فاجأ وزير النفط العراقي المراقبين مع بداية العام بأن حقل «مجنون» العملاق حقل مشترك مع ايران، مؤكدا ان مصالح العراق تبرر مُضي بلاده في تطوير الحقول قبل انتهاء المفاوضات مع الجيران.قال مصدر مطلع في مؤسسة البترول الكويتية ان الكويت كانت تفضل التوصل الى اتفاق مع العراق، بشأن الحقول المشتركة في المنطقة الشمالية قبل ان يمضي العراق قدما في خططها لتطوير الانتاج من هذه الحقول. وكانت قد بدأت مشاورات مع الكويت وإيران بشأن حقول النفط المشتركة الواقعة على حدود البلدان الثلاثة، على الرغم من طرح العراق لهذه الحقول في المرحلة الثانية من مراحل مناقصات تطوير الحقول قبل التوصل الى توافقات بشأنها. وكان وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني قد فاجأ المراقبين في الرابع من يناير الجاري، عندما وصف حقل مجنون العملاق الذي تقدر احتياطياته بنحو 12 مليار برميل، وهو أحد الحقول المطروحة في مناقصات التطوير، بأنه حقل مشترك مع ايران.وقال الشهرستاني ان مصالح العراق الوطنية تبرر مضي بلاده في تطوير هذه الحقول قبل انتهاء مفاوضاته بشأنها مع جيرانه. وأضاف متحدثا لصحيفة «الصباح» الاردنية ان لكل دولة الحق في الانتاج من الحقول الحدودية المشتركة، ولكنها يجب ان تأخذ في الاعتبار ما انتجته من هذه الحقول في السنوات السابقة، بحيث تحصل كل دولة على نصيبها العادل من ذلك الانتاج.ويشير الوزير بذلك الى كميات النفط التي انتجتها كل من الكويت وايران في السنوات السابقة من حقولها الحدودية مع العراق، في وقت كانت فيه الاخيرة غير قادرة على تطوير قدراتها الانتاجية من هذه الحقول.ورغم الاستعداد الذي ابدته كل من دولة الكويت وإيران للتوقيع على اتفاقيات الحقول الحدودية المشتركة مع العراق، فإن الاخيرة قررت من جانبها المضي في تطوير هذه الحقول لأن «الانتظار ليس في مصلحة الشعب العراقي»، على حد تعبير الشهرستاني. وقد تضمنت المرحلة الثانية لتطوير الحقول الحدودية كلا من حقول بدرة والسيبا ومجنون، والتي كشف النقاب عنها في 31 ديسمبر الماضي.وكان النظام الدكتاتوري البائد في العراق قد استخدم مزاعمه القائلة باستيلاء الكويت على نفط عراقي من الحقول الحدودية المشتركة كذريعة لجريمة غزوه الكويت. ويبلغ عدد الحقول التي دعت العراق الشركات الاجنبية الى تطويرها بموجب عقود خدمة طويلة الاجل 11 حقلا للنفط والغاز من بينها الحقول الحدودية المشار اليها.ويقع حقل السيبا وهو حقل صغير نسبيا في الجنوب الشرقي من ميناء البصرة جنوب العراق المطل على شط العرب. ويبلغ الاحتياطي المؤكد من النفط به نحو 100 مليون برميل، اضافة الى 900 مليار قدم مكعبة من الغاز الحر، ويقدر معدل إنتاجه اليومي بنحو 10 الاف برميل من النفط ونحو 125 مليون قدم مكعبة من الغاز، أما حقل بدرة وهو صغير نسبيا فيقع في الوسط الشرقي من الحدود الفاصلة بين العراق وايران، أي في محافظة واسط وبه احتياطي مؤكد يصل الى 300 مليون برميل، ويقدر انتاجه اليوم بنحو 30 ألف برميل.