواد الطبيعية وما يقرأنه في المجلات والصفحات الإلكترونية».

إقتربنا من سيدة في عقدها السابع وهي تهم في شراء الحاجيات من أحد محلات العطارة في سوق المباركية، سألناها عن رأيها في البضاعة وعن سبب زيارتها فقالت «قدمت لشراء ماشات» والمقصود بها مشابك للشعر وصابون لكنها على الرغم من وجودها في السوق بدت مستاءة وتتمتم كلمات تكاد تكون غير واضحة، سألناها عن سبب التذمر فأوضحت: «الحين الشغلات مو نفس أول، قبل يديده «تازه» ريحتها تهبل، شنسوي تغير كل شي حتى الماي طعمه تغير».