من أفضل مخرجات الانتخابات النيابية الأخيرة التأكيد على الثقة بالديمقراطية والتأكد من أنها قادرة على تصحيح نفسها بنفسها. وعلى الرغم من تراجع أعداد المقترعين فإن النقلة النوعية كانت واضحة في التحول المفاجئ للموقف من المرأة، بعدد غير مسبوق للفائزات، وبفترة زمنية وجيزة لم تتجاوز السنة.

وتميزت الانتخابات الأخيرة بمخرجات عدة، كل منها يحتاج إلى بحث وقراءة أكثر تفصيلاً، ومن أهمها:

Ad

• أن معدل الكلفة المالية والإنفاق الذي شهدته كان أقل كثيراً مما صُرف على انتخابات 2008، وأهم أسباب ذلك الأزمة المالية الاقتصادية، وتدني حجم الإنفاق على شراء الأصوات تحاشياً لتبعاته القانونية والقضائية، وارتفاع الكلفة الإعلانية، خصوصاً أن كثيراً ممن خاضوا انتخابات 2008 لم يتهيأ لهم الوقت الكافي لاسترجاع أنفاسهم وتنمية إيراداتهم المالية خلال فترة لا تتجاوز السنة، وانعكس تقليص الإنفاق تراجعاً في مراكز البعض.

• شهدت الدائرة الأولى تحولاً واضحاً في موقف الناخبين السُّنة، إذ حصدت النائبة معصومة المبارك الكثير من أصواتهم التي كانت سبباً أساسياً في حصولها على المركز الأول، وهو حاجز لم يُكسَر خلال عقود طويلة لطبيعة التركيبة الطائفية للدائرة. (حتى بما تضمّه من مناطق ضمن الدوائر الخمس والعشرين سابقاً).

ورغم التباين في التيارات والكتل الشيعية في الدائرة، فإنها استطاعت زيادة عدد ممثليها مع انحسار واضح لقائمة الائتلاف الإسلامي التي حصلت على مقعدين، كان النائب عدنان عبدالصمد هو العاشر بفارق أقل من 200 صوت عن الحادي عشر المرشح محمد الكندري. وكان واضحاً ما طرأ على موقف الناخبين السُّنة من المرشحين الشيعة في الدائرة الثالثة، فأصواتهم كانت سبباً رئيسياً في إنجاح الدكتورة رولا دشتي.

• إن القول بأن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو نواب التصعيد قول غير دقيق ويخالف الواقع، وإذا استعرضنا الأسماء أو من يُصنفون كذلك، نجد غالبيتهم عادت الى مقاعدها مع اختلاف في المواقع، فمنهم من تقدَّم ومنهم من تراجع، فعلى سبيل المثال تقدم النائب أحمد السعدون، بينما تراجع النائب فيصل المسلم عن موقعه الأول وتراجع وليد الطبطبائي، وفي الرابعة تقدم محمد هايف ليحصد المركز الثاني، وارتفعت أصوات مسلم البراك الذي حافظ على المركز الأول لتصل إلى 18779، رغم تراجع أعداد الناخبين مقارنة بانتخابات 2008، كما حافظ النائب ضيف الله أبورمية على موقع متقدم، إذ حل في المركز الرابع.

• كانت قبيلتا الرشايدة في "الرابعة" والعوازم في "الخامسة" هما الأكثر التزاما بنتائج فرعياتهما، إذ لم تُخترقا وأوصلتا مرشحيهما الفائزين بالفرعيات إلى مقاعد البرلمان، بينما خسر المطران في الرابعة، والعجمان في الخامسة مقعداً لكل منهما.

• كان للحملات الإعلامية الموجهة أثرها الواضح في مخرجات الانتخابات سلباً في تأثيرها على بعض المرشحين، وهو ما أطلق عليه البعض "الإعلام الفاسد" وإيجابا في المساعدة على إنجاح البعض الآخر، وسيكون للدور الذي لعبته الحملة الاعلامية تداعياته السياسية في تعكير صفو العلاقة بين المجلس والحكومة.

• مما اتسمت به هذه الانتخابات نجاح من تم إيقافهم في أمن الدولة "أبورمية ـ الطاحوس" الأمر الذي يعكس الموقف السلبي للناخبين من السلطة وتدخلاتها والتعاطف مع الموقوفين دائماً، إذ إن الشعور التقليدي للناس هو مواجهة السلطة.

• أكدت تقسيمة الدائرة الثالثة أنها الدائرة الأكثر تمثيلاً لأطياف المجتمع الكويتي من بدو وحضر وتيارات دينية وقوى سياسية وسنة وشيعة، وهي الدائرة الوحيدة التي استطاعت إيصال نائبتين من أصل عشرة نواب.

• ومن أهم مخرجات انتخابات 2009 أنها غيَّرت النظرة الخارجية عالمياً وإقليمياً نحو الديمقراطية الكويتية التي استعادت الثقة بها، وبدلاً من التحذير من التجربة الكويتية أصبحت نموذجاً يطمح إليه البعض، ويشير إليه الكل بتقدير وإعجاب.