على رغم المذابح التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، وما تمارسه من قهر وعنف وتعنّت ضد الأبرياء أطفالاً وشيوخاً ونساء، إلا أن السينما المصرية خصوصاً والعربية عموماً بعيدة تماماً عن تلك الأحداث. يتردد سؤال بشأن هذا الصمت إذاء القضية الفلسطينية، وهل يمكن اعتباره نوعاً من التجاهل لأحداث تحاصرنا كل لحظة؟ أم أن المسألة أكبر من أن ترصدها كاميرات السينما خصوصاً في ظل شروط سوق تبحث عن الربح ولا تهتم بتلك الإشكاليات؟ وهل كاميرات التلفزيون التي ترصد ما يحدث لحظة بلحظة لا تتيح لمخرجي السينما مجالاً لالتقاط الأنفاس؟!يرجع د. رفيق الصبان السبب وراء تجاهل السينما المصرية أو العربية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وما يحدث في الأراضي المحتلة الى جهات الإنتاج التي لا تتحمس لتقديم مثل هذه الأفلام، لأنها تحتاج الى تكلفة عالية وضخمة وإمكانات كبيرة والعائد منها محفوف بالمخاطر.حول الرقابة وهل ترفض مثل هذه الأفلام، يؤكد الصبان أن المشكلة تكمن في عدم إيمان جهات الإنتاج بهذه الأعمال، بتعبير أدق لا يوجد من يؤمن بتلك القضية القومية وعلى رغم وجود جهات إنتاج حكومية إلا أنها لا تتحمس هي الأخرى للقيام بهذا الدور. وجهات نظرأما الكاتب أسامة أنور عكاشة فيرى أن سبب هذا القصور هو عدم وجود اتفاق عربي حول هذه القضية القومية وكيفية الانتصار فيها وحسم هذا الصراع لصالحنا كعرب، الأمر الذي يدفع جهات الإنتاج على اختلافها الى التعامل بحذر مع هذه القضية، إذ ربما يتعرض الفيلم للقضية بطريقة تحول دون توزيعه في البلدان العربية، إذ لا يوجد عمل يمكن أن يجمع وجهات نظر متعددة، لذا يفضِّل الجميع مبدأ السلامة فتقدَّم أفلام لا تناقش قضايا شائكة، أي لا علاقة لها بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. يصرّح عكاشة: «بما أنه لا يوجد فيلم سينمائي يستطيع إرضاء الأطراف العربية كافة، وبما أننا لن نشهد يوماً اتفاقاً كاملاً وموحداً بين الدول العربية بشأن هذه القضية تحديداً، نظراً الى أن الاختلاف بين الدول العربية هو اختلاف جذري وأساسي، لذا ستظل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل خارج نطاق الخدمة السينمائية».محاذيرأما السيناريست تامر حبيب فيرى أن السينما لم تتجاهل هذه القضية الحساسة، إذ عالجتها أفلام عدة ولكن بأسلوب غير مباشر، وبحساسية شديدة نظراً الى محاذير كثيرة، والمحصلة أننا عموماً نفتقد السينما التي ترصد مواضيع جادة ومن بينها القضية الفلسطينية. ولم ينكر حبيب توجّساً جهات الإنتاج من الإقدام على إنتاج مثل هذه الأفلام خوفاً من فشلها تجارياً، أما عن الرقابة فيؤكد أنها لا يمكن أن ترفض فيلماً يصوِّر المذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل على يد الإسرائيليين.
توابل - سيما
لماذا تتجاهل السينما العربيّة القضيّة الفلسطينيّة؟
05-01-2009