أتى عام 2008، على الرغم من استمرار الاعتداءات الإرهابية والصراع السياسي، ليشكل اختلافاً عما سبقه منذ عام 2003، لكونه شهد توسع سيطرة الحكومة العراقية على معظم المحافظات وتراجعا كبيرا في حدة العنف، فضلاً عن توقيع اتفاقية أمنية مع واشنطن تقر انسحاب القوات الأميركية تدريجياً حتى عام 2011. وتسلمت القوات العراقية الملفات الأمنية لـ12 محافظة، منها البصرة والأنبار والقادسية والحلة، على ان يتم تسلم ملفات المحافظات المتبقية، تباعاً.

وشهد العراق خلال عام 2008 تقدماً لافتاً تمثل في عودة العديد من الدول العربية الى بغداد، عبر إعادة افتتاح سفاراتها (الكويت، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، سورية، الأردن)، والتي من المنتظر أن تستكمل خلال عام 2009.

Ad

ويبقى الجدل بشأن نظام الحكم والفدرالية موضع تجاذب بين مختلف القوى العراقية، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يشهد المزيد من الشد والجذب خلال الفترة المقبلة.

بعد جدل طويل داخل العراق، كما في دول الجوار، وعلى خط بغداد-واشنطن، وبعد تعديلات عديدة، أقر البرلمان العراقي في 18 نوفمبر، الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، والتي تنظم وجود القوات الأميركية في البلاد، بعد 31 ديسمبر، حين ينتهي تفويض الأمم المتحدة. ووافق على الاتفاقية 139 نائباً من أصل 275 عدد أعضاء البرلمان، في حين امتنعت «الكتلة الصدرية» عن التصويت وأثارت شغباً كبيراً داخل البرلمان من أجل التشويش على عملية التصويت.

وتنص الاتفاقية على سحب القوات الأميركية من العراق بشكل كامل في أواخر عام 2011، كما تنص على التبادل الثقافي والعلمي والمعرفي في الخبرات، إضافة الى فتح جامعات أميركية في بغداد والبصرة والموصل. وصادق عليها في ما بعد، المجلس الرئاسي العراقي.

في أواخر شهر مارس، صعدت ميليشيا «جيش المهدي» التابعة لـ«التيار الصدري» من عملياتها المسلحة في عدد من المحافظات الجنوبية كالبصرة والناصرية والعمارة والديوانية، وكذلك في بغداد وتحديداً في مدينة الصدر وحي الشعلة، مما دفع الحكومة العراقية الى أن تتصدى بقوة لذلك من خلال عملية «صولة الفرسان» في جنوب البلاد وفي مدينة الصدر، والتي قضت على أغلبية عناصر تلك الميليشيا، ثم انطلقت عملية أخرى ضد عناصر تنظيم «القاعدة» في مدينة الموصل، وسميت بـ«أم الربيعين»، لكنها لم تنجح كما في بغداد والبصرة.

عاشت بغداد وأغلبية المدن العراقية الأخرى هدوءاً نسبياً منذ بداية عام 2008 بعد انخفاض العمليات الإرهابية في البلاد، فعادت الحياة العامة نسبياً الى طبيعتها، خصوصا مع التجول والتبضع ليلا، فضلاً عن السهر في شارع أبو النواس الشهير، وحديقة الزوراء العامة وسط العاصمة.

نجحت خطة «فرض القانون» الى حد كبير في فرض الأمن في الكثير من المحافظات، فانحسرت العمليات الإرهابية، وهو الأمر الذي دفع بالإرهابيين الى ابتكار طرق جديدة، كان أكثرها شيوعاً تفجير انتحاريات عن بعد، مما رفع عدد الانتحاريات خلال 2008 الى أكثر من 22، وكانت أشهرهن رانية العنبكي (14 عاماً) التي سلمت نفسها للشرطة في ديالى قبيل تفجيرها عن بعد في سوق شعبي أواخر مايو.

في 14 ديسمبر، قام الرئيس الأميركي جورج بوش بزيارة وداعية الى العراق وقّع خلالها مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الاتفاقية الأمنية بالأحرف الاولى. إلا ان نهاية هذه الزيارة لم تكن عادية، إذ قام مراسل قناة «البغدادية» التي تتخذ من مصر مقراً لمكتبها الرئيسي، منتظر الزيدي، برشق بوش بحذائه، أثناء عقد الأخير مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع المالكي، وهو الأمر الذي أحدث ضجة كبيرة على امتداد العالم، وانقساما بين مؤيد ومعارض. واعتقل الزيدي، وهو معرض لعقوبة بالسجن تصل إلى سنتين بسب إهانته رئيس دولة أجنبية.

مع بداية شهر أكتوبر تسلمت «قوات الصحوة» التي يبلغ عددها أكثر من 85 ألف مقاتل، رواتبها من الحكومة العراقية بعد أن أوكلت إليها المهمة من قبل الجيش الأميركي الذي كان يدفع لهاتلك الرواتب، وقد شهد هذا الموضوع جدلا كبيرا حول مصداقية تلك «الصحوات» ومدى انخراطها ضمن صفوف الجيش والشرطة.