واهم الحقول المشتركة هو حقل مجنون العملاق الذي كان العراق قد اتفق مع شركة توتال الفرنسية على تطويره، وتبلغ قدرته الانتاجية اكثر من 600 الف برميل في اليوم. ووفقا لتقديرات خبير جيولوجي عراقي، فإن هذا الحقل يقع بالكامل داخل الحدود العراقية. وكان نائب وزير الخارجية العراقي محمد الحاج حمود قد اعلن في مطلع عام 2008 ان بلاده بعثت بشكوى رسمية الى ايران، مما وصفه استيلاء الاخيرة على 15 بئر عراقية في منطقة الحدود يتضمن بعضها آبارا تابعة لحقل مجنون. وقد توصل البلدان منذ ذلك الحين الى حل جميع الخلافات الحدودية التي ظلت معلقة بعد حرب السنوات الثماني بينهما. وكانت ايران قد رفضت آنذاك اتهامات العراق، وكشف مصدر بوزارة النفط الايرانية ان هناك اتفاقا بين البلدين تحصل ايران بموجبه على نفط من حقول في البصرة بجنوب العراق تقوم بمعالجته في مصفاة عبدان بإيران، ثم تعيده مكررا إلى العراق.وأعرب خبراء عراقيون عن دهشتهم من قول الشهرستاني ان حقل مجنون هو حقل مشترك مع ايران، بينما هو حقل تقع حدوده داخل الاراضي العراقية، وقال احدهم ان اقرب بئر في الحقل الى حدود ايران يبعد بنحو كيلومترين عن خط الحدود.ولم تتضمن الخطة العراقية الجديدة اي تطوير لحقول في المنطقة الشمالية، اي كردستان، وذلك بسبب الخلاف المستمر بين الحكومة العراقية والحكومة الاقليمية لكردستان بشأن السياسة النفطية التي تتبعها الاخيرة. وتعارض بغداد عقود المشاركة في الانتاج التي ابرمتها حكومة كردستان مع شركات النفط الاجنبية من دون الرجوع الى سلطتها التي ترفض هذا النوع من العقود، لانه يتم منحه دون اتباع الاجراءات الخاصة بطرحه في مناقصات علنية، او دون شفافية ودون موافقة من الحكومة المركزية.من جانب آخر، تنتقد جبهة التوافق العراقية، وهي اكبر تجمع للمسلمين السنة في العراق ولها 45 مقعداً من أصل 275 في البرلمان العراقي، قيام الحكومة بمنح حقوق تطوير احتياطيات النفط العراقي بكاملها الى شركات نفط اجنبية، وترى ان هذا التطوير يجب ان يتم بواسطة شركات النفط الوطنية.وقالت «التوافق» في الخامس من يناير الجاري ان حكومة بغداد قد منحت خلال الاشهر القليلة الماضية عقودا إلى شركات نفط اجنبية من دون اتباع نظام المناقصة العلني للقيام بتطوير وانتاج النفط في العراق، وانها تسعى الى طرح معظم حقول النفط والغاز المتبقية في مزاد مفتوح لهذه الشركات.ويبلغ احتياطي الحقول التي منحت لشركات نفط اجنبية في العراق حتى الآن وذلك في مرحلتي التطوير الاولى والثانية وشملت 24 حقلا نحو 95 مليار برميل، ويعادل ذلك نحو 90 في المئة من احتياطي العراق المؤكد من النفط. ويقدر احتياطي العراق بنحو 115 مليار برميل، ويعتقد الخبراء ان الاحتياطي سيكون ضعف هذه الكمية عند استكمال الاستكشافات وعمليات التطوير الحالية.وتنتقد التوافق وزارة النفط لفشلها في بناء مصاف او مستودعات تخزين كافية، وكذلك اصلاح ما اتلف من البنية التحتية لقطاع النفط طوال فترة السنوات الخمس التي انقضت على سقوط نظام الطاغية صدام حسين.«بلاتس أويلي غرام نيوز»
اقتصاد
النفط والطاقة العراق ماضٍ في تطوير حقوله الحدودية قبل استكمال مفاوضاته مع الكويت وإيران 95 مليار برميل في 24 حقلاً تم التعاقد بشأنها مع شركات أجنبية... والاحتياطي مرشح للتضاعف
13-01-2009