استبقت حركة «حماس» إعلان إسرائيل وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد، بتأكيد أنها ستواصل القتال، ولن توقف إطلاق الصواريخ حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من قطاع غزة. وبدا القرار الذي كانت «الحكومة المصغرة» الإسرائيلية تتَّجه مساء أمس، الى التصويت عليه، قراراً «غير منطقي»، إذ يدعو من جهة إلى وقف للنار من جانب واحد مع عدم سحب القوات الإسرائيلية من القطاع، ومن الجهة الأخرى يدعو «حماس» إلى التزامه، تحت ضغط التهديد بأن أي إطلاق نار على الجيش الإسرائيلي سيُرد عليه بقسوة.

Ad

ورأى المراقبون في الخطوة الإسرائيلية محاولة للتخلص من الضغوط الدولية المتزايدة لوقف الحرب والعنف، وفي الوقت نفسه إبقاء الضغط العسكري على «حماس» في انتظار التوصل الى صيغة سياسية جديدة تضمن الشروط الإسرائيلية المتمثلة في إقرار تهدئة دائمة، وبضمانات دولية لمنع إدخال جميع أنواع السلاح الى القطاع، فضلاً عن استبعاد أي دور لـ«حماس» في إدارة المعابر. وفي حين تواصل الهجوم الإسرائيلي على غزة امس، وارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين الى 1200، تَعقِد القاهرة قمة دولية في شرم الشيخ اليوم، دعت اليها كلاً من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا والامم المتحدة، متجاهلة واشنطن، في خطوة اعتُبرت رداً على الاتفاقية الأمنية التي وقَّعتها وزيرتا خارجية الولايات المتحدة وإسرائيل أمس الأول، المتعلقة بمكافحة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، والتي رأت مصر أنها تمس سيادتها وأمنها القومي.

وفي وقت ذكرت مصادر إسرائيلية ان رئيس حكومة تصريف الأعمال إيهود أولمرت أبلغ الرئيس المصري حسني مبارك تجاوبه مع مبادرته، وأن وقف إطلاق النار يندرج في إطارها، طالب مبارك في كلمة متلفزة أمس، اسرائيل بوقف فوري «غير مشروط» لإطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة.

وشدَّد الرئيس المصري على أن بلاده تعمل على تأمين حدودها مع إسرائيل وغزة، وأنها «لن تقبل أبداً أي وجود أجنبي لمراقبين على أرضها» وأن ذلك «خط أحمر» لن يَسمح بتجاوزه.

وانتقد مبارك «دول الممانعة»، وتساءل: «ماذا فعل الممانعون لشعب فلسطين وقضيته؟! وماذا فعلوا لتحرير الأراضي العربية الرازحة تحت الاحتلال؟!» في إشارة واضحة إلى الاجتماع الذي عُقد في الدوحة أمس الأول.

وكان وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط شنّ في وقت سابق، هجوماً عنيفاً على المذكرة الأمنية الأميركية- الإسرائيلية. مشدداً على أن بلاده «ليست ملتزمة على الإطلاق بهذه الاتفاقية»، التي تهدف إلى منع تهريب الأسلحة إلى غزة، مؤكداً أن «إسرائيل وأميركا تسعيان إلى السيطرة على أعالي البحار».

واعتبر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وأستاذ القانون الدولي عبدالله الأشعل المذكرة الأميركية - الإسرائيلية تجاوزاً للسيادة المصرية، وقال: «هذه المذكرة تعد تجاوزاً للسيادة المصرية، لأنها تخصها في جزء كبير، وتتم على أراضيها، وكان عليهما مراجعة موقف مصر، والاتفاق معها مقابل وقف العدوان على غزة».

في السياق، قال الخبير في «مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام» عماد جاد إن «الاتفاقية جزء من مسألة ترتيب وقف إطلاق النار الأحادي الجانب»، وأضاف: «إذا كانت إسرائيل تشكو تهريبَ السلاح فإن الولايات المتحدة تتحمل عنها هذه المسؤولية عن طريق ضمان عدم التهريب عبر البحر من إيران، كما أنها سترتب لعقد اتفاق مع السلطة الوطنية الفلسطينية أو مع حماس أو مع مصر في ما بعد، لضمان عدم التهريب عبر البرّ، الأمر الذي يؤكد تحقيق إسرائيل لأهدافها».