في أواخر اكتوبر، تفجرت أزمة جديدة بين الأكراد والحكومة العراقية، بسبب عقود النفط التي ابرمتها حكومة إقليم كردستان العراق مع عدد من الشركات لبيع النفط دون الرجوع إلى الحكومة المركزية، ومما عمّق الخلاف مطالبة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بإقامة «مجالس إسناد» في عموم محافظات العراق بما فيها محافظات إقليم كردستان.

قدَّم رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني في 23 ديسمبر، استقالته من منصبه، إثر جدل بينه وبين بعض أعضاء البرلمان، على خلفية حادثة مراسل «البغدادية» منتظر الزيدي، واستخدم المشهداني ألفاظاً اعتبرت مهينة بحق النواب.

وقوبلت الاستقالة بالقبول من كل الكتل السياسية في البرلمان، كم أدت الى انشقاق في «جبهة التوافق» العراقية التي ينتمي اليها المشهداني. واتهم الأخير «الحزب الإسلامي» برئاسة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بمحاربته والتآمر عليه.

مواقف

الحكومة

• الخارجية

وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي: «العام الجديد سيشهد مستوى أعلى من التمثيل الدبلوماسي في العواصم العربية والدولية من أجل مد جسور التواصل مع المجتمع الخارجي، وبدء صفحة جديدة من العلاقات العراقية مع العالم بشكل يختلف تماما عما كانت عليه خلال فترة النظام السابق».

• الداخلية

المتحدث باسم خطة «فرض القانون» في بغداد اللواء قاسم عطا: «استتباب الأمن في العراق بات واضحا للعيان، بعد تمكن القوات العراقية من السيطرة على منابع الارهاب، ومن خلال خطة فرض القانون التي تم العمل بها بدقة، لذا نجد أن الوضع الأمني في أغلب المحافظات بات جيدا جدا، وهذا ما يشعر به كل مواطن عراقي الآن، ولم يبق إلا بعض الجيوب التي نحاول أن ننهيها، وبالتالي عام 2009 سيكون الوضع الأمني أفضل بكثير، بل ونراهن على ذلك».

• الدفاع

المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع محمد العسكري: «عام 2009 سيشهد تنفيذ خطط وبرامج تدريبية لرفع القدرة القتالية لقوات الجيش، وتسريع التسليح بأسلحة حديثة من مناشئ مختلفة».

• الكهرباء

وزير الكهرباء كريم وحيد: «بداية أحب أن أهنئ الشعب العراقي بالعام الجديد، وأتمنى أن يكون عام خير وبركة علينا جميعا، وأحب أن أبشر الجميع بأن أزمة نقص الكهرباء في البلاد ستنتهي تماما في عام 2011، وسيحصل المواطن عليها لمدة 24 ساعة دون انقطاع، وسيبدأ العمل على تحقيق ذلك في عام 2009».

• العلوم والتكنولوجيا

المتحدث باسم وزارة العلوم والتكنولوجيا ساهر عريبي: «عام 2008 كان عام خير بالنسبة الينا، حيث فازت مجموعة من المخترعين العراقيين الذين ينتمون الى الوزارة بالجائزة الأولى على مستوى العالم ضمن مؤتمر ومهرجان ومعرض المخترعين العالميين، والذي عقد في الكويت، برعاية النادي العلمي الكويتي، فرغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها العراق، فإن ذلك لم يثنِ مبدعيه ومخترعيه عن تحقيق النجاح في الجانب العلمي».

البرلمان

• النائبة المستقلة صفية السهيل: «أتمنى أولا أن يعم الخير والسلام والأمن على عموم العراق، وأن يُهدى جميع قادتنا السياسيين الى عمل مافيه خير لأمتنا، والبعد عن المحاصصة الطائفية التي أثرت كثيرا وبشكل سلبي، في مناهل الحياة العامة خلال الأعوام الخمسة الماضية، وأتمنى أن يكون العام المقبل عام خير ووئام على الجميع، خاصة انه سيتم في أواخره انتخاب برلمان جديد وقيادة سياسية جديدة».

• النائب عن «التحالف الكردستاني» محمود عثمان: «أولا أتقدم بالتهاني القلبية الى جميع العراقيين العرب والأكراد بمناسبة أعياد الميلاد، متمنيا أن يعم السلام والأمن في أرجاء وطننا الحبيب، وأؤكد أنه رغم بعض المنغصات التي عشناها خلال عام 2008 بين الكرد والعرب، لكن العلاقة تبقى قوية ومتينة بين الشعوب لأنها هي الباقية».

• النائب عن «جبهة التوافق» سليم الجبوري: «عام 2008 كان يحمل بعض الاخفاقات السياسية، وبعض الانجازات، لكننا في الجبهة سنعمل على أن يكون عام 2009 عام تقدم كبير في الجانب السياسي، وأن نكمل إطلاق سراح كل المعتقلين من السجون الأميركية والعراقية، كي ينخرطوا في مجالات الحياة ويبدأوا حياة جديدة».

• النائب عن الكتلة المسيحية يونادم كنة: «عام 2008 من أسوأ الأعوام التي مرت على مسيحيي العراق، إذ جرت عمليات قتل ضدهم، هجرت الكثير منهم في مدينة الموصل، إضافة الى حجب حق التصويت والانتخاب عنهم، ومن ثم السماح لهم بذلك ولكن بنسبة مجحفة جدا، ولكن نأمل أن يكون العام الجديد عام خير ومحبة وسلام على جميع العراقيين ومن ضمنهم المسيحيون».